اليمن: رسائل ودلالات زيارة وفد مجلس الأمن الدولي لصنعاء
اعتبر مسؤولون ومحللون يمنيون أن حضور رئيس وأعضاء مجلس الأمن الدولي إلى صنعاء غدا الأحد يعطي رسائل متعددة للداخل والخارج عن حرص المجتمع الدولي على أمن اليمن ووحدته واستقراره، ورعايته المباشرة للتسوية السياسية وانتقال السلطة سلميا وفقا لما نصت عليه المبادرة الخليجية.
وتأتي زيارة أعضاء مجلس الأمن للعاصمة اليمنية في ظل مصاعب تواجه انعقاد مؤتمر الحوار الوطني المرتقب، بعد تصاعد الخلافات بين الأحزاب السياسية بشأن اختيار قوائم ممثليها في مؤتمر الحوار، وتصاعد تحركات قوى بالحراك الجنوبي مطالبة بالانفصال ورفض المشاركة بالحوار.
وسيجري وفد مجلس الأمن محادثات مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ورئيس وأعضاء حكومة الوفاق الوطني التي شكلت بأعقاب تنحي الرئيس السابق علي عبد الله صالح عقب توقيعه على المبادرة الخليجية بالعاصمة السعودية الرياض في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، رضوخا للثورة الشعبية السلمية التي طالبت برحيله وإسقاط نظامه.
وكانت مصادر رئاسية يمنية أشارت إلى أن وفد مجلس الأمن سيكون برئاسة المندوب الدائم لبريطانيا مارك ليال، الرئيس الحالي للمجلس، بالاشتراك مع مندوب المغرب محمد لوليشكي، ممثلا عن المجموعة العربية.
رسالة قوية
بينما قال وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي في تصريحات صحفية إن أعضاء مجلس الأمن سيعقدون اجتماعا استثنائيا في صنعاء، واعتبر أنها “رسالة قوية تؤكد دعم مجلس الأمن للرئيس هادي وحكومة اليمن بشأن تنفيذ المبادرة الخليجية”.
كما سيشارك مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر، والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي في المحادثات التي سيجريها وفد مجلس الأمن مع المسؤولين اليمنيين والقوى والأحزاب والتيارات المختلفة، والتي تهدف لحثهم على المشاركة بمؤتمر الحوار والوصول إلى اتفاق بشأن الدستور الجديد وشكل الدولة وطبيعة النظام السياسي للبلد.
وفي حديث للجزيرة نت قال راجح بادي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء اليمني، إن زيارة رئيس وأعضاء مجلس الأمن لصنعاء تؤكد أن “المجتمع الدولي مع اليمن الموحد الآمن المستقر، وتعطي رسالة واضحة للفرقاء باليمن لكي يجلسوا على طاولة الحوار الوطني، وأنه لا يوجد طريق أو وسيلة لأي طرف سياسي أو قوى حزبية أو جماعة مسلحة إلا طريق الحوار الوطني للحصول على الحقوق التي يطالبون بها”.
وأضاف” بادي أن حضور أعضاء مجلس الأمن إلى صنعاء يؤكد بأن “المجتمع الدولي يراقب عن كثب عملية نقل السلطة باليمن أولا بأول، والتي يجب أن تصل إلى منتهاها وفقا لما تنص عليه المبادرة الخليجية وقرارا مجلس الأمن الدولي 2014 و2051، وأنه لا توجد أي إمكانية لأي طرف سياسي لعرقلة انتقال السلطة والتغيير السياسي”.
رعاية دولية
من جانبه اعتبر رئيس مركز دراسات المستقبل، فارس السقاف، في حديث للجزيرة نت أن “مجيء رئيس وأعضاء مجلس الأمن إلى العاصمة صنعاء يؤكد أن التسوية السياسية باليمن تحظى باهتمام ورعاية دولية وإقليمية، كما يؤكد حرص الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي على ضمان وحدة واستقرار اليمن وعدم السماح بأن يتحول إلى دولة فاشلة”.
وأشار إلى أن حضور مجلس الأمن إلى صنعاء جاء ليعطي رسالة واضحة لكل الأطراف باليمن بأن مؤتمر الحوار الوطني سيمضي إلى منتهاه، وأن أصحاب المشاريع المعرقلة للحوار سيفشلون وسيتعرضون لعقوبات مجلس الأمن الدولي.
ولفت إلى أن الرسالة الأخرى موجهة لكافة القوى اليمنية بأن العاصمة صنعاء جاهزة من الناحية الأمنية واللوجستية لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني، وتأمين المشاركين بالحوار من كافة القوى، وأن قوات الأمن والجيش باتت تحت سيطرة الرئيس هادي وخاصة بعد قرارات هيكلة الجيش.
واعتبر السقاف أن “الرسالة الخارجية هي لإيران وحلفائها بالداخل اليمني الذين يعارضون المبادرة الخليجية، وأيضا للقوى الانفصالية بالجنوب التي تتهم إيران أيضا بدعمها، ولتأكيد أن أمن اليمن ووحدته واستقراره مهمة أساسية لدول مجلس الأمن الدولي”.
لحظة نادرة
هذا فيما يرى المحلل السياسي ياسين التميمي في حديث للجزيرة نت أن “وجود أعضاء مجلس الأمن الدولي في العاصمة اليمنية، هي لحظة نادرة في التاريخ، حيث تتبوأ خلالها صنعاء ولعدة ساعات، موقعها كعاصمة للعالم”.
وباعتقاد التميمي أن “هذا الحدث الدبلوماسي العالمي، ما كان له أن يكون في بلد مثل اليمن ولأجله أيضا، دون الأخذ في الاعتبار حاجة المجتمع الدولي إلى المحافظة على الإجماع الاستثنائي حيال اتفاق التسوية السياسية في اليمن، وتأسيسه كنموذج لحل الإشكاليات المعقدة التي أفرزتها ظاهرة الربيع العربي، بالإضافة لما يمثله فشل هذا البلد من نتائج وخيمة على واحدة من أكثر مناطق العالم أهمية اقتصاديا وحيوية”.
وأشار إلى أن حضور مجلس الأمن لصنعاء يعكس خطورة الوضع باليمن في ظل تنامي الاحتجاجات المطالبة بانفصال الجنوب، وتوسع الحوثيين بصعدة وتمددهم لمناطق أخرى، وزيادة نشاط إيران باليمن، فضلا عن التحالف الخفي لبقايا نظام الرئيس المخلوع صالح مع الحراك الجنوبي والحوثيين، الأمر الذي يهدد بتقويض اتفاق التسوية السياسية برمته.
الجزيرة نت