اليمن.. السلاح يغرق عدن المسالمة
لم تعد عدن تلك المدينة التي عرُفت قديماً بتعايشها الديني وملازمتها للسلام، بعد أن غرقت مؤخراً في مستنقع انتشار السلاح بين مدنييها تزامناً مع احتدام المواجهات بين اللجان الشعبية الجنوبية من جهة، وقوات عسكرية موالية للرئيس اليمني السابق علي عبدالله ولجماعة الحوثيين من جهة ثانية.
ومع انطلاق المواجهات المسلحة على مشارف عدن جنوبي اليمن، الأسبوع الماضي، تركت القوات العسكرية المتمردة على الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي – تزامنا مع وصول الحوثيين – مواقعها ومعسكراتها بعد مواجهات مع المقاومة الشعبية، مخلفة ورائها كميات هائلة من الأسلحة والذخائر التي تعرّضت لاحقاً إلى عمليات نهب واسعة من قبل العامة، ليتجه جزء من أبنائها بعد حصولهم على الأسلحة إلى جبهات القتال، فيما لجأ آخرون إلى المتاجرة بالسلاح المنهوب.
وعلى الرغم من أجواء الحرب التي تعيشها عدن، إلا أن عمليات النهب مستمرة، يستلهم المدنيون من خلالها عمليات النهب الواسعة التي طالت المؤسسة العسكرية من قبل جماعة الحوثيين قبيل سيطرتهم على العاصمة اليمنية صنعاء.
وأصبح انتشار السلاح الخفيف والمتوسط وصناديق الذخائر في المدينة التي اشتهرت بمدنيتها، يشكّل كارثة مستقبلية تهدد استقرار المدينة.
ويعرب الصحافي حسين حنشي عن اعتقاده أن أخطر ما سيواجه الدولة والمجتمع في مرحلة ما بعد الحرب الحالية هو مصير هذا السلاح المنتشر.
وانتقد الحنشي في حديثه لـ”شبكة إرم” عملية النهب التي طالت المعسكرات، وبحسبه فإن “عدن مدينة مدنية، وكمية السلاح المهول فيها تشكل خطرا حتى على تقاليدها الراسخة وطريقة عيشها المستقبلية، فقد تفقد هذه المدينة ميزتها فتصبح كمأرب إن كنا متشائمين أو كصنعاء في أحسن الأحوال”.
ودعا السلطات المحلية إلى سرعة العودة وتفعيل دورها، وتشكيل لجان تابعة للجيش تقوم بحصر الفرق المتسلحة بالسلاح الثقيل، وضرورة تفعيل شرط سحب الأسلحة تدريجياً ولو بالشراء من أيدي المواطنين.
وعن ظروف النهب وملابسات اقتحام المعسكرات من قبل الموطنين، يرى المحلل السياسي منصور صالح، أنه لا وجود لأي مبرر لأن تترك الأجهزة الأمنية والعسكرية ولا اللجان الشعبية مواقعها وتتخلى عن مهامها في حماية المؤسسات العسكرية في عدن، “خاصة بعد أن علمنا أن ذلك تم دون سبب”.
وقال صالح إن “اختفاء قيادة المحافظة وكافة مسؤوليها وتخليهم عن حماية مؤسساتها الحيوية وحتى عدم ظهورهم إلى الناس، يشير إلى وجود مؤامرة استهدفت إسقاط عدن في الفراغ”.
واضاف أن فتح مخازن السلاح في جبل حديد للنهب يشير إلى أمرين مهمين هما أولا: أنه سبق نهب هذه المخازن بصورة منظمة ولصالح جهات معلومة وأخرى غير معلومة، ومن ثم تركت للنهب العام لتغطية عملية النهب الأولى، وثانيا : هناك من أراد إدخال المدينة في الفوضى والخوف وإقلاق السكينة العامة وتعزيز فرض انتشار الجريمة خاصة بعد إن أصبح السلاح في متناول الجميع، ومن بينهم عناصر متشددة يمكن أن تكون سببا لمعاناة كبيرة في المستقبل”.
وأشار في حديثه لـ”شبكة إرم” إلى أن هناك مخاوف من أن يؤول مصير هذه الأسلحة إلى الجماعات المتشددة التي ستلجأ إلى شرائها وبمبالغ خيالية ممن قاموا بنهبها والعاجزين عن تقدير خطورة ما بأيديهم، كما قد تتشكل عصابات للجريمة المنظمة تمارس النهب والقتل في حال تأخر حسم الأمور ولم تستعد الدولة مكانتها وسطوتها سريعا، فعدن والجنوب فعلا أمام مشكلة حقيقية إن لم يتم تداركها بحسم المعركة سريعا وسحب السلاح المنهوب.
وقال رئيس مركز مسارات للاستراتيجيا والإعلام، باسم الشعبي، في حديثه لـ”شبكة إرم”، إنه يتمنى على الشباب الذين تمكّنوا من الحصول على السلاح، استخدامه في المقاومة الشعبية، لا في إقلاق سكينة الناس وإثارة الفوضى.
وأشار إلى ضرورة تحرك الحراك الجنوبي – المطالب بالانفصال – والقوى السياسية والاجتماعية المختلفة، بشكل فوري لتشكيل إدارة تدير المحافظة وشؤون الناس ومنع حدوث الفراغ الحالي الذي يقود إليه غياب السلطة المحلية لمحافظة عدن.
نقلا عن ارم نيوز