غالب : الإعفاءات أرهقت موارد الدولة ولم تأت باستثمارات
أكد أن المصلحة ستتعامل بمرونة مع الملتزمين بضريبة المبيعات وبصرامة مع المخالفين تنفيذاً لتوجيهات الرئيس:
غالب : الإعفاءات أرهقت موارد الدولة ولم تأت باستثمارات
- عدم إدراك بعض مكونات القطاع الخاص لمسؤوليته الاجتماعية أدى إلى التدهور الاقتصادي وجعل الدولة عاجزة عن القيام بواجباتها تجاه مواطنيها.
- ما يدفعه الأخوة في القطاع الخاص وهم يستحوذون على 80% من الدخل القومي للبلد لا يتجاوز 25% مما يدفعه موظفو الدولة.
- عندما تعجز الدولة عن الوفاء بالتزاماتها لن تكون هناك دولة ولا اقتصاد .
- الدولة نفذت ما ألتزمت به ولم يف الأخوة في القطاع الخاص بالتزاماتهم.
أكد رئيس مصلحة الضرائب أحمد غالب أن المصلحة ستقوم بتنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية بشأن تنفيذ قانون الضريبة على المبيعات تنفيذاً شاملاً على جميع كبار المكلفين واعتماد آلية مبسطة لصغار المكلفين، مشيراً إلى أن المصلحة ستتعامل بكل مرونة مع الملتزمين وبكل صرامة مع المخالفين .
وقال غالب أن الإعفاءات التي منحت خلال السنوات الماضية كان معظمها لمشاريع وهمية ،الأمر الذي أفقد خزينة الدولة موارد كبيرة، منوهاً بأن حزمة التشريعات التي أقرتها الحكومة قبل نحو عامين نقلت الإعفاءات من قانون الاستثمار إلى قوانين الضرائب والجمارك بحيث تقتصر الإعفاءات على المشاريع المنفذة على أرض الواقع، محذراً من أي محاولة لعودة تلك الإعفاءات نظراً لمخاطرها الكبيرة على موارد الدولة والاقتصاد .. وهذا نص اللقاء:
* بعد صدور توجيهات فخامة الأخ رئيس الجمهورية بالتطبيق الكامل لقانون الضريبة العامة على المبيعات هل ستقوم المصلحة بالتنفيذ الفوري؟
- طبعاً التوجيهات صدرت من فخامة رئيس الجمهورية بتنفيذ القانون تنفيذاً شاملاً على جميع كبار المكلفين واعتماد آلية مبسطة بالنسبة لصغار المكلفين ،لم نطلع على التفاصيل بعد لكنها بهذا المحتوى ،ما تم الاتفاق عليه مع المنظمات الدولية التي تقوم بمساعدة مصلحة الضرائب في الإصلاحات الضريبية ،والمقترح لهذه القوانين والإجراءات في هذا المجال .فلا أعتقد أنه ستكون هناك مشاكل والتطبيق سيكون إن شاء الله سلساً ،وسنتعامل بكل مرونة مع الملتزمين وبكل صرامة مع المخالفين .
* هل تتوقع أن ترتفع الإيرادات الضريبية في حال التطبيق الكامل للقانون؟
- نتوقع أن ترتفع وبالتدريج ،ستكون طبعاً هناك بعض المشاكل في ما يتعلق بالماضي، وفي الحاضر،لكن نأمل أن يكون هناك التزام بالتعليمات الصادرة من فخامة الأخ رئيس الجمهورية وإن شاء الله تتحسن الإيرادات وتزول كل الإشكالات التي كنا نعاني منها في الماضي سواء في القطاع التجاري أو في مصلحة الضرائب .
الدولة أوفت بالتزاماتها
* اتفقتم في سنوات سابقة مع القطاع الخاص أنه يتم إجراء تعديلات على القوانين الضريبية والجمركية والاستثمار بحيث أن تنقل الإعفاءات وعلى أن يتم تخفيض ضريبة الدخل من 35% إلى 20% مقابل التطبيق الكامل لقانون الضريبة على المبيعات لكنهم لم يفوا بالتزاماتهم . فالي ما ترجع ذلك؟
- طبعاً الدولة والحكومة أوفت بكامل التزاماتها وقامت بتخفيض الضرائب من 35% إلى 20% و15% وأوجدت حوافز حقيقية للمشاريع القائمة على أرض الواقع وليس المشاريع الوهمية ،كما أعطت الثقة الكاملة للمكلفين بتقديم إقراراتهم الضريبية وفقاً لمبدأ الإقرار الذاتي وتعميد محاسب قانوني ،أيضاً أوجدت حوافز حقيقية تتعلق بالمشاريع الإستراتيجية والتي توظف عمالة ،وكل هذه الأمور أيضا تم الاتفاق عليها ومناقشتها على طاولة واحدة .فالدولة نفذت ما ألتزمت به ولم يف الإخوة في القطاع الخاص بالتزاماتهم من حيث تطبيق القوانين الضريبية وأولها قانون ضريبة المبيعات أيضاً الالتزام الطوعي باقراراتهم الضريبية معمدة من محاسب قانوني ،وتقريباً نسبة الملتزمين ولو شكلياً لم تتجاوز 54% ،البقية من كبار المكلفين لم يلتزموا بهذه الإجراءات ونحن نقوم باتخاذ الإجراءات القانونية مثل فرض الغرامات القانونية أو بإحالتهم إلى النيابة لاستكمال إجراءات مقاضاتهم .
عدم إدراك
* لماذا البعض من القطاع الخاص كلما حصلوا على مزايا وتخفيضات جديدة نقضوا الاتفاقات السابقة وقدموا متطلبات أخرى؟
- تقريباً هو عدم إدراك لمسؤولياتهم الاجتماعية في البلد لأنه ما يدفعه الإخوة في القطاع الخاص وهم يستحوذون على 80% من الدخل القومي للبلد لا يتجاوز 25% مما يدفعه موظفو الدولة الذين يتقاضون مرتبات هزيلة لا تفي بمتطلباتهم اليومية، عدم هذا الإدراك هو ما أوصلنا إلى هذه الحالة من التدهور الاقتصادي الذي جعل الدولة عاجزة عن القيام بواجباتها تجاه مواطنيها ،لو أن القطاع الخاص يحس بمسؤولياته ويقوم بدفع ما عليه لمكن الدولة من الوفاء بالتزاماتها وتحسين معيشة شعبها ولاستفاد القطاع الخاص من هذا الوضع لأنه في حال التدهور الاقتصادي الخاسر الأكبر فيه هم القطاع الخاص لأنه ليس هناك من قوة شرائية ولا نشاط اقتصادي يبنى عليه،ولهذا أنا أعتقد بالإدراك الواسع وعدم التفكير الآني يمكن للقطاع الخاص أن يربح بل ويربح كثيراً على المدى المتوسط والطويل، لكن الحصول على كل المزايا دون النظر بشمولية إلى وضع البلد وموارده والتزاماته اعتقد أنه نظرة خاطئة وغير موفقة.
إعفاءات لمشاريع وهمية
* ألا ترى أن تساهل الحكومات المتعاقبة في التطبيق الكامل للقانون خلال السنوات الماضية قد أدى إلى تكبيد الموازنة أو الخزينة العامة للدولة خسائر كبيرة؟ وكم تقدرون حجم هذه الخسائر؟
- أنا أعتقد أن عدم الإدراك من الجانبين لخطورة الأمر هو ما أوصل البلد إلى هذا الوضع ،الدولة تكبدت خسائر كبيرة من جراء الإعفاءات غير المنضبطة وغير المحكومة بقوانين وإجراءات صارمة ،كان الباب مفتوحاً للإعفاءات لمن هب ودب ومعظم هذه المشاريع التي منحت إعفاءات هي مشاريع وهمية ليس لها وجود على أرض الواقع ،ولهذا الدراسة المتعمقة للوضع الاقتصادي وسبب تناقص موارد الدولة ووصولها إلى وضع حرج كان التفكير بالاستعانة بالمنظمات الدولية لتقييم الوضع الاقتصادي وأوصت بتعديل العديد من القوانين منها قانون الضرائب وقانون الجمارك وقانون الاستثمار ونوقشت هذه القوانين كحزمة واحدة واستبدلت الحوافز التي كانت تمنح بدون ضوابط بحوافز حقيقية تمنح من خلال الهيئات المسئولة عن الضرائب والجمارك للمشاريع القائمة على أرض الواقع فعلاً،وتم تغيير دور الهيئة العامة للاستثمار من هيئة تمنح الإعفاءات إلى هيئة تقدم تسهيلات وتقوم بالترويج للفرص الاستثمارية، وهذا هو المناط بها حالياً .جميع الإعفاءات نقلت إلى قوانين الضرائب والجمارك وبمشاركة الجميع بما فيها القطاع الخاص وأيضاً المانحين وخبراء دوليين مشهود لهم وأخذت فيها أفضل التطبيقات سواء في المنطقة أو العالم وهذه القوانين جديدة ولم يمر على تطبيقها فترة طويلة لم تتجاوز السنة.
هيئة لتبديد الموارد
* ما رأيك في توجه البعض في الحكومة لإجراء تعديل في قانون الاستثمار؟
- لا أعتقد أن هناك توجهاً من الحكومة ،لأن الحكومة تدرك أنها بحاجة إلى كل هذه الموارد وخصوصاً في ظل تخفيض الضرائب إلى نسب متدنية والجمارك وأيضاً في ظل عدم التزام من كبار المكلفين في تسديد ما عليهم وأيضاً الدروس المستفادة من التجربة الماضية أن هذه الإعفاءات أرهقت موارد الدولة ولم تأت باستثمارات ولم تحسن الوضع ولم توظف العمالة التي كان مأمول فيها وإنما كانت باباً واسعاً من أبواب الفساد استغله أصحاب النفوذ للحصول على إعفاءات لبيعها في السوق المحلية، كانت هيئة لتبديد الضرائب والجمارك ولم تكن هيئة للاستثمار.ونعتقد أن ما ينادي به الإخوة في هيئة الاستثمار هو العودة لهذا الدور .
* ذكرت في تصريح للصحيفة بأن التفكير في إجراء تعديلات وعودة الإعفاءات يعد انتحاراً اقتصادياً كيف تفسر ذلك؟
- الأمر بسيط في ظل موارد ضريبية بمعدلات متدنية جداً ،وفي ظل عدم التزام الإخوة المكلفين ،وفي ظل حاجة الدولة إلى موارد كبيرة ومواجهة الالتزامات الكبيرة والمتصاعدة سواء في الجانب الاجتماعي أو في جانب البنى التحتية، وفي ظل اعتراض المانحين ،التفكير في ضياع ما تبقى من هذه الموارد هو انتحار، ولا أعتقد أن هناك تشبيها أفضل للوضع الذي يمكن أن يحصل لو تم جرجرة الحكومة إليه.
تهرب ضريبي
* معظم بلدان العالم تعتمد موازناتها على الضرائب بنسبة 100% ومن ذلك دول متقدمة كأمريكا وأوربا بينما في بلادنا لا تمثل الضرائب سوى نسبة بسيطة تتراوح بين 20-30% فما تفسيرك لهذا الوضع؟
- تفسيري عدم الوعي الضريبي وهذا الجانب يجعل الكثير يتهرب من دفع الضرائب ، التهريب الواسع والذي يتبعه أيضاً تهرب ضريبي لأنك لا تستطيع أن تعرف حجم البضائع ولا قيمها الحقيقية ،أيضا التاجر الذي يتعامل مع هذه الضرائب ،الإعفاءات التي كما قلت بأنها كانت بدون ضوابط وبدون حدود وهي إعفاءات كبيرة ،أيضاً بعض الموارد لا تدخل في حساب مصلحة الضرائب مباشرة وإنما تذهب إلى حساب وزارة المالية ومنها الضرائب على شركات النفط وهذه العوامل كلها تجعل النسب متدنية .
* لماذا بعض الجهات العامة لا تورد الضريبة للمصلحة؟
- لأنها تستخدم الضرائب لمواجهة نفقاتها ،بعض المؤسسات العامة تخصم الضريبة لكنها تستخدمها لمواجهة التزاماتها . ونحن نعيد الجدولة للبعض الملتزم وندخل في المحاكم والتحكيم لحل البعض الأخر.
القيم الجمركية متدنية
* ما هي الحلول برأيك للقضاء على التهرب الضريبي ؟
- الالتزام الصارم بتنفيذ كل القوانين سواء كانت قوانين مالية أو ضريبية أو أخرى ،العمل على مكافحة التهريب والتهرب وبالذات مكافحة التهريب ،القضاء على التدليس والغش الجمركي لأننا نعتقد أن الكثير من القيم في الجمارك التي تذهب بنسبة كبيرة من الجمارك والضرائب ليست قيم حقيقية وإنما قيم متدنية ولا تزيد في أحسن الأحوال بين 20 و 30% .
أنا كنت أقول هذا الكلام وكان الإخوة في الجمارك يعترضون عليه، لكن من خلال الندوة التي عقدت مؤخراً في مدينة الحديدة كان هناك اعتراف واضح من المنفذين في الميدان أن القيم لا تعكس الحقيقة بل ربما أنا كنت أبالغ حينما قلت أنها ما بين 20- 30% وهي ربما أقل من ذلك .
ونأمل أن الفترة القادمة تشهد تحسناً في هذا المجال مع مضايقة المهربين في المدن الرئيسية لان البضائع المهربة ألان تباع أمام الجهات المعنية في المدن الرئيسية سواء في العاصمة أو في عواصم المحافظات . وعندما الأمن لا يضايق المهربون ولم تصادر بضائعهم في المدن الرئيسية فسيستمر التهريب لان هناك حافز كبير لكن عندما يضايق المهربون سواء في عواصم المحافظات سيكون التهريب على الأقل في حدوده الدنيا.
القضاء على التهرب
* ألا ترى بأن التطبيق الكامل لقانون الضريبة العامة على المبيعات سيحد من التهرب والتهريب؟
- تطبيق ضريبة المبيعات هو احدى الوسائل التي ستقضي على التهرب أي انه سيحد من التهرب والتهريب ،عندما الشخص يشتري ضرائب مهربة وهذه البضائع بالطبع ليست خالية من الكلفة بل فيها كلفة التهريب وبالتالي عندما ترتفع كلفة التهريب فلن يكون هناك مجال للتاجر الملتزم أن يشتري بضائع مهربة لأنها تكون كلفتها أعلى من البضائع التي تدخل من القنوات والمنافذ الرسمية لأنه يستطيع استعادة ضريبة المبيعات التي دفعها للتاجر الذي قبله لكن في حالة السلع المهربة لا يستطيع استرداد أي كلفة وبالتالي أيضا إصدار الفاتورة والالتزام بها وتقديم الإقرار أيضا يجعل أي تاجر يحجم عن التعامل مع البضائع المهربة.
عجز
* أريد أن أسال في حال تراجع إنتاج وإيرادات النفط وفي حال عودة الإعفاءات الضريبية فكيف سيكون وضع الموازنة العامة للدولة؟
- لن تكون هناك موازنة لأن الدولة لن تستطيع الوفاء حتى بمرتبات الموظفين لان المرتبات الآن تقترب من تريليون ريال بينما كل الإيرادات الضريبية والجمركية لا تتجاوز 620 مليار ريال أي 60% من المرتبات ،وفي ظل التهاون في تطبيق القوانين وخاصة المالية والضريبية وعدم مكافحة التهرب والتهريب ،وعدم الاستفادة من الموارد الأخرى وتنميتها وتنويع مصادر الاقتصاد ،وفي حالة نضوب أو تراجع النفط أو انقطاعه فلن تستطيع الدولة الوفاء بالتزاماتها في الحدود الدنيا خاصة في المرتبات .
وتصور دولة لا تستطيع أن تدفع مرتبات موظفيها ماذا سيكون الحال ،ناهيك عن الالتزامات الأخرى سواء خدمة الديون أو تشغيل المرافق أو تقديم الخدمات وما إلى ذلك .
عندنا مشكلة كبيرة أيضا وهي الدعومات في البترول والكهرباء وهي دعومات تستنزف موارد كبيرة وبقاء هذه الدعومات كما هي بدون ضوابط وعدم المعالجة سوف تسبب اختلالاً كبيراً وتشوهاً في إعادة توزيع الموارد وفي عدم توجيهها التوجيه الأمثل لتنويع موارد الاقتصاد وتقديم الخدمات للمواطنين .
* هل تتوقع أن يتعرض الاقتصاد للانهيار في حال عودة الإعفاءات وتراجع إنتاج وإيرادات النفط ؟
- طبعاً في ظل انعدام هذه الموارد التي تمثل لك حوالي 70% من موارد الموازنة و90% من موارد النقد الأجنبي لا يمكن أن تستمر الدولة ،وإذا لم تفكر الدولة الآن في تنمية مواردها الذاتية سواء الإيرادات الضريبية والجمركية والموارد الأخرى واستغلال الموارد في القطاعات الإنتاجية ،فاعتقد أنها لن تستطيع البقاء كدولة .و هذا شيء معروف وكل خبراء الاقتصاد يحذرون من حدوث مثل هذا السيناريو من سنوات عديدة وينصحون باستغلال فرصة ووفرة الإنتاج النفطي في تنويع موارد الاقتصاد ،ويقولون بالحرف الواحد لا تهدروا النفط في دعومات لا يستفيد منها المواطن ولا الوطن لان هذا رأس مال ،ورأس مال ناضب إذا بقيت تنفقه بدون أن تنميه ولا تخلق موارد رافدة للاقتصاد الوطني باستخدام هذه الثروة فسوف تنتهي .وقد يأتي يوم ربما تعجز فيه عن توفير أبسط التزاماتك وعندما تعجز الدولة عن الوفاء بالتزاماتها لن تكون هناك دولة ولا اقتصاد .