شركة عدن للأمن والسلامة

  

حوارات
اقرا ايضا

عيدروس النقيب :نرفض تكرار غزو الجنوب ونحذر من عواقبه المهلكة لمن يفكر فيه

عدن اليوم - خاص | الأربعاء 04 مارس 2015 04:08 مساءً

 

لم يستبعد تفكير الحوثيين بغزو الجنوب كحماقة جديدة.. ودعا الجنوبيين للدفاع عن الرئيس هادي مع استمرار مطالبتهم باستعادة الدولة.. وأشاد بالمظاهرات الشعبية.. ووصف الحوثيين بالصبية المسلحين وحوار موفنبيك  بالسريالي العبثي.. ونصح المشترك بالاستفادة من الماضي والاشتراكي بالتخلي عن المنهج التقليدي وعدم المشاركة في أي حكومة لا تقوم على انتخابات..

 د. عيدروس النقيب - عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني- لـ(اليقين):   

* نرفض تكرار غزو الجنوب ونحذر من عواقبه المهلكة لمن يفكر فيه

* الدفاع عن الرئيس هادي هو جزء من الدفاع عن القضية الجنوبية

* استمرار الحوار مع الحوثيين إقرار غير معلن بمشروعية الانقلاب المسلح

 

حاوره/ عبدالله مصلح

* بداية كيف تقرأ المشهد السياسي في بلادنا؟

- إن المشهد السياسي اليمني تحتشد فيه مجموعة من مظاهر التوتر والقلق التي تقف وراءها عوامل الشحن السياسي والمذهبي والطائفي بكل أسف، وهي عوامل لا تنتمي إلى عصر الدولة الوطنية بل تعود إلى عصور ما قبل الدولة، وما لهذه العوامل من آثار مدمرة على النسيج الوطني وعلى مقومات الاستقرار ناهيك عن التنمية والازدهار التي لم تعد قائمة في حساب بعض القوى السياسية الطامحة للنفوذ والتسلط.

* إلى أين يسير اليمن برأيك؟

- من المؤسف أن البلد أمام مجموعة من الاحتمالات التي أقلها سوءاً هو استمرار الصراع المسلح الناجم عن استمرار سيطرة النزعة العسكرية والأمنية في حل الخلافات السياسية والذي توّجته الحركة الحوثية بإسقاط منظومة الحكم الهشة وسيطرتها على صنعاء وبعض المدن وفرض خياراتها السياسية المتهورة والطائشة على بقية القوى السياسية بالقوة المسلحة.

في ضوء ذلك يمكن الحديث عن الخيارين الأساسيين اللذين تقف أمامهما اليمن، وما بينهما من تدرجات في الخيارات: الخيار الأول، وهو خيار استمرار الحرب، وهذا الخيار بكل أسف يتوهم الحوثيون أنهم سيتفوقون فيه على من يخالفهم، هذا الخيار ثمنه مرتفع جداً، وتعلمنا تجاربنا السابقة أن المنتصر فيه هو مهزوم في المحصلة الأخيرة، فهو يدمر ولا يبني ويفكك ولا يوحد، ويوسع الخصومات مقابل القضاء على عوامل الوئام.

 أما الخيار الثاني فهو خيار الحوار والتوافق، والحوار هنا لا يعني أن يأتي المسلح متمنطقا مسدسه طالباً من الآخرين أن يوافقوه على ما يطرح تحت التهديد بقوة السلاح.

 الحوار يكون بين أحرار متكافئين وأنداد في خياراتهم وقناعاتهم وقوتهم، لكن عندما يكون الحوار بين مسلح وأعزل فهو لا يختلف عن حوار الخاطف والمخطوف، حيث يطرح الخاطف شروطه وما على المخطوفين إلا الموافقة خوفاً من أن يقتل الرهينة.

* هل ترى أن الرئيس هادي كان صائباً بانتقاله إلى عدن وسحب استقالته؟

- بالتأكيد إن الرئيس هادي عندما قدم استقالته من رئاسة الجمهورية لم يكن يتوقع أنه سيتحول إلى رهينة بيد عصابة مسلحة لا تحترم أبجديات السياسة ولا أخلاقيات الاختلاف، وبالتالي فإن نجاحه في الإفلات من أيدي هذه العصابة مثّل ضربة قاصمة لكل مساعيها لمصادرة الشرعية بالقوة. كما أن نجاح الرئيس هادي في الإفلات من قبضة مختطفيه وعدم قدرة البرلمان على البتّ في الاستقالة التي تقدّم بها الرئيس إلى البرلمان في الفترة المحددة ثم تراجع الرئيس عنها، وانتقال الرئيس إلى عدن قد غيّر بنية المعادلة السياسية وأربك جميع الأطراف السياسية في الشمال والجنوب على السواء.

* ما تأثير ذلك على الطرف المسيطر على الأرض (الحوثيون)؟

- الحوثيون وجدوا أنفسهم في وضع لم يكونوا يتوقعونه، فراحوا يصرّحون بمجموعة من المواقف المتناقضة، فتارة يقولون أنه كان حراً وإن سفره إلى عدن دليل على عدم احتجازه، وتارة يتهمون المنظمات الدولية بتهريبه.. وتارة ثالثة يقولون إنه رئيس غير شرعي بعد أن كانوا يتوددون له للتراجع عن الاستقالة، وكان آخر الترهات هو القول بأنه مطلوب للعدالة والتهديد بمحاكمة كل من يتعامل معه، وكل ذلك دليل على الإرباك الذي أصاب الخاطفين وبنفس الوقت على غياب أي منهج سياسي لديهم للتعامل مع الوضع القائم ما عدا السيطرة المسلحة وشن حروب الغزو على البلدات والمعسكرات.

* ما تقييمك لموقف أبناء الجنوب وتحديداً مكونات الحراك الجنوبي من الرئيس هادي المقيم في عدن؟

- أعتقد أن الساحة الجنوبية قد تعرضت هي الأخرى للإرباك السياسي بفعل انتقال الرئيس إلى عدن أولاً، ونجاحه في التحرر من خاطفيه ثانياً، لكن المهم هنا هو أن يدرك الجنوبيون أن الرئيس ليس في موقع العدو، وهو يعاني اليوم مما عاناه الجنوبيون طوال عشرين عام، والخصوم الذين يواجههم الرئيس اليوم هم خصوم الجنوب، وقد يستهدفون الجنوب أكثر مما يستهدفون الرئيس نفسه.

 إنني أتوجه إلى جميع المواطنين الجنوبيين بما في ذلك مكونات الحراك السلمي الجنوبي بالدعوة إلى الوقوف في صف الرئيس هادي بغض النظر عن رأينا في طريقة أدائه السياسي وملاحظاتنا حول مواقفه السابقة، إن الرئيس هادي ليس عدواً لكم، والدفاع عنه واجب أخلاقي وسياسي ووطني بل وجنوبي في المقام الأول، فلا تضعوا سهامكم في أقواس أعداء الرئيس بل ضموها إلى صف الرئيس والدفاع عن الرئيس هو جزء من الدفاع عن القضية الجنوبية، والقول بأن صراع الرئيس مع خصومه لا يعنينا هو كالقول بأن لا يهمنا أن يتكرر غزو 1994م إذا كان المستهدف منه عبدربه منصور فقط.

* لكن بعض القوى الجنوبية هاجمت الرئيس هادي ووصفته بأنه رأس الاحتلال الشمالي الهارب إلى عدن؟

-  الذين يهاجمون الرئيس هم أقلية غير مسيّسة، وبعضهم ربما يخدمون أجندة الرئيس المخلوع باسم الجنوب والجنوبيين، أعتقد أن مهاجمة الرئيس تمثّل خدمة مجانية لكل الذين يرغبون في تكرار سيناريو 1994م وبالمقابل فإن هذا يتطلب من الرئيس هادي أن ينفتح على المكونات الثورية الجنوبية وأن يجلس معهم وأن يتعامل مع القضية الجنوبية بقدر كبير من الجدية بعيداً عن نظرية المنتصر والمهزوم.

*  ما الذي ينبغي على الرئيس هادي أن يفعله في الوقت الراهن؟

ـ أنا أدعوه إلى الكفّ عن سياسات المراهنة على مراكز القوى التي دمرت اليمن شمالاً وجنوباً، بل أكاد أقول له لا تفتح أبوابك لمن تسببوا في خراب البلد بغض النظر عن مواقعهم الحالية، كما أدعوه إلى الابتعاد عن تلك الوجوه التي تلوثت أيدي أصحابها بالفساد والنهب وبدماء الشهداء، والتخلص من ذلك الطاقم البائس الذي سيطر على تصرفاته خلال الفترة المنصرمة وظل -الطاقم- يحشو أذنيه بالتفاهات والمشورات السيئة التي أوصلته إلى ما هو عليه اليوم، وأدعوه إلى الانفتاح على القوى المدنية وأصحاب الكفاءات والنزيهين والشرفاء غير المتورطين في الفساد وسوء استغلال السلطة (وما أكثرهم).

*   أين موقع القضية الجنوبية من كل هذا؟

- القضية الجنوبية لا تموت وهي ليست قضية موسمية بل إنها قضية إستراتيجية، وحينما أدعو الجنوبيين إلى الدفاع عن الرئيس هادي، فهذا لا يعني أنني أطلب منهم التخلي عن مطالبهم الرئيسية بما في ذلك حقهم في المطالبة باستعادة دولتهم، لكن هنا تكمن الفطنة السياسية في الجمع بين الدفاع عن رئيس الجمهورية الحالي ورفض تكرار غزو الجنوب بحجة ملاحقة الرئيس وبين التمسك بالحق الجنوبي في المطالبة بحقوقه المشروعة والتاريخية بما فيها حقه في استعادة دولته الحرة المستقلة.

* هل تتوقع أن يقوم الحوثيون باجتياح الجنوب على غرار ما حدث في 94م؟

- الحوثيون عندهم مستوى عالٍ من الحماقة والتهور ويمكن أن يقدموا على أي عمل أخرق، وقد لاحظنا كيف استسهلوا إسقاط العاصمة فراحوا يتمددون على بقية المحافظات بقوة السلاح في حين يقاومهم أهلها بإمكانيات متواضعة ويعتبرون هذا نصراً شعبيا بينما هو غزو مسلح بإمكانيات دولة على مواطنين لا يملكون إلا سلاحهم الشخصي الخفيف، ولذلك لا أستبعد أن يبحثوا عن حُجة لمحاولة غزو محافظات تعز وإب ومأرب والجوف والجنوب.

وبمناسبة السؤال عن الجنوب أشير هنا إلى إن الجنوبيين ليسوا عدوانيين بطبيعتهم، وما يزال الكثير منهم يتذكر تصريحات قادة الحوثيين وممثليهم حول مظلومية الجنوب ومؤازرتهم لمطالب الجنوبيين، ومع ذلك أعتقد أن الحوثيين إن فكروا بالدخول إلى الجنوب فهم سيرمون أنفسهم في المحرقة، لقد سهلت لهم ألوية علي عبد الله صالح دخول المناطق التي أسقطوها فصدقوا  أن الناس مغرمون بهم وبشعارهم الأجوف، لكن الجنوبيين تعلموا من حرب 1994م أن الهزيمة والنصر ليست بالعتاد العسكري ولا بعدد الأفراد بل بضعف الإرادة أو قوتها، والجنوب اليوم ليس جنوب 1994م كما إن غزاة اليوم ليسوا غزاة 1994م، إن من يستهدفونه اليوم (وهو الرئيس هادي) ينادي باليمن الموحد وهم من يمارسون الانفصال بإقصائهم السلطة الشرعية والتفافهم على كل وثائق (دولة الوحدة) وتبنيهم للمشروع المذهبي الطائفي المقيت، كما إن المواطنين الجنوبيين باستثناءات لا تصل إلى عدد أصابع اليدين، يتأهبون للمعركة الفاصلة مع الحوثيين ومن يناصرهم بإرادة وعزيمة ووحدة لا تضاهى أبدا، وعلى الحوثيين أن يعدوا ما يكفي من النعوش والمقابر إن هم فكروا بإرسال جنودهم إلى الجنوب، وأقول للقيادات الحوثية أنكم ظللتم تكررون شعار المظلومية التاريخية وكان الناس يؤازرونكم ويتعاطفون معكم لهذا السبب، لكنكم اليوم تتحالفون مع من كنتم تقولون أنه السبب في مظلوميتكم، فكيف تريدون الناس أن يصدقوكم؟

* هل أنت مع استمرار الحوار السياسي في فندق موفنبيك برعاية جمال بنعمر؟ - أعتقد أن استمرار الحوارات في موفنبيك هو عبث لا معنى له، وشخصياً كنت قد طالبت القوى السياسية بالتوقف عن هذا الحوار السريالي قبل وصول الرئيس إلى عدن.

* لماذا تنظر إلى هذا الحوار بأنه عبث؟

 ـ لأنه يجري مع مجموعة من الصبية المسلحين الذين يحاورون في مكان ويقتلون ويخطفون ويغتصبون ويتوسعون عسكرياً في مكان آخر، واستمرار الحوار معهم هو شرعنة لكل المنكرات التي يرتكبونها وإقرار غير معلن بمشروعية الانقلاب المسلح الذي نفذته الحركة الحوثية بالتعاون مع علي عبد الله صالح.

* لكن علي عبدالله صالح ينفي مشاركة حزبه في ما تسميه بالانقلاب المسلح؟

- علي عبد الله صالح وحزبه هم المستفيدون من كل الانتصارات التي حققها الحوثيون منذ إسقاط الخمري وحوث وخمر ثم عمران وانتهاء بإسقاط صنعاء وإزاحة الرئيس هادي بالقوة المسلحة، ولذلك فقد لاحظنا كيف وقف المؤتمر حائراً بين رفض الإعلان الدستوري المزعوم وبين تأييد استقالة الرئيس ورفض التراجع عنها، وبين الخوف من العقوبات الدولية على زعيمه كمعرقل للعميلة الانتقالية السياسية، لكن مع ذلك يخطئ علي عبد الله صالح في الحساب؛ فهو إذ يدعي التعايش مع الثعابين ها قد بدأ يعاني من لدغاتها الخفيفة، وأتوقع أن ثمار تحالفه مع الحوثيين ستعود عليه بالوبال الماحق، وسيترحم قريباً على ثورة 2011 التي منحته الحصانة ولم تتسبب في سقوط قطرة دم واحدة من جنوده أو أنصاره، ناهيك عن أبنائه وأقاربه، في حين أهلك المئات وتسبب في إعاقة أضعافهم ولم يقوموا بالانتقام منه قط.

*  ما نصيحتك للأحزاب والقوى السياسية؟

- أكرر الدعوة إلى الأحزاب والقوى السياسية اليمنية (وأقصد  هنا الأحزاب المفروض أنها ضمن اللقاء المشترك) أن تكفّ عن التعلق بحبال واهية من خلال مواصلة الحوار مع الجماعة الحوثية ومناصريها، لأن هذا الحوار ليس سوى إقرار بما تمارسه هذه الحركة من طيش سياسي وحماقات رعناء لا يقدم عليها تلاميذ الابتدائية المشاغبون، والمبادرة إلى خيارات سياسية وطنية تعبر عن الملايين التي تخرج يومياً إلى الشوارع رافضة الانقلاب، وأقول لقادة الأحزاب السياسية: ثقوا هذه المرة بجماهيركم ولا تخذلوها كما خذلتموها عام 2011م وتصرفوا كمواطنين أحرار يعانون من سوء إدارة البلد لا كسياسيين متعالين شكلاً، لكنهم يتصرفون تحت تأثير الخوف من الخطف والاعتقال والتنكيل.

لستم أفضل من الشباب الذين يتعذبون يومياً في مخابئ الانقلابيين وزنازينهم، لكنهم يخرجون إلى الشوارع متحدّين آلة القمع الجديدة / القديمة، وسيكون أشرف لكم أن يعتقل أو يصاب أو حتى يستشهد أحدكم عن أن تظلوا تتوددون لمجموعة من الصبية الطائشين الذين لا يتقنون إلا لغة الهمجية والتوحش والغرور الأجوف الذي لا يمت إلى السياسة بأي صلة.

* ما الرسالة التي يمكن أن توجهها للحزب الاشتراكي اليمني عقب التغييرات الأخيرة التي طرأت عليه؟

- الحقيقة أنني قد تأخرت في توجيه التهنئة لقيادات وكوادر وقواعد الحزب الاشتراكي اليمني وأخص زميلي الدكتور عبد الرحمن عمر السقاف والأستاذ يحيى أبو أصبع بمناسبة اختيارهما لمنصبي الأمين العام للحزب ورئيس اللجنة المركزية،  وتهنئتي للحزب وقواعده بمناسبة نجاح  الكونفرنس الحزبي الذي من خلاله برهن الحزب أنه ما يزال قوة حية ومتجددة وفاعلة رغم الضربات التي تعرض لها والمضايقات التي عانى منها أعضاؤه وقادته، وأقول لهم أن النجاح المهرجاني يجب أن يليه نجاح عملي على الأرض من خلال الالتحام بالجماهير العريضة.

لست في موقع النصح أو الوعظ، لكنني أتمنى على قيادة الحزب الجديدة أن تهجر المنهج التقليدي القديم القائم على البيروقراطية والموسمية والمزاجية والانتقال إلى العمل المؤسسي أولاً، والعمل الجماهيري ثانياً، وابتكار الأساليب والوسائل التي تمكنهم من الالتصاق بحركة الشارع ومتطلباته ومعاناة الجماهير وأحلامها، ليس عيباً أن يخرج القائد الحزبي في مظاهرة جماهيرية.. وليس عيباً أن يخرج ليرفض هذا السلوك السياسي أو ذاك وهذا الإجراء الإداري أو ذاك، كما أدعو قيادة الحزب الاشتراكي اليمني إلى التفكير مائة مرة قبل القبول بالمشاركة في أي حكومة لا تقوم على انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة، فالمناصب فيها من الضرر والخسارة أكثر مما فيها من الفائدة حتى لو كنتم كحزب ترشحون لها أنزه وأفضل وأنظف وأكفأ الكوادر في ظل مجتمع يحكمه الفساد والمناكفة السياسية وروح التآمر والانتقام السياسي.