ألجنرال/ علي محسن الأحمر .. مستشار بدرجة رئيس جمهورية
قضى عبدربه منصور هادي سنواته الأولى مع نظام صالح كنائب للرئيس في تعلم الإذعان والخضوع، وها هو يقضي بقية عمره كرئيس يتعلم الصمت والانقياد في حضرة المستشار الذي صادر عنه صفة الرئاسة حتى صار "هادي" مجرد ديكور رئاسي يتدحرج يوما بعد آخر نحو هاوية السقوط؛ شبيها بدمية رئاسية تخفي داخلها دمية أصغر لنائب رئيس "هادي" يعيش بين خبرين؛ خبر صمته المتواصل وديكوره الرئاسي، يعمل موظفا تحت إمرة مستشاره الذي اعتلى منصبه لكثرة معارفه وقوة نفوذه وعرض أكتافه.. وكأن الرئيس اليمني "هادي" خرج من سجن ودخل آخر ليس له عنوان. ويبقى السؤال "كيف راهن الشعب على هادي ليمنحه صفة الرئيس وكل ما في طريقه مستحيل؟"
اليوم وبعد انقلاب الموازين السياسية يرى كثيرون أن تصرفات الرئيس اليمني "هادي" تصيب الناس بالدوار من كثر تكرار الجمل والعبارات التي تتناقض مع نفسها بشكل شديد على مدى سنتين من انتخابه رئيسا للجمهورية دون أن يكون بمقدوره يوما أن يتصرف كرئيس ولو حتى لمرة واحدة ليحقق للبسطاء والشهداء والجرحى والفقراء آمالهم لاسيما الجنوبيين الذين تعرضوا ويتعرضون لتاريخ الظلم والبغاء لسنوات طويلة. الجنوبيون يقولون: لقد أتوا برجل منا لكي يحكم على بلده وأهله بالموت الأخير لا لشيء ولكن لكي يبقى حاكماً مؤقتاً بديباجة دولية وإقليمية وجعلوه صاحب القرار الأول لضياع الجنوب وسفك دمه واغتصابه، يدفعون به نحو خيار ستة أقاليم تلك التي أعلن عنها في عدن قبل بدء الحوار على أنها حل عادل لشعب ظل أكثر من عشرين عاما يرزح تحت أعتا قوة تخلف في التاريخ وستكون الستة أقاليم هي أسوأ من وحدة ٩٤.. لكنّ فترة رئاسته انتهت وأغلقت صفحتها وبدأت صفحة جديدة رسخ لها العام المنصرم. وستبقى البلد أداة طيعة في يد نظام جديد غير واضح الملامح، وإن تمّ ذلك بأسلوب غير مباشر.
الرجل الأول..
منذ أن انسلخ من نظام "صالح" معلنا انضمامه وتأييده لما سميت بثورة الشباب السلمية في اليمن اللواء علي محسن الأحمر، المحسوب على الإخوان المسلمين وذراع "صالح" الأيمن قبل انشقاقه عنه في آذار- مارس 2011، أضحى قائدا فعليا وحركيا للبلاد وظل الجنرال الغامض المتخفي عن الأنظار والغائب كثيراً عن الإعلام طيلة سنوات حكم المخلوع، ظل لغزا محيرا ولا يزال، فهو حامي ثورة اليوم وناهب روح الثورة الأصل بالأمس، عمله كان من خلف جدار، ظاهر مستتر، كانت يده مطلقة ومازالت ولا حساب، وكما يقال: للزمن أشياء لا يصدقها عاقل، صار في لحظة غباء مركب، مزارا لثورة تريد أن تولد في حاضنة نقائضها، وما يزال الجنرال علي محسن الأحمر يُمثل قوة لا يُستهان بها على خارطة الصراع ومراكز النفوذ في اليمن, فقد خرج الجنرال -كما يقول أنصاره- منتصراً في آخر معاركه التي كانت هذه المرة مع رفيق دربه الرئيس السابق "صالح" ليبدأ مرحلة جديدة مع "هادي" أولها حين أصدر رئيس الجمهورية القرارات بشأن إعادة هيكلة الجيش، فبادر الجنرال محسن إلى تأييد الهيكلة، وكذلك فعلت كل القوى والتيارات القريبة منه ومن تجمع الإصلاح، غير أن الوقائع كشفت زيف المباركة، وأبانت عن أزمة ثقة بين الرئيس المشير والجنرال الذي يصف نفسه بالرجل الأول في نظام "صالح"، وربما في النظام الجديد. يبقى السؤال "ما الذي يمتلكه الجنرال علي محسن من أوراق حتى يقوم بمهام رئيس الجمهورية والحاكم الفعلي للبلاد وهو في الظاهر مستشارا للرئيس وحسب؟".
مستشار في القصر الرئاسي..
كل من لديه خبرة بالقرارات الجمهورية في اليمن وصياغتها, خصوصا القرار الخاص بتعيين علي محسن سيعرف الفرق, والفرق كبير بين: "مستشار لرئيس الجمهورية لشؤون الأمن والدفاع, ومستشار للقائد الأعلى للقوات المسلحة.. الفرق كبير لمن يفهم بطبيعة القرارات".
وعلي محسن عُين في منصب جديد لأول مرة يستحدث في اليمن, وكما سبق أن قالت المعلومات إنه سيكون مستشاراً بمكتب ومهام, وهذا يعني أن منصب علي محسن لا يقل عن نائب لرئيس الجمهورية لشؤون الأمن والدفاع؛ لأنه لو كان مجرد مستشار عادي كان سينص القرار الجمهوري عليه كمستشار للقائد الأعلى للقوات المسلحة؛ لكن القرار الخاص به قال إنه "مستشار لرئيس الجمهورية لشؤون الأمن والدفاع".
بينما جميع الذين يتم تعيينهم كمستشارين منذ أيام الرئيس السابق كانت القرارات الجمهورية تقول إنهم مستشارون للقائد الأعلى للقوات المسلحة, وكان يطلق على أي شخص منهم وصف "مستشار القائد الأعلى للقوات المسلحة", ويأتي تعيينهم بناءً على ترشيح وزير الدفاع ورئيس الأركان, أما "محسن" فكان قراره بالنص كما يلي: صدر قرار رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة رقم (20) لسنة 2013م قضت المادة الأولى منه بتعيين الأخ اللواء الركن/ علي محسن صالح مستشاراً لرئيس الجمهورية لشؤون الأمن والدفاع".
وقال إن "المعينين بالصيغة المتعارف عليها يكون مكانهم القيادة العامة لوزارة الدفاع, أما التعيين بصيغة علي محسن فهذا يعني أنه سيكون مكانه القصر الجمهوري، وممكن حتى في دار الرئاسة".
وأكدت المصادر أنه تم تجهيز, مكتب لعلي محسن في القصر الجمهوري في صنعاء, لافتة إلى أن جميع المستشارين العسكريين والأمنيين السابقين لم تخصص لهم مكاتب في القصر الجمهوري.
الحليف- العدو..
تسارعت الأحداث منذ العام 2011 وحتى اليوم، فقد عزل اللواء الأحمر أسوة بنجل صالح، غير أنه تم تعيينه مستشارا للرئيس عبدربه منصور هادي للشؤون العسكرية والأمنية، ومازال البعض يتحدث عن تأثيره في صنع قرارات هادي. كما يلمّح البعض لرغبته ربما في الترشح إلى الانتخابات الرئاسية بدعم من التجمع اليمني للإصلاح "الإخوان المسلمين" بعد أن خلع البزة العسكرية وارتدى بدلات الرؤساء، بدا أولاد الرئيس صالح يكبرون وكذلك أبناء أخيه وباتت مساحات السلطة والنفوذ تضيق على اللواء الأحمر ورفاقه الذين يعتبرون أنهم شركاء في السلطة وظل اللواء الأحمر بعيدا عن حالة الرفاهية المفرطة التي أصبح يعيشها الكثير من رفاقه ليتفرغ للإمساك بالكثير من الملفات السياسية التي كان الرئيس يفضل أن يلقي بها في ملعبه الذي كان يجمع فيه المزيد من اللاعبين... علاقة اللواء الأحمر بالرئيس هادي أخذت في تدهور مستمر ولكن من دون أن يظهر ذلك بشكل معلن وإن كانت نتائجه بدأت تظهر بشكل ملموس وقد أثيرت الكثير من التساؤلات حول العلاقة بين هادي والأحمر حيث لم يقم الرئيس بإقالة اللواء علي محسن من منصبه كما فعل مع قادة عسكريين آخرين، إضافة إلى أنه لم يوقف حتى المخصصات والتموين والرواتب الخاصة به. الموقف الآخر المثير للاستغراب هو إصرار "هادي" على عدم المواجهة مع اللواء الأحمر لكن سياسيين أشاروا إلى أن هناك قوى تقف خلفها شخصيات عسكرية وقبلية ودينية، في إشارة إلى مستشار رئيس الجمهورية للشئون العسكرية اللواء على محسن الأحمر والشيخ القبلي حسين الأحمر ورجل الدين الشيخ عبدالمجيد الزنداني، الذين ينتمون جميعهم إلى حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذراع السياسي للإخوان المسلمين. هي من تشكل ضغطا قويا على الرئيس هادي المنزوع الصلاحيات.
هادي.. إما المواجهة وإما الإطاحة..
في وقت سابق كشفت مصادر سياسية خاصة عن ضغوط داخلية وخارجية يتعرض لها الرئيس عبدربه منصور هادي لتعيين الجنرال علي محسن الأحمر نائباً لرئيس الجمهورية، وأماطت النقاب عن "مخطط تآمري تسعى من خلاله قوى تقليدية يمنية وأخرى خليجية لتكرار السيناريو الانقلابي الذي نفذه علي محسن على قائد الفرقة الأولى مدرع السابق.
وقالت المصادر: إن قطر وتنظيم الإخوان المسلمين وأولاد الأحمر يمارسون منذ فترة ضغوطاً مختلفة على الرئيس "هادي" لإيلاء منصب نائب الرئيس لقائد الفرقة الأولى مدرع تحت مسوغات أمنية وإغراء بتعهدات بحشد القوى الشعبية بجانبه، مؤكدة أن ضغوط تلك القوى رافقتها تهديدات مباشرة بتصعيد الفوضى والعنف في اليمن إن لم يتحقق مرادهم.
وأشارت المصادر إلى أن لدى تلك القوى ما وصفته بـ "مخطط تآمري لتهميش الرئيس وتحويله إلى واجهة سياسية وحسب" وذلك من خلال التفافها حول الجنرال بعد تعيينه نائباً للرئيس وتعزيز نفوذه بمختلف الوسائل على حساب نفوذ هادي، على غرار التجربة التي خاضها الإخوان وآل الأحمر وبدعم مالي من طرف خليجي عندما كان علي محسن يتقلد منصب أركان حرب الفرقة الأولى مدرع وكان "محسن سريع" هو قائد الفرقة فعملوا على الالتفاف حول الأول ودعمه حتى مكنوه من تهميش قائد الفرقة "سريع" وخطف صناعة القرار من يديه إلى أن تم الإطاحة به وإيلاء قيادة الفرقة إلى علي محسن.
وتؤكد المصادر أن التهديدات التي وجهها محمد اليدومي في خطابه عشية الانتخابات الرئاسية للرئيس هادي، وكذلك تهديدات توكل كرمان عضوة شورى الإخوان وعشرات آخرين ممن تم بث تصريحاتهم عبر الفضائيات لم تكن هي الوحيدة التي هددت بالإطاحة بالرئيس إن لم يخضع لإرادتهم المطلقة بل هناك تهديدات أخرى تم إبلاغ المراقبين الدوليين بها، مؤكدة أنه سيتم استجواب محمد اليدومي من قبل سفراء الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن تهديداته للرئيس هادي وتحريضه على الانتقام وتفجير الفوضى في الساحة اليمنية.
وكان الجنرال محسن كشف خلال لقاء في "الجزيرة" عن تطلعاته للعب دور سياسي مستقبلي رافضاً أي حديث عن إمكانية اعتزاله العمل العسكري والسياسي أو رحيله خارج الوطن، في الوقت الذي ما زال يصر على بقاء دار رئاسة الجمهورية والقصر الجمهوري والمنشآت السياسية إن لم يخضع الرئيس لإرادته.
مستشارون لا يشارون..
قائمة مستشاري رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي الذين صدر بهم قرار جمهوري قل ما تجدهم يتصدرون شاشات الإعلام الرسمي ونادرا ما يلتقون بالوفود الدولية كما هو الأمر مع المستشار الجنرال اللواء علي محسن الأحمر الذي يلتقي حتى برؤساء الدول وهو الأمر الذي يعده سياسيون دليلا قاطعا على قوة ونفوذ اللواء علي محسن الذي فاق حتى الرئيس نفسه وذلك لكثرة تصدره عناوين الأخبار الرئيسية في القنوات الرسمية يلحظها المشاهد البسيط المتابع لقنوات الإعلام الرسمي.
لقاءاته الدبلوماسية..
على سبيل الذكر لا الحصر نورد عددا من لقاءات علي محسن صالح الأحمر الدبلوماسية وذلك لمعرفة الفرق إن كان هو المستشار أم الرئيس؟ وكما هي موضحة في الجدول المرفق..