شركة عدن للأمن والسلامة

  

تقارير
فيصل عبداللطيف الشعبي
اقرا ايضا

أرسى قواعد أول دولة في الجنوب وأذهل البريطانيين والسلاطين فيصل عبداللطيف" المناضل الذي خذلـه رفـاقـه"

عدن اليوم - إيمان الحنظلي | السبت 30 نوفمبر 2013 11:27 صباحاً

خاض فيصل الشعبي قتالاً مريراً ضد الوجود البريطاني في ساحة الجنوب، وكما كان قائداً للنضال في اليمن كان قائداً للنضال في عدن في مواجهة مباشرة مع بريطانيا ابتداءً من إعلان الثورة وحتى الاستقلال، قال عنه الكثيرون إنه كان مقاتلاً ومفكراً ومخططاً, قاد معركة يونيو 1967م التي جمعت كل المناضلين الوطنيين من المدنيين والشرطة والجيش وأسقطوا مدينة كريتر من أيدي القوات البريطانية وأصبحت تحت سيطرة الجبهة القومية لفترة أسبوعين لم تستطع بريطانيا بكل إمكانياتها أن تنل منه إلا بعد سنة ونصف من الانتصار الوطني، حيث تم اعتقاله واغتياله في سجن الفتح في 2 ابريل 1970م بعد صعود الجناح اليساري في الجبهة القومية إلى كرسي السلطة, قال عنه الكثيرون في شهاداتهم إنه مفكر سياسي ومن أكثر القيادات شعبية وجماهيرية وذكاء, وأنه أرسى قواعد أول دولة في الجنوب, كما لعب إلى جانب قحطان الشعبي الدور الرئيس في التحضير للكفاح المسلح والعمل الفدائي والسياسي لتحرير جنوب اليمن.
مناضل غير عادي
يحيى الشامي، عضو المكتب السياسي في الحزب الاشتراكي اليمني يقول: فيصل الشعبي هو أحد إن لم يكن القائد الأول لثورة الخبرة المسلحة ضد المستعمر البريطاني، ومع الأسف هو انتهى في إطار الصراعات التي جرت داخل تيارات الجبهة القومية, وأنا أعرفه شخصياً وهو طالب, فنحن كنا طلاباً في الجامعة في القاهرة وكان شخصاً مناضلا حقيقياً, ومن الجميل أنه بدأ الآن رد الاعتبار له, وأنا قد ذكرت في العديد من الندوات انه مناضل غير عادي وربما كان خسارة ليس على الجبهة القومية حينما انتهت في أواخر الستينيات بل كان خسارة على الحركة الوطنية في اليمن إجمالا, لأنه كان مهتماً باليمن كلها شمالها وجنوبها شرقها وغربها، ونهايته كانت خسارة غير عادية, والمطلوب الآن أن يُعزز ويرد له الاعتبار كمناضل كبير ووطني ويساري, وفي حقيقة الأمر هو كان القائد الرئيسي لثورة أكتوبر المسلحة وهو الذي لعب الدور الرئيسي في وضع السمات الرئيسية لهذه الثورة بوجهيها السياسي والاجتماعي، وما قيل عنه في وقت لاحق هو مبالغة وعدم إنصاف .
أذهل البريطانيين والسلاطين
وفي شهادته يقول المناضل راشد محمد ثابت عن فيصل: إنه من كان يعين القيادات لجبهات القتال والقيادات التنظيمية في عدن وفي العواذل وأبين والفضيل وحضرموت، وكان يأمر حزبياً بأقوى العناصر لكي تقود النضال في فترة الاستقلال، كما يقول: إن فيصل هو الذي خطط لتوحيد السلطنات في وقت مبكر وأوجد الخلايا الحزبية والتنظيمية في أكثر من محافظة وكانت هذه الخطوات هي من الخطوات التي أذهلت البريطانيين أنفسهم لم يكن يتوقعوا أن حضرموت والمهرة تستطيع أي حركة وطنية أو أي قوى أن توحدها مع المناطق الجنوبية، رغم أن بريطانيا بذلت جهوداً لضم المحميات الشرقية بالمحميات الغربية لتوحيدها في الاتحاد ما يسمى بما كان الجنوب العربي، ولكن لم تستطع خلال 12 سنة من الجهود التي بذلها المسئولون البريطانيون أن يوحدوا من هذه الإمارات، بل ظل الخلاف بين السلطنات في المحميات الغربية من يتولى رئاسة الاتحاد, وكانت بريطانيا تواجه صعوبات كبيرة جدا وكانت هي تعتبر أن هذه من العراقيل التي ستضع الحركة الوطنية في فخ لا يمكن أن تخرج منه, ولكنها فوجئت عشية الاستقلال أن الجبهة القومية استطاعت أن تكون الخلايا حتى فوجئوا السلاطين الذين ذهبوا إلى السعودية من اجل أن يضموا حضرموت والمهرة إلى الأراضي السعودية ويتحالفوا معها وعادوا إلى حضرموت وفوجئوا بكوكبة من المثقفين في حضرموت والمهرة الذين عادوا من الخارج وأعادهم التنظيم بأوامر من فيصل عبد اللطيف إلى مناطقهم لكي يهيئوا المحافظات أن تتوحد مع المناطق الأخرى عشية الاستقلال، ما مكن الوحدة أن تتحقق على مستوى مناطق الجنوب أولاً ثم على مستوى الشمال.
ويضيف: حصل في حركة 20 مارس عندما تحرك بعض قيادات الجيش وأرادت أن تعمل انقلاباً وكانت الحقيقة الانقلاب حينها موجهة ضد الجبهة القومية كتنظيم سياسي، وليس ضد فئة معينة داخل الجبهة القومية.. فيصل عبداللطيف حينها كان في بيته تملكته الحيرة وجلس يفكر كيف يتصدى لهذه العملية وفجأة يأتي محمد علي هيثم إلى البيت ،لأن فيصل كان يعتقد أن محمد علي هيثم هو الذي قام بالعملية فقال له عملتها يا محمد علي قال له أنا أبداً لم اعملها ولم أشارك, علماً بأنه كانت الاتصالات مستمرة بين محمد علي بأنه هو يتسلم رئاسة الجمهورية بدلاً من قحطان الشعبي ولكن لما أحسوا أن حركة الجيش لا يمكن أن تنجح لأنه كان تنظيماً قوياً حينها سواء كان وسط الجيش أو في خارجه, لأن موقف فيصل عبداللطيف وسيف الضالعي ومجموعته هو الذي عزز من قدرة التنظيم في مواجهة حركة الجيش, خرج فيصل وتحرك إلى وزارة الخارجية إلى مكتب سيف الضالعي وبدأ يجري اتصالات من هناك ويهزئ القيادات التي قامت بالحركة ويطلب الإفراج عن المعتقلين وأصدر بيان اعتذار، وكان الانتصار في تلك الفترة للتنظيم بقيادة فيصل عبد اللطيف وهو الأمين العام, وحرص ألا يتعرض أي أحد حتى من الناس الذين شاركوا وتآمروا لأي أذى, وكان يؤمن بأن المحاسبة يجب أن تتم داخل التنظيم محاسبة تنظيمية.
أفشل حركة 20 مارس
وبدوره يقول المناضل أحمد محمد قعطبي: فيصل عبد اللطيف كان له دور رئيسي وكبير جداً في إفشال حركة 20 مارس التي قامت بها القوات المسلحة حينها في أثناء ما سمي بانقلاب أو حركة 20 مارس 68م واعتقال الكثيرين في ذلك اليوم كعبد الفتاح إسماعيل, عبد الإله الامري, علي البيض, لم يقبل ولم يعجب فيصل أن تعتقل قيادات في الجبهة القومية رغم أنه مختلف مع أكبر القيادات الرئيسية ولم يعجبه ذلك، واعتبر هؤلاء المعتقلين رفقاء نضال قاموا بثورات وحققوا الاستقلال ولا يقبل أن يكون رفاقه في المعتقل، لأن اليوم عليهم وغداً ممكن يستمر الموضوع وينقلب على الآخرين إذا ما أيدوا هذه الحركة, لذا كان وقوفه ضد حركة 20 مارس قوياً ومسئولاً ووقوف شخص قيادي عارف مترتبات ما بعد هذا الاعتقال, وفوجئنا في صباح 20 مارس أن فيصل الشعبي يمر على كل المناضلين من الجبهة القومية في بيوتهم وأماكن تواجدهم ليحركهم بالعمل على وأد تلك الحركة التي قامت باعتقال المناضلين وإفشالها, وقام بالتوجيه لطباعة منشورات معينة ضد هذه الحركة ووجه بقيام المظاهرات والمسيرات حتى أفشلها.
كان حريصاً على رفاقه 
ويفيد المناضل فضل علي عبد الله أن فيصل عبد اللطيف بعد أن تم اغتياله في سجن فتح من بعض رفقاء النضال الذي كان يتوقع منهم الوفاء بالعهد, وأن فيصل عبد اللطيف كان حريصاً جدا على رفاقه وتنازل عن الحكم هو ورفيقه قحطان الشعبي في 22 يونيو 69م, وقال إنه أثناء تواجد فيصل الشعبي في سجنه قبل حادثة اغتياله جاءه مجموعة من أصدقائه طالبين تهريبه من داخل السجن فرفض وقال أنا لم أعمل شيئاً.. نحن قمنا بثورة وهؤلاء رفقاء سلاح.
تداعيات الاعتقال والاغتيال
وعن اعتقال فيصل عبد اللطيف وأسباب اغتياله وردود الأفعال تجاه تلك التداعيات يحدثنا عنه أخاه غير الشقيق من جهة الأم عبد القوي محمد رشاد الشعبي وهو ممن تم اعتقالهم أيضا في ذلك الحين وفي نفس السجن الذي اعتقل فيه البطل فيصل عبد اللطيف، بقوله: الشهيد فيصل كان من أشرف القياديين وأكثر الناس خبرة وذكاء، عندما تم اعتقاله ثارت ثائرة الكثير من الكوادر في الجبهة وحتى في السلطة وطرح هؤلاء على الانقلابيين تذكروا مواقف فيصل منكم في كل مؤامراتكم, وتذكروه في مؤامرة الدمج 13 يناير 1966م وسعيه معكم لتجاوز مواقعكم فيها، تذكروا 20 مارس 1968م ودوره تجاهكم وتجاه عائلاتكم، وأطفالكم وأحداث مدينة الشعب و 14 مايو 1968م، وتمردكم وهروبكم إلى الشمال وسعيه إلى إرجاعكم إلى الداخل أو علاجكم في الخارج, واشتدت هذه الضغوط من كوادر الجبهة القومية ومن بعض عناصر السلطة وبذلت محاولات للمصالحة بين الطرفين (الانقلابيين والمطاح بهم) وكادت أن تؤدي إلى نتائج كما كانت عليه العادة، والحال في الجبهة القومية قبل انقلاب 22 يونيو 1969م حيث كان فيصل يقود مسعى المصالحة وتجاوز الخلافات من منطلق أن هؤلاء وإن أخطأوا فلهم أدوارهم الوطنية التي لا يمكن نسيانها، وكان مع حرية الرأي وضد كل فعل أو حركة تقود إلى السلاح، كما هو الحال في 20 مارس و14 مايو ولكن بشرط المحاسبة التنظيمية, فشعرت مجموعة من السلطة بالأخطار القادمة والقائمة على جهود المصالحة، وبالتالي الخطر من المحاسبة فكان اللجوء إلى الانقلاب واستعمال الجيش والأمن في حركة 22 يونيو 1969م, ولهذا وانطلاقاً من أهمية شخصية فيصل وأثره على التنظيم والسلطة في حالة نجاح مسعى المصالحة وعودته وخطورتها أي العودة على الجناح المتآمر كان لابد من قرار جانبي بإفشال المصالحة وكان القرار بحماقة كبيرة وغير معهودة وذلك باغتياله بعيداً عن اللجنة التنفيذية والقيادة العامة وأعضاء التنظيم وبمشاركة بعض عناصر حركة القوميين العرب في بيروت، وهو ما عرف بمجموعة صحيفة «الحرية » نايف حواتمه ومحسن إبراهيم, أدركت المجموعة الانقلابية المتآمرة المعارضة للمصالحة آثارها وخطورة السكوت عن سير عملية التفاوض والمصالحة فكان لابد من وقفها بطريقة تشكل حسماً وهزيمة نهائية لتلك المجموعة في اللجنة التنفيذية، والقيادة العامة، وكوادر التنظيم والحكومة في جهدها في محاولة لم الشمل من جديد في إطار الجبهة القومية, لذا أخذ هذا الاتجاه المغامر يستبق الأمور مدركاً أن الأسلوب الأكثر حسماً لإفشال المصالحة نهائياً هو البدء بمسلسل الدم والاغتيالات والذي يدق إسفيناً حقيقياً في مسيرة المصالحة ويعمق من الفعل وأثره، فكان لهم ما أردوا, وهكذا جرى الدم الذي كان من الصعب إيقافه وهو ما تجسد في مؤامرة اغتيال الشهيد فيصل عبد اللطيف, ومن هنا كان بداية المسيرة في عمليات الاغتيالات والسجن والاختطاف ودفن الأحياء وحادثة الطائرة الدبلوماسية.
ويضيق الأستاذ عبد القوي الشعبي مصوراً لنا كيف تم اغتيال الشهيد عبد اللطيف الشعبي بالقول: جريمة الاغتيال الوحشية تمت الساعة السابعة ليلة الثاني من ابريل عام 1970م, حيث كان فيصل قابعاً في الزنزانة رقم (5) والرئيس قحطان الشعبي في الزنزانة رقم (6) من مجموعة 13 زنزانة في حوش على شكل مربع وفي الدور الذي يعلوه مكاتب قيادة المعسكر ومكاتب التحقيق، حيث يقع في وسط مربع الزنازين حوش أو ساحة كبيرة متعددة الاستعمالات للتعذيب، وإرهاق المعتقلين بالضرب ليلاً في غرفة القيادة وهي الغرفة رقم (4) كانت مميزة عن باقي الزنازين، لأنها كانت تستعمل أيام الإنجليز صيدلية للجنود البريطانيين الذين كانوا ينومونهم فيها حتى يصحو من السكر, المهم قام أولئك الطغاة باقتياد فيصل من زنزانته رقم (5) بعصبية وعنجهية لم يصمد برغم مقاومته واقتادوه إلى الغرفة البيضاء تلك ورموه على الأرض ولم يسمع المعتقلون الذي شد انتباههم أضواء الغرفة التي أخذ إليها فيصل وسمعوا فيصل وهي تنطلق منه صرخة ألم شديدة، تبين أنها طعنة (سونكي) خنجر الآلي في صدره، قبل أن تتلاشى صدى صرخة الألم في أرجاء المعسكر وداخل الزنازين تنطلق أربعة آليات مفرغة ذخيرتها في جسده الطاهر ولتمزقه أرباً أو كما قال المنفذون لاحقاً: (لقد جعلنا جسده منخلاً)؛ رحمة الله على الشهيد فيصل كان رجلاً وطنياً وقيادياً وسياسياً محنكاً بشهادة كل من عرفه.
حياته السياسية والنضالية
الخلفية التاريخية والسياسية لشخصية الشهيد فيصل عبد اللطيف الشعبي أوضحها بالتسلسل التاريخي المناضل عبد القوي محمد رشاد الشعبي قدمها لنا مطبوعة بتوثيق دقيق وتاريخي لتلك الحقبة المهمة من تاريخ اليمن ككل ومحللا الأوضاع ذات الارتباط المباشر بحياة الشهيد فيصل الشعبي ومسيرته الكفاحية والنضالية على النحو التالي :
ولد فيصل عبد اللطيف في قرية شعب مديرية طور الباحة الصبيحة محافظة لحج في العام 1935م – والده الشيخ عبد اللطيف الشعبي – شيخ مشائخ شعب آنذاك الذي كان من أوائل الذين أكملوا تعليمهم الثانوي في عدن، وكان جده عبد القوي ناصر من الذين نالوا حظاً من التعليم في تركيا، وكان لوالده دور وطني في محاولاته توحيد قبائل الصبيحة ووحدة موقفهم وكلمتهم وهو ما أزعج الإنجليز وسلطنة لحج اللذين كانا يديران مناطق الصبيحة، وكان أن تآمرا لاغتياله في مدينة الحوطة – عاصمة سلطنة لحج.
نشأ فيصل يتيماً حيث كفله عمه الشيخ محمد عبد القوي الشعبي وعرف بمحمد رشاد الشعبي، تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة جبل حديد, أو أولاد الرؤساء والمشائخ والأعيان وهي المدرسة التي تقع فوق جبل حديد المشرف على الدكة البحرية التي تحولت الآن إلى ملاهي للأطفال، بعدها انتقل للدراسة المتوسطة أو الإعدادية في المدرسة المحسنية العبدلية في الحوطة لحج التي كانت تديرها بعثة تعليمية مصرية ، أظهر فيصل نبوغاً وذكاء تقرر عليه إرساله في منحة إلى مصر لمواصلة الدراسة، التحق بجامعة عين شمس - كلية الاقتصاد والتجارة وحصل على شهادة البكالريوس، شارك أثناء الدراسة في مصر متطوعاً في وحدات كتائب الطلاب أثناء العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956م، كان لإرثه العائلي الوطني وتواجده في مناخ ثورة يوليو في مصر أثره في صقل وعيه وإثرائه ، ووجد حينها في حركة القوميين العرب ضالته وهي الحركة التي نشأت وقامت على إثر النكبة الفلسطينية 1948م، وبعد التحاقه بحركة القوميين العرب حضر عدة دورات في دمشق ثم كلف بمهمة تأسيس فرع الحركة في اليمن مما تتطلب منه الاستفادة من الإجازات السنوية التي يعود فيه إلى الوطن وكذلك قطع الدراسة أحيانا للعودة لقيادة العمل التنظيمي وترسيخ عملية التأسيس والإنشاء، منذُ بداية العام 1959م استطاع فيصل بما كان يتمتع به من ذكاء وخبرة تنظيمية وثقافية واسعة وقدرة قيادية من تشكيل أولى الخلايا التنظيمية للحركة في اليمن وساعده في ذلك كل من الإخوة المناضلين المرحوم سلطان أحمد عمر، وعبد الحافظ قائد، وسيف الضالعي، وطه أحمد مقبل وعلي أحمد ناصر السلامي، وأصبح فيصل المسئول الأول عن قيادة فرع الحركة في إقليم اليمن منذُ العام 1959م.. ومن المفيد الإشارة إلى أن فيصل وزملاءه المناضلين كانوا في رؤيتهم وتفكيرهم النضالي أكثر تقدماً ونضوجاً من فكر ورؤية قيادة الحركة في بيروت التي استبعدت إمكانية قيام ونجاح أي ثورة مسلحة في عدن ضد الاستعمار البريطاني حيث قرروا بإرادة وعزيمة قيام هذه الثورة وذلك بعد حوارات طويلة مع فصائل حزبية ووطنية وقيام الجبهة القومية، بعد تخرجه من جامعة عين شمس عاد إلى عدن والتحق بالعمل في وزارة التجارة التابعة لحكومة عدن وذلك لفترة خمسة أشهر اضطر بعدها للتفرغ للعمل التنظيمي والإعداد لانطلاقة الكفاح المسلح الذي اتسع ليشمل كل الولايات الجنوبية وكان له فضل الإعداد والتحضير لفتح جبهة عدن كونه المسئول الأول عن فرع الحركة في إقليم اليمن واستمر في ذلك حتى منتصف العام 1965م، حيث اضطر للانتقال إلى تعز بناء على طلب قيادة الجبهة القومية لتولي مسئولية العمل المركزي من هناك، وسرعان ما عاد إلى قيادة العمل في عدن متخفياً في نفس العام نتيجة لاعتقال السلطات البريطانية لمعظم الصف القيادي في عدن حوالي 45 كادراً قيادياً إثر خطأ وحادثة معينة أدت إلى اكتشافهم وظل فيصل في قيادة النضال الوطني حتى عام 1966م. 
بعد الدمج القسري للجبهة القومية في جبهة التحرير 13 يناير 1966م كان فيصل من المعارضين للدمج بصفته مؤامرة تمت خارج الأطر الشرعية والتنظيمية للجبهة القومية ( المجلس التنفيذي ) وإن كان مؤيداً لوحدة كل القوى الوطنية المؤيدة للكفاح المسلح وذلك عبر الحوار والأطر الشرعية وإن الدمج كان قراراً لمشكلة صراع من بعض الدول العربية وإن في الدمج خطوة أخرى بعد اتفاقية جدة لإنهاء خلافاتها في النصف الثاني من عام 1966م شارك مع رفيقه الشهيد محمد أحمد البيشي مع جيش التحرير في إسقاط منطقة الحواشب، وبينما كانا عائدين بعد تحريرها سقطا في كمين نصبته لهما جبهة التحرير ونقلا إلى تعز وسلما للجهاز العربي هناك، حيث ظلا معتقلين لفترة قصيرة ثم ُسفرا إلى القاهرة في محاولة لإبعادهما عن قيادة النضال للجبهة القومية ومعارضتهما للدمج وظل فيصل هناك لفترة 9 أشهر لا يستطع مغادرة القاهرة، تمكن في النصف الأول من عام 1967م وبجهود ووساطة من قيادة حركة القوميين العرب لدى الرئيس جمال عبد الناصر في الخروج إلى بيروت ومنها إلى أسمرة ثم تعز متخفياً واستمر كذلك حتى وصوله إلى عدن، كما أسهم مع خيرة المناضلين في الجبهة القومية في عملية الانسحاب من جبهة التحرير وعودة الجبهة القومية لممارسة النضال المسلح تحت اسمها، وأسهم في قيام وقيادة معركة 2 يونيو 1967م، حيث تم الاستيلاء والسيطرة على مدنية كريتر لفترة أسبوعين تقريباً ذاقت فيها بريطانيا أقسى الهزائم في كبريائها وهيبتها وخسارة جنودها .
في العام 1967م وأثناء المباحثات بين الجبهة القومية وجبهة التحرير في القاهرة لتوحيد الصف الوطني تم بعدها المحاولات التي بذلت لوقف الاقتتال الأهلي بين الجبهتين والذي كان بحق مأساة وطنية مؤلمة تركت آثارها على مسيرة الوطن لاحقا، كان فيصل وبشهادة الكثير من القيادات الصادقة من جبهة التحرير أكثر الناس حرصاً على وحدة الصف الوطني وبشروط عادلة للطرفين، وأكثرهم حرصاً على وقف نزيف الدم ولكن يبدو أن هناك عوامل أخرى أقوى من حسن النوايا لدى البعض، وشارك في محادثات ومفاوضات الاستقلال الوطني مع بريطانيا والتي كانت قائمة على لغة التفاوض عبر مفاوضات مباشرة ومتكافئة وغير مشروطة تقوم من الجانب الوطني على أسس التسليم أولاً بالحقوق الوطنية الكاملة كشرط للقبول بالتفاوض وأن التفاوض سيكون حول التفاصيل والوسائل لأفراد السيادة الوطنية وانتقالها حول المبادئ الأساسية والتي حددت في إعلان الجبهة القومية .
تسلم وزارة الاقتصاد والتجارة والتخطيط في أول حكومة وطنية بعد الاستقلال وكان يدين كل المزايدات في هذا الجانب والتي رأى فيها قفزاً على الواقع، ويرى ضرورة تركيز الدولة على الرأسمال الوطني وضرورة مساهمته في الداخل والخارج في عملية التنمية الوطنية وإشراك الرأسمال الوطني في المهجر في هذا الجانب، كما كان يرى ضرورة الاستناد إلى المكونات الأساسية ومرتكزات الاقتصاد الوطني وأهمها الزراعة والثروة السمكية والمغتربون اليمنيون مع التخطيط السليم للاستفادة من ثروات الوطن البترولية والمعدنية، وقوبل ذلك من قبل اليسار الطفولي بالممارسات الهدامة والمزايدات ومقولة الصناعة أولاً التي لا أساس لها في واقعنا، وكان يؤمن بأن التخطيط السليم للثورة هو الأساس الحقيقي ونجاحها ، مرتكزاً على وحدة القوى الوطنية – ومن هنا كان إيمانه بحشد القوى الوطنية ووحدتها ضمن إطار عمل تنظيمي متغلغل في صفوف الشعب بكل فئاته واتجاهاته ، مع العمل في صفوف الجيش والأمن والطلبة والعمال والقبائل والمرأة والمثقفين وكان التركيز على هذه العناصر:
- وحدة وطنية .
- إستراتيجية وطنية واضحة مرتبطة بوحدة النضال العربي .
- بناء تنظيمي متماسك .
- بناء عسكري فعال .
- أهداف وغايات وطنية واضحة وسليمة .
- التعامل مع المتغيرات السياسية .
كان يؤمن بضرورة التعايش مع الآخرين برغم الاختلافات من منطلق حق الآخرين في التعبير عن آرائهم ولكن ضمن الحوار وليس التآمر؛ ولم يؤمن بأن الدم والقتل والاغتيالات وقمع الحريات وسيلة لحل الخلافات بل رأى فيها تصعيداً لها وعمل على حقن دماء الكثير سواء في جبهة التحرير أو في الجبهة القومية, دائم الترديد بأن من يبتدئ في الدم لا يستطع إيقافه ويتحمل بذلك المسئولية الوطنية والتاريخية في هذا الجانب، برغم كثرة الاعتداءات الخارجية التي شنت على الوطن مباشرة لا تمثل خطراً حقيقياً ، ويرى أن الخطر الحقيقي هو تفكك الجبهة الداخلية وتمزقها ، ويرى في ذلك نقطة الضعف لأي نظام وهو ما تحقق فعلاً عندما عمد اليسار الطفولي في القيادة العامة للجبهة القومية بإثارة الكثير من الإرباكات والمؤامرات تحت سفارات الماركسية وآخر بوحدة الصف في الجبهة القومية وقادها إلى المزيد من النزاعات الدموية انتهاء بـ 13 يناير 1986م.
- قدم استقالته من الحكومة ووزارة الاقتصاد نتيجة للمزايدات والإرباكات التي افتعلها البعض ولم تقبل استقالته، وأخيراً عهد إليه بتحمل المسئولية التنظيمية في العمل التنظيمي لتنظيم الجبهة القومية، عين وزيراً للخارجية ثم بعد ذلك رئيساً للوزراء في أبريل 1969م، جمّد نفسه بعد حركة 22 يونيو 1969م الانقلابية ثم فرضت عليه الإقامة الجبرية في منطقة الرئاسة وفي مارس 1970م تم نقله إلى سجن الفتح الرهيب، بذلت جهود حثيثة من قبل الزعيم جمال عبد الناصر لدى عدن للإفراج عنه وإقامته في القاهرة وكذلك من قبل الزعيم بو مدين ودولة الكويت، ولكن تلك الجهود ذهبت عبثاً، في 02 أبريل 1970م تم اغتياله في سجن الفتح داخل الزنزانة رقم (4)، ولا يعرف قبره حتى الآن، متزوج وله ولدان وبنت، وله العديد من المؤلفات والتعميمات التنظيمية وكذلك كتيبات في النضال الوطني أهمها:- اتحاد الإمارات المزيف – ومفاوضات لندن.
قال عنه كل من عرفه: إن فيصل أحد أبطال اليمن الذين بذلوا حياتهم في سبيل الوطن وتميز بحكمته القيادية وبجسارة المناضل وعمق المثقف ونبوغ السياسي الفذ.

 نقلا الجمهورية نت - إيمان الحنظلي