شركة عدن للأمن والسلامة

  

تقارير
اقرا ايضا

جغرافيا الصراع.. سنحان تبحث عن مستقبل ودثينة تحكم القبضة على القوة

عدن اليوم/الاهالي | الجمعة 04 أكتوبر 2013 12:04 صباحاً

انتظار انتهاء "الفنان" التشكيلي من رسم الخريطة القادمة لليمن وإفراغ تلويناتها المفترضة في "مطبخ" مؤتمر الحوار الوطني تتسابق مراكز النفوذ على تأمين مصالحها والبحث عن مكان مناسب في المستقبل المعقد.

لا يبدو المشهد صحيا، تحولات ما بعد ثورة 11 فبراير 2011م لم تنجح في تفكيك قوى النفوذ التي توسعت أو حافظت على نفسها على الأقل، أفضت عجلة التسوية إلى ولادة مراكز نفوذ جديدة ودخول جيل جديد من اللاعبين، ما حدث لم يكن أكثر من عملية "مبادلة" قام بها "المدرب".

بعض التحالفات السياسية القديمة باتت منهكة والفتور يفتك بعلاقاتها الحذرة، وتحالفات أخرى تعيد ترتيب نفسها معتمدة على ما ورثته من عوامل قوة مستفيدة من ضعف القوى الأخرى.

أحلام اليمن الجديد الموحد والعدالة في توزيع الثروة والسلطة التي هزت عرش صالح تتبخر بمرور الوقت، الأقلمة باتت واقعة والخلاف فقط على: 7، 5 أقاليم، إقليمين، الأطراف التي استفادت في عهد صالح ستكون بحال أفضل بالنسبة لجغرافيا المحاصصة الجديدة.

انتقلت السلطة وامبراطورية القوة والثروة من "سنحان" إلى "دثينة"، إنه الويل الذي تنبأت به مقولة: "يا ويل عدن من صنعاء، وويل صنعاء من دثينة".

القوى السياسية صارت -مع الأسف- منقادة تابعة للقوى الأخرى، بعض الأحزاب تحولت إلى مظلة لمشاريع التشطير وجماعات العنف في الشمال والجنوب. تتبنى بعض الأحزاب مواقفاً لا تمثل أكثر من كونها خضوعا لمشاريع التفكيك واستجابة للغة القوة والسلاح.

بعض الأحزاب لا تتبنى مواقف وطنية وليس لها رؤى واستراتيجيات لإدارة البلاد أو تصورات لمستقبله الذي يفترض أن يكون، بعض آخر يخضع للأمر الواقع، وبعض ثالث باتت ورقة بيد مشاريع الهدم والتدمير.

كبار الأحزاب وأكثرها حضورا تتقاسم السلطة، لكنها تبدو فاقدة لأدوات البناء والتطوير، بعض الأحزاب صارت إمامية أكثر من الإمام وانفصالية أكثر من الانفصال، إنها تعمل بالجغرافيا الضيقة وترتمي في أحضان المشاريع المذهبية والسلالية.

تحصد الجماعات المسلحة مكاسب مستمرة وتنتزع من النظام الحالي تنازلات "مغرية" لقد صارت الغلبة لمن بيده القوة.

عند قراءة التغييرات التي أحدثها الرئيس هادي فإنها تظهر قدرا كبيرا من التحول لصالحه بما يجعله مطمئنا إلى احتفاظه بقواعد السلامة العامة وفقا لاستراتيجية خاصة تجمع بين السياسة والجغرافيا والأمن والإدارة.

كابوس الجغرافيا

 

فؤاد مسعد

اقتضت المرحلة التالية لاندلاع الثورة الشعبية مطلع العام 2011 إعادة تشكّـل خارطة القوى السياسية بما يتلاءم ومواقفها من الثورة التي أضافت للمشهد دماء جديدة على حساب قيادات شاخت ودب الضعف في أجزائها المترهلة.

استطاعت قوى الثورة اختراق القلاع التي ظل النظام يحتمي بها لأمد يزيد عن 30 عاما، وباتت تشكل قوة فاعلة كان لها بالغ الأثر في إنهاك صالح وما تبقى من منظومة حكمه، وفيما استطاعت المبادرة الخليجية التي توافق عليها أطراف العمل السياسي أن تبقي على "بقايا النظام" وفق مبدأ المناصفة في الحكم فإنها أدت لنشوء تحالفات مؤيدة لها وأخرى معارضة تسعى بكل ما أوتيت من قوة لإفشالها.

ومع أن علي صالح المستفيد الأول من التوقيع على المبادرة الخليجية إلا أنه منذ اللحظات التالية للتوقيع بدا بكل وضوح أكثر الأطراف تحريضا عليها وسعيا لعرقلتها، مستخدما قدرته في المراوغة وإمكانات الدولة التي كان يقف على رأسها، ومع مرور الوقت بدا أنه ليس الطرف الوحيد المستميت في الحرب على التسوية السياسية وإطارها النظري المتمثل في المبادرة الخليجية، إذ ظهرت على السطح قوى محلية وإقليمية وظفت كل قدراتها في التحريض على الانتقال السلمي والعمل على إرباك المشهد وإحداث بؤر للفوضى والعبث كلما وجدت إلى ذلك سبيلا.

لم يعد مستغربا أن يجتمع تحت هذه المساعي خصوم الأمس القريب (صالح والبيض والحوثيين).

الرئيس هادي.. محور تحالفات كبرى

 

بزمن قياسي جدا استطاع الرئيس هادي الانتقال من مربع الاستجابة لتحالفات ثانوية إلى محور إدارة تحالفات كبرى ورئيسية تتصدر المشهد وتسهم في التحكم بأغلب قواعده.

وبالنظر لطبيعة المهمة التي وجد هادي نفسه مكلفا بإنجازها في ظروف معقدة وفترة وجيزة، بات عليه البحث عن صيغ جديدة للتعامل مع الوضع الذي لا يخلو من معوقات وعقبات، كل واحدة منها كفيلة بالإجهاز على التسوية السياسية وهي في خطواتها الأولى، وبالنظر كذلك لطبيعة الخصوم الذين نذروا أنفسهم للنيل من التجربة التي يقودها الرئيس هادي، تعين على الأخير أن يضع ذلك في الحسبان وهو يشرع في إنجاز المهمة الاستثنائية.

بطبيعة الحال، اتسمت خطوات هادي اللاحقة بشيء من التوازن والبطء حتى اتهمته بعض قوى الثورة بالسلبية واجترار مساوئ سلفه في الرقص على رؤوس الثعابين، مع أن الوضع انقلب كثيرا ولم يعد بإمكانه هو أو غيره أن يرقص كما يحلو له، لأن الثعابين صارت ترقص فوق رؤوس الجميع، منها ما يرقص عابثا بأسلاك الكهرباء ومنها ما يرقص على وقع تفجير أنابيب النفط وأصوات العبوات الناسفة أو رصاص الاغتيالات، أو التخطيط لأعمال الفوضى والعنف.

(يا ويل صنعاء من دثينة)

يدرك الرئيس هادي أهمية المؤسستين العسكرية والأمنية خصوصا في المرحلة الانتقالية التي جاءت عقب ثورة شعبية أطاحت بنصف النظام السابق، وأبقت على نصفه الآخر مشاركا في الحكم، ولم يكن يخفى عليه الوضع الذي آل إليه الجيش بعد انضمام بعض وحداته للثورة وبقاء بعضها الآخر تحت سيطرة الرئيس السابق وأقاربه مصدر تهديد للعملية السياسية والرئيس هادي نفسه.

لوحظ أنه فيما يتعلق بتعيين قيادات المؤسستين آثر هادي إجراء تغيير تدريجي لحساسية الأمر وإعطائه قدرا مناسبا من الوقت والجهد.

اقتلع جذور صالح من قيادة القوات الجوية عبر عزل أخيه (محمد صالح) الذي يعد أعتى بقايا النظام كما استطاع أن يلوي ذراع صالح في الجنوب من خلال تجريد مهدي مقولة من قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية، وتوالت الإطاحة بحلفاء صالح في المؤسستين العسكرية والأمنية وحل بديلا عنهم قيادات هم أكثر ولاء للرئيس والعهد الجديد وما فرضه من تحالفات وعلاقات، وفيما أثارت تلك القرارات إعجاب قطاعات واسعة في الشارع لاقت بالقدر ذاته استياءات لأنها من ناحية لم تؤد لاستئصال البقايا المثيرة للقلق، ولأن القيادات البديلة ظهر عليهم طابع الولاء لشخص الرئيس ارتباطا بانتماءات مناطقية وسياسية معينة.

وهو ما أوجد لدى بعض المراقبين حالة من الشك والريبة في جدية السلطة القائمة في القضاء على مخلفات النظام السابق وإرثه السيء في إدارة البلد عن طريق الأقارب وأبناء المنطقة، خصوصا حين يتضح أن نسبة كبيرة ممن باتوا يتربعون على مناصب عليا في الجيش والأمن ومؤسسات الدولة الأخرى ينتمون لمنطقة الرئيس ودائرة حلفائها التاريخيين المعروفة بمحور أبين شبوة.

وأفضت التعيينات الأخيرة لجملة من التغيرات أهمها أن قيادة الجيش بشكل نهائي باتت موحدة الولاء والارتباط بشخص رئيس الجمهورية ومثلها الأجهزة الأمنية، وتأكيدا لذلك بات حضور محافظة أبين في مؤتمر الحوار لا يضاهيه حضور أي محافظة أخرى، حيث تستأثر بنسبة مشاركة في قوام المؤتمر تصل لـ18%، وبعدد يقارب المائة عضو.

الحضور الملحوظ لمحسوبين على منطقة الرئيس المعروفة تاريخيا باسم (دثينة) أعاد للأذهان ما تتناقله الأجيال اليمنية من الشعر الشعبي القائل: (يا ويل صنعاء من دثينة).

مربع هادي ومثلث خصومه

ما إن بدأ الرئيس هادي يتلمس طريقه في حكم البلاد المثخنة بجراحاتها حتى كشر الخصوم عن أنيابهم وأخذوا يزرعون الألغام في طريق بات لزاما على الجميع السير فيها.

لم يكشف الرئيس الجديد عن التحديات التي تعترض طريقه من قبل حليفه وبقايا نظامه منذ اللحظات الأولى لكنها كانت الأبرز والأكثر إثارة للمشاكل، ومع الوقت ضاق هادي بها ذرعا حتى صارت حديثه المفضل في أكثر من مناسبة لكن بشيء من الحيطة والحذر في التعاطي معها.

وإلى جانب الخصم العنيد صالح ومنظومته بدا نائبه السابق علي سالم البيض لا يقل عداوة للرئيس هادي وعزما على إفشاله مستدعيا حقده عليه وثاراته القديمة ورغبته في الانتقام منه. ومرة أخرى وجد صالح والبيض نفسيهما في المربع ذاته، حيث يضمر كل منهما الرغبة نفسها في إفشاله ولكل منهما دوافعه وأسبابه الخاصة.

باشر هادي مهام منصبه الجديد معتمدا على ما تراكم لديه من خبرات ومهارات سياسية وعسكرية، فعمل على تنظيف المطبخ من كل ما يمكن أن يلوثه أو يؤثر سلبا على مخرجاته، أو يجعلها تبدو على غير ما يريد له.

وجاءت سلسلة القرارات والتعيينات التي توالت منذ نوفمبر 2011م لتكشف عن تشكل محورا جديدا وقويا، يقوده الرئيس هادي في وجه أكثر من خصم ولمواجهة أكثر من تحدي.

وعند قراءة التغييرات التي أحدثها الرئيس هادي فإنها تظهر قدرا كبيرا من التحول لصالحه بما يجعله مطمئنا إلى احتفاظه بقواعد السلامة العامة وفقا لاستراتيجية خاصة تجمع بين السياسة والجغرافيا والأمن والإدارة.

المحور الجديد للرئيس هادي لم يعد حكرا على حلفاء سابقين أو أبناء منطقته وقبيلته لأن محور تحالفاته بات يضم قوى وأطرافا سياسية واجتماعية عديدة، فالرجل استمال إلى صفه رموزا سياسية ودينية واجتماعية وقادة رأي ونخب مثقفة في شمال اليمن وجنوبه.

اختراق الحراك

التعيينات التي بموجبها صارت مواقع حساسة بيد محسوبين على الرئيس ومنطقته الجغرافية استطاعت إلى حد ما اختراق الحراك الجنوبي والتأثير عليه بشكل مباشر أو غير مباشر، ولتحقيق الغرض ذاته استفاد الرئيس من مجمل علاقاته السابقة مع القوى والشخصيات الجنوبية سواء كانت مدنية أو عسكرية أو تلك التي تحتل مكانة اجتماعية في مناطق الجنوب، ولو لم يفعل ذلك لما حصل على نسبة مشاركة عالية في مؤتمر الحوار الوطني من قبل ممثلين محسوبين على الحراك المطالب بالانفصال وبعدد لم يكن يتوقع مشاركته، ومن هنا جاءت المشاركة الواسعة لفصيل محمد علي أحمد في مؤتمر الحوار رغم ما أشاعه فصيل البيض ضد المشاركين من دعايات واتهامات وتحريض وتخوين.

عدن.. حلم الإقليم وكابوس الصراعات

ينسى أبناء عدن الكثير من الوعود التي يجود بها الساسة عليهم بين وقت وآخر، لكن غالبيتهم يتذكرون وعدا رئاسيا أطلقه الرئيس هادي في زيارته الطويلة لعدن مطلع العام الجاري، حين قال إن عدن ستكون إقليما اقتصاديا مستقلا عن بقية الأقاليم المزمع تشكيلها، بما يتلاءم وموقع عدن الاستراتيجي ووجود كبريات المنشئات الاقتصادية كالمصافي والمنطقة الحرة والميناء ومطار عدن الدولي.

ودعا خطيب الجمعة في ساحة الحرية بعدن إلى إعلان عدن إقليم اقتصادي مستقل. وقال منذر السقاف مخاطبا أعضاء مؤتمر الحوار بصنعاء: مهما كان عدد الأقاليم التي سيتم الاتفاق عليها فإن شباب الثورة بعدن يطالبون أن يكون لعدن إقليم اقتصادي مستقل، ولقد آن الأوان لأبناء عدن أن يخلعوا سياسة الضم والإلحاق، وأن تصبح عدن بوابة اليمن نحو العالم وليس مائدة يغرف منها الجميع مثلما حصل في الماضي".

حضرموت.. الإبقاء إلى وقت الحاجة

إزاء حضور أبين وشبوة كمحور بارز في تحالفات الرئيس هادي، فإن الإبقاء على حضرموت كقوة اقتصادية يتم استدعاؤها عند الحاجة، يبدو أنها سياسة مناسبة لدى صانعي القرار قديما وحديثا.

ومقابل تضاؤل وجود حضرموت في مراكز صنع القرار فإن الرئيس هادي سعى لسد بعض الفراغات هنا وهناك بعناصر حضرمية مشهود لغالبيتها الكفاءة والنزاهة، وفي تشكيل عدد من اللجان خصوصا تلك التي لها صلة بالقضاء والإدارة والقانون.

شخصيات حضرمية تصدرت بعض التعيينات لتعبر عن إدراك ووعي لما يمكن أن يقود إليه هذا الحضور من نتائج إيجابية، ومع ذلك لا تزال المحافظة بحاجة لأن يكون لها على مستوى الوطن دوراً يتوافق وحجمها وأهميتها، وأن يكون لأبنائها مكانة تتوازى وقدراتهم على الإدارة وخبراتهم في مجالات عديدة.

الضالع ولحج.. كابوس الجغرافيا

منطقة الصبيحة هي من أكثر المناطق حرمانا لفترات طويلة، وقد كانت أول مناطق اليمن سقوطا من نظام صالح الذي تركها منتصف العام 2008م في غضون ساعات عقب مواجهات خاطفة بين المواطنين وجنود الأمن المركزي، وحين تساقطت مناطق أبين وشبوة في أيادي القاعدة التي باتت آنذاك تهدد عدن ولحج كان أبناء الصبيحة هم السد المانع الذي وقف في وجه التوسع المفاجئ لأنصار القاعدة، ما أجبرهم على التراجع.

في تتبع المشهد الراهن يبرز القائد العسكري محمود الصبيحي، قائد المنطقة العسكرية الرابعة (الجنوبية)، كواحد من قيادات قليلة حملت على عاتقها مهمة مواجهة "القاعدة" وجماعات العنف في أكثر من منطقة، ويظهر أحمد المجيدي، محافظ لحج في مواجهة المخاطر ذاتها، وإلى جانب الرجلين هناك الكثير من قيادات "الجندي المجهول" من أبناء منطقة الصبيحة يحضرون وقت المغرم وينساهم الجميع عند المغنم، وإلى ما تعانيه المنطقة من إهمال متراكم منذ العهود السابقة لا يزال المؤهلون من أبنائها خارج دائرة الاهتمام الرسمي، يلاحقهم كابوس الجغرافيا.

استدعاء الصبيحة هنا يأتي كمثال فقط لتوضيح أن ثمة مناطق لا تزال بعيدة عن دائرة الضوء، وليست الوحيدة في هذه الحالة، لكنها مع الضالع وردفان والمهرة ومناطق منسية أخرى لا تزال في دائرة الإهمال.

معركة الزمرة والطغمة

أفضت المرحلة الانتقالية إلى حصد المحافظات الجنوبية مكاسب مختلفة لا تقتصر على الاحتفاظ بمنصب رئاسة الوزراء والحصة المقبولة في حكومة الوفاق الوطني بل أوصلت شخصية جنوبية إلى منصب رئاسة الجمهورية للمرة الأولى منذ تحقيق الوحدة عام 90م.

وخلال فترة رئاسته أصدر الرئيس عبدربه منصور وهو من أبناء قرية الوضيع بمحافظة أبين، جملة قرارات قضت بتعيين قيادات في مناصب عليا على المستوى العسكري والأمني والمدني.

مكاسب لم تكن لتحقق في عهد صالح، تم تمثيل أبناء المحافظات الجنوبية بنصف تمثيل مختلف القوى وحصة أخرى منحت لفصائل الحراك وعدد آخر شملتهم حصة الرئيس هادي. تم تشكيل لجان لمعالجة الأراضي وتم إعادة مئات الضباط والمتقاعدين إلى الخدمة في الجيش والأمن.

الإيجابية المفترضة من تلك القرارات وما يمكن أن تحمل معها من تطمينات وإعادة اعتبار، كانت -مع الأسف- دون المستوى المفترض، أفضت في جزء منها إلى تغذية الانقسامات وخيبات الأمل والخوف من الاقصاء والتهميش.

لقد كانت تلك القرارات سببا في بروز الصراع القديم بين طرفي الصراع: الزمرة، الطغمة، مجددا، بعض القرارات خضعت لمعايير جغرافية ولم تتعدى دائرة المقربين والمعاريف. يعتبر رموز "الطغمة" التي يتزعمها علي سالم البيض أن "الزمرة" التي تحكم اليمن حاليا تتعمد تهميشهم وتنتقم منهم وتستدعي صراعات الماضي الذي شهد أقسى دمويته في أحداث يناير 86م التي راح ضحيتها عشرات الآلاف قتلى وجرحى، كانت المواجهة يومئذ بين يتار الزمرة التي كانت تحكم (الجنوب) بزعامة علي ناصر محمد، وتيار الزمرة بزعامة البيض.

الانحياز للجغرافيا يخلق احتقانات في المحافظات الجنوبية، وتحديدا في محافظة الضالع، معقل الطغمة ووقود الحروب والصراعات، لم تشمل التعيينات محافظة لحج، وحصة عدن دون المستوى وتشعر حضرموت بأنها لم تنل نصيبها المناسب، التعيينات تتركز في محور (أبين- شبوة).

صراع الزمرة والطغمة لم يقتصر على المحافظات الجنوبية، تحولت العاصمة صنعاء إلى ميدان لتلك المعركة، الصراع الطاغي على الحياة السياسية دفع بالطرف الأضعف (الطغمة) إلى الارتماء في أحضان حلفاء الزمرة بالأمس وخصومها اليوم، اصطفت قيادات بارزة مع علي صالح وأعداء التسوية السياسية وصارت أدوات بيد خصوم هادي.

جلال يمارس دور أحمد.. ناصر يمسك الملف العسكري.. ياسر يمسك ملف الإعلام..

أولاد الرئيس

يجلس المشير عبدربه منصور هادي، وهو من مواليد 1 سبتمبر 1945م، قرية ذكين، مديرية الوضيع، محافظة أبين، على كرسي الحكم، إنه رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن رئيس لجنة الشئون العسكرية والأمنية رئيس مجلس الدفاع الوطني رئيس اللجنة الأمنية العليا رئيس مؤتمر الحوار الوطني صاحب القرار الأعلى في البلاد.

على المستوى العائلي، برز اسم جلال، وهو النجل الأكبر، مبكرا لدرجة جرى الحديث عن ممارسته لدور أحمد علي صالح، عبر التأثير في التعيينات وتسيير السلطات التنفيذية، يوصف بأنه ماسك ملف الحكومة والاقتصاد والسياسة. يحمل جلال شهادة في مجال الطيران من الولايات المتحدة الأمريكية وسبق تعيينه في منصب نائب وزير المغتربين.

في المقابل، يتغول نجله الأوسط، ناصر، وهو حاصل على بكالوريوس من جامعة الملكة أروى ويحمل رتبة رائد، في الحياة العسكرية، وقد تم تعيينه بقرار غير معلن قائدا لقوات الحماية الرئاسية المتمركزة بالعاصمة صنعاء وشكلت من عدة ألوية. يمسك ناصر بالملف العسكري ويشرف على المنافذ البرية والجوية والبحرية.

قبل حوالى أسبوعين زار ناصر اللواء الرابع حماية رئاسية بمقره وسط العاصمة، وألقى محاضرة خلطت بين الشئون العسكرية والسياسية.

يبرز اسم ياسر هادي، وهو أصغر أنجال الرئيس، في المجال الإعلامي والتسويق. تخرج هو الآخر من جامعة الملكة أروى بصنعاء وحاصل على ماجستير في الإعلام والتسويق من بريطانيا.

يدير ياسر الملف الإعلامي، وأسس شركات عاملة في هذا المجال، وتزوج خلال الأشهر الأولى من تولي والده الحكم.

الأدوار تتبدل: منصب الرئيس الذي كان لسنحان صار بيد دثينة، والنائب الذي كان لدثينة في طريقه إلى سنحان..

«دثينة» تحكم القبضة بمفاصل السلطة والثروة

انتزعت منطقة "دثينة" بمحافظة أبين منصب رئيس الجمهورية بعد أن كانت تتولى منصب نائب الرئيس لحوالي 15 عاما، حيث كان المنصب الأخير من نصيب عبدربه منصور باعتبار المنصب حصة الجنوب، وهو المنصب الذي لم يكن له أي صلاحيات في عهد صالح وكان يعد شرفيا، في المقابل كانت منطقة سنحان في الشمال تستحوذ على منصب رئيس الجمهورية لـ33 عاما. يبدو الحال وكأن التاريخ يعيد نفسه والأدوار تتبدل، انتزعت دثينة منصب الرئيس وحصدت سنحان منصب نائب الرئيس وهو المنصب الشرفي الذي يجري الحديث عن ممارسة اللواء علي محسن صالح له بعد تعيينه في منصب مستشار رئيس الجمهوري لشئون الدفاع والأمن.

دثينة هي منطقة قبلية معروفة بمحافظة أبين، تضم مديريات: مودية، لودر، الوضيع. ويعيش أبناء المنطقة حياة البدو المتنقلين.

وخلال الأشهر السابقة من توليه الحكم عين هادي عدد من أقاربه في مناصب مختلفة. وعين عدد من القيادات المنتمية إلى منطقة دثينة.

ويعد وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر أحمد، الذراع الأيمن للرئيس ويمارس دور الرجل الثاني في الحكم، ويعد اللواء ناصر منصور وهو شقيق الرئيس ووكيل جهاز الأمن السياسي لمحافظات عدن ولحج وأبين، الحاكم الفعلي للجنوب.

وتم تعيين الدكتور علي منصور بن سفاع، وهو بن خالة الرئيس، في منصب أمين عام رئاسة الجمهورية، وعين محمد هادي منصور، السكرتير الخاص للرئيس.

وكانت صحيفة "القدس العربي" قد نقلت في يناير الماضي عن مصدر عسكري -لم تسمه- أن هادي عيّن من أقاربه ومن منطقته القبلية خلال 10 أشهر فقط نحو 182 قائدا عسكريا في مختلف المستويات القيادية، بينهم أكثر من 25 قائدا عسكريا من المستويات القيادية العليا في الجيش، بشكل تجاوز فيه سياسة صالح في ذلك، حيث كان صالح عيّن خلال فترة حكمه الذي يمتد لثلاثة وثلاثين عاما نحو 250 قائدا عسكريا فقط من أقاربه ومن منطقته القبلية.

رجال حول الرئيس

حظي أبناء محافظة أبين بعدد من قرارات هادي في مختلف المجالات، سعى هادي لتقريب رموز المحافظة منه.

وتم تعيين محمد الحاج سالم في منصب رئيس دائرة الإعلام والثقافة برئاسة الجمهورية.

وعلى مستوى القيادات العسكرية تم تعيين العقيد الركن صالح محمد عبدربه أحمد الجعيملاني، قائدا للحرس الخاص، والعميد الركن أبو بكر رشاد علي هادي، رئيس عمليات العمليات الخاصة.

واستحوذت محافظة أبين على 17% من التعيينات في المؤسسات الاقتصادية والمالية. حيث تركزت التعيينات في: شركة الخطوط الجوية اليمنية، الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني، بنك التسليف التعاوني الزراعي، مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية، عضو مجلس إدارة البنك المركزي اليمني. على مستوى السلطة القضائية، عين الدكتور القاضي علي ناصر سالم، رئيسا لمجلس القضاء الأعلى، وانتزعت أبين رئاسة نادي القضاة اليمني بفوز الجراح بلعيدي بالمنصب. فيما تم تعيين عدد من القضاة في مناصب ومواقع هامة. وعين القاضي علي سليمان علي، عضو في اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء.

على مستوى السلطة التشريعية، يعد نائب رئيس مجلس النواب محمد علي الشدادي، أحد أذرع هادي على مستوى المحافظة حيث يعتمد هادي عليه في مهمات سياسية هامة محليا وخارجيا ولعب الشدادي دورا كبيرا في مواجهة أنصار الشريعة. ويلعب القيادي محمد علي أحمد، دورا مزدوجا في تمثيل الحراك الجنوبي في مؤتمر الحوار واحتكار المكاسب المادية.

سكان أبين يمثلون 43% من سكان حضرموت..

أبين حصدت 100 مقعد في مؤتمر الحوار وحضرموت 25 فقط

احتكار التعيينات في محور أبين -شبوة والامتيازات المغرية المقدمة لقيادات أبين وممثليهم في مؤتمر الحوار الوطني يثير غضب محافظات جنوبية أخرى مثل محافظة حضرموت.

وتتحدث معلومات عن انتزاع محافظة أبين لـ100 مقعد في مؤتمر الحوار من أصل 530 عضوا (بعد استبعاد حصة الحوثي 35 عضو)، حصلت على هذا العدد عبر الـ50% من ممثلي القوى والأحزاب وحصة الرئيس والحصة الممنوحة للحراك الذي استحوذ عليها تيار بن علي (مؤتمر شعب الجنوب). أبين عدد سكانها (433.819) نسمة وفقا لأحصاءات 2004م ومساحتها 21489كم²، وعدد مديرياتها 11 مديرية.

مقابل ذلك كانت حصة حضرموت في المؤتمر 25 عضوا فقط، وهي أكبر محافظات اليمن ويقدر عدد سكانها أكثر من مليون نسمة وتحتل 36% من مساحة الجمهورية اليمنية ويبلغ طول ساحلها حوالي 450 كم، وتتكون من 30 مديرية وتبلغ مساحة حضرموت نحو 193.032كم مربع.

//////////////////////////////

تلقت ضربات موجعة أطاحت بصالح وعائلته والمقربين عسكريين ومدنيين والقليل حافظوا على مواقعهم وعدد محدود حصدوا مناصب في التعيينات الجديدة..

سنحان تبحث عن مستقبل

إلى ما قبل 18 مارس 2011م و23 نوفمبر من العام ذاته كانت مديرية سنحان تحكم البلاد خلال 33 عاما من تولي علي عبدالله صالح، وهو أحد أبناء قرية الأحمر بسنحان، الحكم الذي كان في طريقه إلى توريثه لنجله الأكبر "أحمد".

استحوذت المديرية لسنوات على أعلى المناصب العسكرية والمدنية، عدد كبير من قيادات الجيش وقادة المناطق والألوية العسكرية والكتائب والوحدات كانوا من سنحان، لقد كانت تمسك بمفاصل السلطة وتتحكم بالإدارة والاقتصاد والسياسة أيضا، الثروة النفطية وموارد البلد كانت قسمة بين القادة والنافذين والعيال أيضا.

بلوكات النفط وشركاته، الاستثمار وقطاعاته، السياحة، الرياضة، المعادن، التصدير والاستيراد، كانت جميعها بالمحاصصة.. كانت البلاد تدار من سنحان، القرارات المصيرية من صلاحية الجنرالات الذين تم تأهيلهم خلال فترات قياسية وكثير منهم عينوا في مناصب بلا مؤهلات وكفاءة.

مقابل ذلك، شارك أبناء سنحان في الثورة الشعبية ضد صالح ولعبوا أدوارا كبيرة في الإطاحة به، لم تكن المنطقة بأحسن حال عن غيرها حرمانا من الخدمات والبنى التحتية.

وخلال السنوات العشر الأخيرة من عقود حكم صالح، كانت إمبراطورية سنحان بدأت تتصدع نتيجة صراعات الجيل الثاني والثالث، تم إقصاء بعض القيادات العسكرية والمدنية، بدأت دائرة عائلة الحكم تتسع على حساب دائرة القبيلة والحلفاء الذين تساقطوا مثل أوراق الربيع.

وقد تحدث الشيخ سنان أبو لحوم، عن تلك الحالة بعبارته الشهيرة "العيال كبرت" في حوار سابق مع صحيفة "الأهالي".

تصاعدت صراعات الورثة داخل العائلة وتقلصت دائرة تحالفاته بمرور الوقت، وبتطلعات وطموحات الجيل الثاني وبسير صالح نحو توريث الحكم والتهيئة لذلك بدأت التشققات داخل الإمبراطورية في الاتساع، كانت قبيلة حاشد هي الحاكمة وانحسرت الدائرة إلى سنحان ومنها إلى عائلة "الأحمر" ومن ثم صالح وأولاده.

ومنذ السنوات الأولى عمل صالح على تصفية ملعبه والتخلص من الأقوياء، لقد تم إخلاء الملعب من القائد العسكري اللواء الركن محمد إسماعيل، الذي كان يقود المنطقة الشرقية وواحد من القيادات البارزة في سنحان وتقلد مناصب عسكرية عدة وكان أحد الأصوات القوية المعارضة.

كما تم التخلص من اللواء أحمد فرج، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس هيئة الأركان العامة لشئون التخطيط والتسليح وشغل قبلها قائدا لمعسكر خالد بن الوليد، وكان عضواً في اللجنة الدائمة لحزب المؤتمر الشعبي.

قُتل القائدان في حادثة سقوط مروحية عسكرية في الـ14 أغسطس 99م بحضرموت، وقتل فيها عدد من الضباط ويتهم صالح بالوقوف ورائها.

وكانت قبيلة سنحان طالبت الرئيس هادي ووزارة الدفاع بفتح تحقيق في الحادثة.

مطالبة سنحان بالتحقيق تزامنت مع نشر الرئيس عبر صفحاته على الفيسبوك صورا قديمة تجمعه مع اللواء الركن محمد إسماعيل، وهي رسائل مباشرة مقصود بها صالح.

تخلص صالح من قيادات أخرى من بينها: عبدالله فرج الذي كان قائدا للواء 130 مشاة مدعم.

ما قبل ثورة 11 فبراير

بانفراد حزب المؤتمر الشعبي برئاسة علي صالح، بالسلطة وإقصاء شركائه في الحكم وإحكام قبضته بمفاصل السلطة والثروة، قام صالح خلال السنوات الأخيرة من حكمه بتعيين أقاربه في أعلى المناصب العسكرية والأمنية والمدنية وأزاح عدد من القيادات التي تنتمي إلى مناطق أخرى ومن بينها قيادات من سنحان.

تم التخلص من اللواء الركن صالح الظنين، وإقصائه من قيادة اللواء 33 مدرع عام 2007م، وتم التخلص أيضا من اللواء عبداللاه القاضي، حيث أصدر صالح "الخميس 10 مارس 2011م" قرارا بعزله من منصب قائد محور العند ولواء 201 مشاة ميكا، بعد رفضه استخدام الجيش لقمع المتظاهرين، ويعد القاضي أحد أقدم القادة الذين برزوا في السبعينيات.

وتم التخلص من اللواء الركن عبدالملك السياني، وهو وزير الدفاع الأسبق "94م" وأحد القيادات العسكرية التي أعلنت الانضمام إلى الثورة ووقعت على "البيان رقم 1" للجيش المناصر للثورة.

وتعرض السياني لضربات موجعة بدأت عام 95م حيث تم عزله من الدفاع وتعيينه وزيرا للنقل (مايو 97م - مايو 98م) وتعرض لأكثر من محاولة اعتداء طالت منزله القريب من ميدان السبعين بصنعاء.

القيادي العسكري أحمد إسماعيل أبو حورية، تم إبعاده عن الحياة العسكرية مبكرا، وسبق وقاد اللواء 56، خلال السنوات الأولى من حكم صالح.

حورية تحول نحو العمل السياسي وشغل عضو مجلس النواب (2003 -2009 -2013) عن الدائرة 233 ليكتفي حاليا بمشيخة القبيلة.

وأبعد صالح العميد الركن علي أحمد السياني، خلال الجولة الخامسة من حرب صعدة، من منصب مدير دائرة الاستخبارات العسكرية بوزارة الدفاع.

من بين الشخصيات التي حرمت من الكعكة -أو كان لها نصيبا محدودا- عضو مجلس النواب محمد عبداللاه القاضي، الذي أعلن انضمامه للثورة الشعبية عقب مجزرة جمعة الكرامة 18 مارس 2011م واستقال من منصبه كعضو في اللجنة الدائمة لحزب المؤتمر الشعبي.

القاضي كان أحد الأصوات القليلة المعارضة في الحزب الذي كان حاكما ويشارك اليوم بنصف الحكومة ولا يزال يمسك بمفاصل الدولة.

النائب القاضي، تحدث في حوار مع صحيفة "الأهالي" في 2007م عن أسباب إقصائه ووالده، ومن بين ما قاله "نحن بعيدون عن تقاسم السلطة.. ونحن خارج السلطة.. هناك من يكون متحمسا في موقع عمل معين، ومنهم من يكون بدون عمل، وهناك بعض الناس يطبل ويجامل عند اتخاذ قرار معين ويقول إنه قرار صائب في الوقت الذي يكون فيه قرارا خاطئا.. ونحن لا نستطيع أن نجامل أو نداهن أو نتملق".

وأضاف: "لسنا جزءا من السلطة وليس لنا دور فيها.. ولا أحس أني جزء من السلطة".

القاضي تحدث يومئذ عن "كروت من سنحان" التي استخدمها صالح ثم تخلص منها بعد انقضاء حاجته.

من بين تلك القيادات اللواء عبدالقادر هلال، الذي دفعته مضايقات صالح وأفراد عائلته إلى الاستقالة من منصب وزير الإدارة المحلية في نوفمبر 2008م التي شغل قبلها عدة مناصب بينها محافظ لمحافظتي حضرموت وإب، كان هلال في أزهى سنوات حضوره التي قضت على أحلامه قصة "بنت الصحن".

ما بعد 18 مارس

اندلعت الثورة الشعبية السلمية ضد صالح وعائلته في فبراير 2011م لكن نظام صالح ظل متماسكا إلى حد ما حتى يوم 18 مارس الذي سقطت فيه الدولة وانهارت الأوضاع من يد صالح.

لقد وجدت بعض سنحان زمنها المناسب، تراكمات الماضي والإيغال في الأخطاء كانت القاضية. لقد تحققت نبوءة الشاعر البردوني: أخشى على الشعب أو أخاف على سنحان من نفسه من بعض سنحان.

أعلن قائد المنطقة الشمالية الغربية والفرقة الأولى مدرع "سابقا" اللواء علي محسن صالح، انشقاقه عن صالح وانضم إلى صف الثورة ومعه قيادات ثلاث مناطق عسكرية وقيادات بارزة في الجيش وكبار رجال الدولة ورموز البلاد.

انكسر ظهر صالح وخسر إمبراطورية سنحان الدرع الحامي والقوة المساندة. كان علي محسن يوصف بالرجل الثاني في الحكم.

انحياز الجيش إلى الشعب أفشل مخططات صالح في قمع وقتل الثورة وجعله الطرف الأضعف ما اضطره إلى الاستسلام والتوقيع على المبادرة.

كان من بين القيادات العسكرية المنتمية لسنحان إضافة إلى علي محسن اللواء الركن محمد علي محسن قائد المنطقة الشرقية، اللواء عبدالملك السياني واللواء الركن صالح الظنين.

ومن بين أبرز القيادات المدنية المنتمية إلى سنحان التي أعلنت الانشقاق عن نظام صالح البرلماني محمد عبداللاه القاضي.

ما بعد توقيع المبادرة

تحت ضغط دولي وزخم ثوري متصاعد رضخ علي صالح وذهب إلى الرياض ووقع على المبادرة الخليجية في 23 نوفمبر 2011م التي طوت ثلاثة عقود من حكمه وأفضت إلى انتخاب نائبه السابق عبدربه منصور هادي رئيسا توافقيا للمرحلة الانتقالية المحددة بعامين، لقد وقع صالح على تنحيه وخرج من الحكم. لقد كان المشير علي صالح رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الشعبي العام رئيس مجلس الدفاع الوطني رئيس اللجنة الأمنية العليا القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن.

 

تم تفكيك المنظومة العسكرية لعائلة صالح التي كانت تمسك بالمؤسسة العسكرية والأمنية. تم إبعاد اللواء طيار محمد صالح الأحمر "أخ غير شقيق" من قيادة القوات الجوية والدفاع الجوي وتعيينه مساعدا لوزير الدفاع لشئون التصنيع العسكري.

وتم إبعاد اللواء مهدي مقولة من قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية وتعيينه نائبا لرئيس هيئة الأركان العامة لشئون القوى البشرية. وتم إبعاد اللواء علي صالح الأحمر، من منصب مدير مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة في سبتمبر 2012م وتعيينه سفيرا بوزارة الخارجية.

وأطيح بقائد الحرس الخاص طارق محمد عبدالله صالح، قائد اللواء الثالث مدرع حرس جمهوري وتعيينه قائدا للواء 37 مدرع في حضرموت، ثم تعيينه ملحقا عسكريا في السفارة اليمنية بألمانيا.

ثم أطيح بعمار محمد عبدالله صالح، من منصب وكيل جهاز الأمن القومي للشئون الخارجية، وتم تعيينه ملحقا عسكريا في أثيوبيا. وأطيح بالعميد يحيى محمد عبدالله صالح، من منصب رئيس أركان قوات الأمن المركزي "سابقا" ومن المناصب المدنية الأخرى بينها رئاسة هيئة السياحة.

تلى ذلك الإطاحة بالنجل الأكبر العميد أحمد علي صالح، الذي كان يقود قوات الحرس الجمهوري والحرس الخاص والقوات الخاصة، وهي القوات التي لعبت دورا في حماية صالح وقمع الثورة، وكانت أقوى وحدات الجيش من حيث التدريب والتسليح. تم تعيين أحمد سفيرا لدى دولة الإمارات.

وتم الإطاحة بخالد علي صالح من قيادة اللواء مشاة جبلي، كما أطيح بتيسير صالح عبدالله صالح من منصب الملحق العسكري للسفارة اليمنية بواشنطن. كما تم إبعاد القائد العسكري محمد خليل، من منصب قائد اللواء 314 حماية رئاسية "اللواء الرابع" بعد حوالي 37 عاما وتعيينه مستشارا لوزير الدفاع.

على مستوى القيادات المدنية الموالية لصالح فقد تم إبعاد توفيق صالح عبدالله صالح من منصب رئيس مجلس إدارة شركة التبغ والكبريت، كما تم إبعاد عبدالخالق القاضي، من منصب رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية اليمنية، وتعيينه مستشارا لوزير النقل.

كما أطيح بقائد اللواء 35 مدرع العميد محمد عبدالله حيدر، وأطيح أيضا بقائد اللواء 63 العقيد أحمد الجاكي وأطيح أيضا بقائد اللواء 15 "حرس جمهوري" العميد محسن شمبح.

وأطيح أيضا بقائد اللواء 8 صواريخ حسين زياد، وأطيح أيضا بقائد اللواء 30 "حرس جمهوري" في إب العميد أحمد صالح شملان، وأبعد محافظ محافظة الحديدة سابقا وزير الثروة السمكية السابق العميد محمد صالح شملان.

كما أطيح بقائد خفر السواحل خالد محمد خليل، وتم إبعاد قائد قاعدة الريان أحمد يحيى السنحاني. وتم إبعاد 26 قائد كتيبة عسكرية من مناصبهم. وتم الإطاحة بقائد اللواء الرابع حرس سابقا عبدالملك العرار

(الصور: علي محسن، محمد علي محسن)

أنصار الثورة

على مستوى القيادات العسكرية المنتمية إلى سنحان المنحازة إلى صف الثورة، فقد تم إبعاد اللواء علي محسن صالح، من منصب قائد المنطقة العسكرية الغربية قائد قوات الفرقة الأولى مدرع، التي لعبت دورا كبيرا في حماية الثوار وخلق توازن عسكري.

كما تم إبعاد اللواء محمد علي محسن، من قيادة المنطقة العسكرية الشرقية وتعيينه نائبا لرئيس هيئة الأركان العامة لشئون القوات الجوية، ومن ثم تعيينه ملحقا عسكريا في قطر.

وأبعد العميد الركن حسن فرج، من قيادة اللواء 101 مشاة المتمركز في منفذ البقع بمحافظة حضرموت.

الباقون في العهد الجديد

من بين القيادات العسكرية المنتمية إلى سنحان التي تم تعيينها في مناصب في عهد الرئيس هادي، اللواء علي محسن صالح، الذي تم تعيينه مستشارا لرئيس الجمهورية لشئون الدفاع والأمن.

المنصب يعد شرفيا، صلاحياته محدودة تنتهي عند حدود تقديم المشورة للرئيس، لكن محسن بما يتمتع به من نفوذ داخل الجيش وعلاقاته الواسعة مع القوى السياسية والقبلية والمدنية تتيح له فرصة التحرك داخل وخارج القصر والقرب من مصدر القرار، هذا الحضور قد لا يستمر طويلا إذا ما تم تقليص الامتيازات الممنوحة له والحجر على التدفقات المالية.

لقد بات منصب الرئيس بيد "دثينة" بعد سقوطه من "سنحان" ويتوقع البعض أن يتم تعيين علي محسن في منصب نائب رئيس الجمهورية، وهو المنصب السابق للرئيس هادي، حيث كان المخصب من حصة "دثينة".

اللواء عبدالقادر هلال تمكن هو الآخر من الحصول على مقعد في النظام الجديد، لقد فاز بمنصب أمين أمانة العاصمة، وهو المنصب الذي يعادل وزارة سيادية، السلطة التي يمسكها هلال ذات قيمة رمزية ولها موارد مالية ضخمة. هلال بقي خلال الثورة صامتا ولم يتخذ موقفا من صالح أو من الثورة، طموحاته الجامحة ذات وجهة مختلفة.

العميد الركن مراد العوبلي، نجا هو الآخر من عاصفة التغييرات، رغم الشبهات المحيطة به لكنه لا يزال يحتفظ بمنصب قائد اللواء 62 "حرس جمهوري" المتمركز في منطقة الصمع شمال العاصمة، وقد عين قائدا للواء بعد أن كان قائدا للواء 22 "حرس جمهوري" المتمركز في محافظة تعز.

من بين القيادات العسكرية التي كانت لها خطوة في عهد ما بعد صالح، العميد الركن أحمد حسين دحان، الذي تم تعيينه قائدا للقوات الخاصة، وشغل سابقا رئيس أركان القوات الخاصة.

ومن بين القيادات المدنية الكابتن حامد فرج، رئيس الهيئة العامة للطيران والإرصاد المدني، وهو المنصب الذي يشغله بتعيين من علي صالح بموجب القرار الجمهوري رقم 173 لسنة 2003.

وتم تعيين العميد الركن علي أحمد السياني، مستشارا للقائد الأعلى للقوات المسلحة وترقيته إلى رتبة لواء بموجب القرار رقم 42 لسنة 2012م. كما تم تعيين العميد عبدالوهاب قعشم، قائدا للواء 101 مشاة المتمركز في منفذ البقع بمحافظة حضرموت، وشغل قبل ذلك قائدا للواء حجة.

ولا يزال العميد الركن محمد صالح السياني، يقود اللواء 55 مدفعية صاروخية المتمركز في يريم بمحافظة إب. ويحتفظ العميد الركن المهندس محمد العرار، بمنصبه كمدير لدائرة التأمين الفني الذي عينه صالح في 2006.

ويحتفظ محمد القاضي، بقيادة اللواء الرابع حرس "احتياط"، ومحمد الجماعي، بقيادة محور شبوة وقيادة اللواء 119 مشاة.

كما تم تعيين عبدالله البزاغي، في منصب نائب شئون الأفراد بوزارة الدفاع.

صراع القيادة

يملك صالح ومحسن وقيادات أخرى قلاعا حصينة وقصورا فارهة في سنحان، ولكل منهم أدواته المساعدة في النفوذ داخل القبيلة.

بين وقت وآخر يتحدث إعلام صالح عن زيارته لسنحان وحضوره فعاليات اجتماعية، يمكن القول أنه لم يعد لصالح تأثيرا واسعا على القبيلة التي تعتبر أنه وعائلته سبب نكبتها.

يمتلك صالح أموالا كبيرة قد تمكنه من شراء بعض ولاءات قبيلته، مخزون الأسلحة وأجهزة الاتصالات المخزنة في معسكر ريمة حميد وأماكن أخرى قد تتيح لصالح بعض النفوذ والحضور في القبيلة.

في الـ26 من إبريل المنصرم عاد علي محسن، إلى منزله بسنحان بعد غياب لأكثر من عامين، تم استقباله بحفاوة من أبناء القبيلة.

يستند محسن إلى علاقاته القوية مع القيادات العسكرية في سنحان والمدنية كذلك، وبالتالي يمكنه توسيع تحالفاته في القبيلة وأن يكون الأقوى، منصبه الحالي يساعده كثيرا.

على المستوى الاجتماعي يبدو مشائخ القبيلة حيارى يبحثون عن مصالح لدى الأطراف المختلفة.

الشيخ علي مقصع، شيخ مشائخ سنحان، أحد الموالين لعلي صالح وقد قدم الطاعة والولاء للرئيس هادي الذي استقبله في يناير الماضي.

تتحدث معلومات عن جهود يبذلها مقصع للم شمل الفرقاء وعقد مصالحة بين صالح ومحسن، وهي المصالحة التي تبدو مستحيلة حتى الآن على الأقل.

الشيخ أحمد إسماعيل أبو حورية، وهو شيخ القبيلة كان أحد أعضاء لجنة وساطة أوفدها صالح إلى أولاد الأحمر وتم استهدافها بصواريخ ذكية، وكان أيضا في لجنة وساطة أخرى استهدفت بالقرب من مقر الفرقة "سابقا". حورية صاحب ولاءات متعددة لكن مصالحه باتت مرتبطة بالنظام الحالي.

مستقبل القبيلة

الضربات الموجعة التي تلقتها القبيلة تجعل من الصعب تعافيها والتفافها حول قيادة واحدة. الأموال والإمكانات المتاحة للقيادات ستبقي القبيلة رهينة الاستقطابات الداخلية والخارجية.

لكن استمرار الضربات قد تشجع القبيلة على المصالحة والاصطفاف لمواجهة "الأخطار" والبحث عن مكاسب وامتيازات. ضريبة الانتقال إلى خارج السلطة ستكون كبيرة على القبيلة وقد تكون لها انعكاسات سلبية.

سنحان.. الموقع والأهمية

تقع مديرية سنحان إلى الجنوب من العاصمة وهي أكبر مديريات محافظة صنعاء، عدد سكانها (200.427) نسمة 2004م وتضم المديرية 12 عزلة.

المديرية التي تضم أجزاء واسعة من العاصمة صنعاء تحقق إيرادات مالية كبيرة من الضرائب والرسوم التي تصب في ميزانية المجلس المحلي.

> خارطة نصيب سنحان في التعيينات في عهد صالح وهادي

القيادات التي أبعدت خلال المرحلة الانتقالية القيادات التي بقيت في مناصبها القيادات التي تم تعيينها

الجيش والأمن مناصب مدنية الجيش والأمن مناصب مدنية الجيش والأمن مناصب مدنية

عائلة صالح 9 2 - - 3 2

أنصار الثورة 3 - - - 2 -

أبناء المنطقة 9 2 7 1 4 2

حاشد.. ما بعد سنوات العسل

لم يكن حال المناطق المجاورة لمديرية سنحان أفضل حالا من بقية مناطق الشمال والجنوب.

وقد عبرت قبيلة خولان عن رفضها لاستفراد سنحان بالسلطة في زامل شعبي شهير يقول:

سلام من خولان طايل

من بيت لحمه لا قحازه

خولان باتصبر عليكم

لوما علي يطرح جهازه

انهارت "مملكة سنحان" ويجري إضعاف القبيلة الأقوى "حاشد" الموصوفة بصانعة الرؤساء، تتلاقى مصالح قوى مختلفة في فكفكة القبيلة صاحبة التاريخ القريب من القصر، مكاسب القبيلة باتت تتدهور وحظوظها في "الكعكة" في طريق انقضاء سنوات "العسل".

حاشد اليوم غير الأمس، باتت تمثل "نصع" للقوى المعادية للثورة والتغيير، هدف إضعافها يتعدى جماعات العنف في الداخل إلى خارج الحدود القريبة وبعض البعيدة.

لن تعد حاشد الكفة المرجحة في موازين القوى، تكتل قبلي جديد يولد في المناطق الوسطى بتغذية ورعاية إماراتية تحت شعار خلق توازن في القوى القبلية الكبيرة.

ينظر حلفاء العنف إلى القبيلة كعقبة في طريق سيطرة الملكية على الجمهورية بالعاصمة صنعاء.. عوامل القوة سقطت من يد حاشد والتصدعات تتوغل فيها، تنازع عيال الأحمر القيادة يساعد في إضعافها.

تناقضات ومراوغات "حسين" وغياب وضعف "صادق" واستغراق "حميد" في العمل السياسي والتجاري، يساعد في فتح تشققات بالقبيلة. الشقوق الصغيرة كانت سببا في انهيار سد مأرب.

تشهد "العصيمات" مواجهات مرشحة للتوسع بين الحوثي وأبناء المنطقة "معقل بيت الأحمر"، إنها جبهة جديدة للصراع القادم.

الحوثي.. مكاسب القوة

في صعدة تستغل جماعة الحوثي الفرص المواتية للتوسع المسنود بالقوة وإحكام السيطرة على صعدة ومناطق مجاورة، وتمد نفوذها إلى إب وتعز وذمار وريمة.
تسيطر الجماعة على صعدة وتمارس أدوار الدولة، وتعزز ترسانة الأسلحة الثقيلة التي تخزنها، تمكنت خلال الثورة من توريد شحنات متطورة واستراتيجية من الأسلحة.
تحصد الجماعة مكاسب سياسية مستندة إلى ضعف الدولة، مكنت تنازلات النظام الحالي الجماعة من فرض نفسها في العملية السياسية، رفات المؤسس حسين عادت إلى مران ويحيى عاد من المنفى، نظمت الجماعة عرضا عسكريا لم يتسن لها فعله في عهد صالح.
حصدت الجماعة مكاسب في المحاصصة القائمة مع أنها ترفض الاعتراف بالمبادرة الخليجية وعملية التسوية وبالتالي الرئيس الانتقالي والحكومة التوافقية، لكنها تشارك في المناصب.

رفضت الجماعة الحوار الوطني لكنها منحت (35) مقعدا في مؤتمر الحوار على حساب أبناء صعدة وما جاورها وحساب القوى السياسية الفاعلة. منحت الجماعة مقعد نائب رئيس مؤتمر الحوار، وقبلها مقاعد في لجان الإعداد والتحضير للحوار. تحصد الجماعة المكاسب فيما النازحين لا يزالون يطالبون بحق العودة.
تفاوض الجماعة للتوقيع على نتائج الحوار بشروط الحصول على وظائف قيادية في المؤسسات العسكرية والمدنية وكل مؤسسات الدولة، إنها تشترط المشاركة في حكومة المرحلة التأسيسية القادمة والمؤكد أن الجماعة ستخرج رابحة في العملية التفاوضية.. ستحتفظ بأسلحتها وسيطرتها على صعدة..
تهامة.. المزرعة المنهوبة

غربا، حال أبناء تهامة "الكتلة المصوتة" لا يزال هو ذاته في عهد صالح، القرارات والإصلاحات والمحاصصة تخطئ طريق محافظة الحديدة وحجة وأجزاء من تعز.

مشاكل الأراضي المنهوبة تستفحل ولم يتم اتخاذ إجراءات جادة لحل مشكلة آلاف الفدانات المنهوبة، كان يعول تشكيل لجنة لذلك في أقل تقدير.
منذ أشهر ومدينة الحدي