شركة عدن للأمن والسلامة

  

أخبار
اقرا ايضا

نص رسالة سماحة العلامة ابن باز بشأن حرب احتلال الجنوب عام1994م

عدن اليوم / خاص / الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز | الأربعاء 24 أبريل 2013 04:18 صباحاً

طالما استخدم رجال الدين في الشمال الإسلام لخدمة أطاعهم السياسية التي جعلوها مقدسات تضرب دونها الأعناق, وغرروا بالشباب باسم الدين, والدين منهم بريء.
وكان من أقبح هذه الأكاذيب الحرب الظالمة التي استنفروا لها كل رطب ويابس لأجل القضاء على دولة الجنوب واحتلاله.
وقد أنكر علماء الإسلام كالشيخ جاد الحق والشيخ الغزالي وغيرهما تلك الفتاوى الشمالية التي تدعو إلى الجهاد ضد الشعب المسلم في الجنوب.
وكان من ضمن هؤلاء العلماء سماحة العلامة عبدالعزيز بن باز, فقد وجه رسالة ستعرف من خلال قراءتها أكذوبة الحرب المقدسة التي كان ينادي بها مشائخ حزب الإصلاح.
وهذا نص رسالة العلامة ابن باز.

( من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى زعماء بلاد اليمن وقادتها وإلى جميع عقلائهم والمقاتلين من شطري اليمن، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأذكركم الله سبحانه وتعالى في شعب اليمن كافة، وأذكركم الله في الضعفاء الذين لا يستطيعون أن يدفعوا عن أنفسهم أو يدافعوا عنها من النساء والصبيان والشيوخ والمرضى والجرحى، أذكركم الله في الحرث والنسل أن تكونوا سبب هلاكه ودماره، وسبب سفك مزيد من الدماء بلا هوادة، وتدمير البيوت وإلقاء قذائف الدمار التي لا تبقي ولا تذر، فأين حلمكم؟ وأين حكمتكم؟ وأين الرحمة بالأطفال الرضع والشيوخ الركع والنساء والعجزة؟ لا تشمتوا بأنفسكم أعداء الإسلام، ولا تدمروا بلادكم ومقدراتها بأيديكم، ولا تملئوا البيوت والقلوب بالأحقاد، احقنوا الدماء وأبقوا على بقية الأواصر والأرحام وأخوة الإسلام، ولا تطيعوا أمر المسرفين، عودوا إلى كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وارجعوا فيما شجر بينكم إلى كتاب ربكم تفلحوا، فقد قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا، وقال سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ.

أيها الزعماء: إنني أذكركم الله سبحانه وتعالى في عباده، فلا تقودوهم إلى عداوات قاتلة، وقطيعة رحم فاجعة، وجراح عميقة، أعيذكم بالله أن تتمادوا في هذه الحرب الطاحنة فيصدق عليكم قول الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ، أو يكون أحد فيكم ممن قال الله فيهم: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ.

اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، وكفوا عن الأعمال العشوائية التي أنتم أول من فجع ويفجع بها، فهي فساد عظيم، وقد نهى الله عن تطلب الفساد فقال: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ، وقال جل من قائل: إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ، فاذكروا نعمة الله عليكم، وانتفعوا بقوله تبارك وتعالى: فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ.

أيها القادة: تذكروا ما أوقع الخلاف والتخريب والقتال في بعض البلاد الإسلامية التي تعرفونها قريبا منكم، كم حصل فيها من دمار شامل وعداوات مستحكمة وخراب عام ولا يزالون في اضطراب، نسأل الله أن يهديهم.

فعليكم أن تدفعوا أخطار هذه الحرب رحمة بأمتكم، وحفاظاً على مصالحها، ولن يتم ذلك إلا بالرجوع إلى الحق والهدى وهو في كتاب الله، أين الرحمة والعقل؟ ألا تنزلون مشاكلكم على شريعة الله؟ ألا تعودون إلى البحث والتفاهم والإبقاء على البقية من الأمة ومصالحها؟ إنني أعيذكم بالله من التمادي في ركوب هذه الطريق الوعرة، إنها الحرب التي نارها لا تبقي ولا تذر، فلا تستمروا في تهييجها فإن وقودها الرجال والنساء والأطفال والحرث وسائر مقدرات الأمة، كما رأيتم ذلك بأنفسكم.

إن هذه الكلمة نصيحة مشفق عليكم يحزنه استمرار القتال بينكم، ويقلقه هدم المنازل على من فيها، فإن هذا أمر منكر مستنكر لو كان من أعدائكم في الدين فكيف إذا كان ذلك بين من قبلتهم واحدة وكتابهم واحد ونبيهم صلى الله عليه وسلم واحد؟! ألا تأخذون بالرفق فإن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وإن الله يحب أهل الرحمة ويرحمهم، كما قال النبي الكريم: ((الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء))، وقال عليه السلام: ((من لا يرحم لا يرحم))، والله سبحانه قد حث على الصلح ومدحه، فقال سبحانه: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ، وقال جل وعلا: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ، وقال جل من قائل: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ هذه نصيحة مشفق يؤلمه ما يقع بين المسلمين من محنة وفتن، ويسوؤه ما حل بينهم من عداوات وحروب، وأسأل الله أن ينفعكم بها، وأن يوفقكم لتلافي أخطار هذه الحروب وإيقافها، إنه سبحانه قريب مجيب، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم)

مفتي عام المملكة العربية السعودية

ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء

ورئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة