من أجل الوحدة .. يحرفون القرآن..!!
تحريف القرآن قسمان: تحريف لألفاظه, وتحريف لمعانيه, وكلاهما يشملهما قوله تعالى ( يحرفون الكلم عن مواضعه)
والتحريف اليوم نراه صارخا دون حياء, يريد به أربابه تكبيل الشعب الجنوبي وسحق إرادته بالاستقلال واستعادة الدولة.
فيلجأ المحتلون إلى تحريف القرآن الكريم لكي يبقى مشروعم الظالم, فيتذرعون إلى ظلم الجنوبيين بكتاب الله الذي يحرم الظلم ويلعن الظالمين.
هناك آيات في القرآن الكريم لا علاقة لها بالوحدة اليمنية لا من قريب ولا من بعيد, وليس فيها ولو إشارة إلى وحدة الأرض, ولكن إخواننا عندهم استعداد لتسخير القرآن كله من أجل خدمة أطماعهم السياسية والحزبية والشخصية.
هذه الآيات هي:
قول الله تعالى( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)
وهذه الآية لا دلالة فيها بإجماع المفسرين, فحبل الله هو القرآن, والنهي عن التفرق يعني التفرق في الدين بحيث يصير الناس أدياناً ومللاً شتى لا يجتمعون على دين واحد.
ولهذا قال الطبري في تفسيرها: " يعني جل ثناؤه بقوله (ولا تفرقوا) ولا تتفرقوا عن دين الله وعهده الذي عهد إليكم في كتابه من الائتلاف والاجتماع على طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم والانتهاء إلى أمره"
وقال أبو العالية: " لا تعادوا عليه، يقول: على الإخلاص لله، وكونوا عليه إخوانا"
ورأى جماعة من المفسرين أن التفرق هنا المقصود به ما كان يجري عند العرب من حروب واقتتال, كما ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير"(1/ 312)
ويقول الإمام الرازي في تفسيره(8/311): " نهي عن الاختلاف في الدين وذلك لأن الحق لا يكون إلا واحدا، وما عداه يكون جهلا وضلالا، فلما كان كذلك وجب أن يكون النهي عن الاختلاف في الدين"
وقال سلطان العلماء الإمام العز بن عبدالسلام في "تفسيره"(1/277): "(ولا تفرقوا) عن دين الله تعالى، أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم"
وقال الإمام القرطبي في "تفسيره"(4/159): "قوله تعالى: (ولا تفرقوا) يعني في دينكم, كما افترقت اليهود والنصارى في أديانهم، عن ابن مسعود وغيره"
وهذا كقوله تعالى (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء), وكقوله(ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقو دينهم وكانوا شيعاً)
والقرآن يفسر بعضه بعضا كما هو معلوم.
ويستدلون بقوله تعالى ( وإن هذه أمتكم امة واحدة وأنا ربكم فاعبدون), وقوله(وإن هذه أمتكم امة واحدة وأنا ربكم فاتقون)
وهاتات الآيتان لا دلالة فيها أبدا, وهذا الاستدلال ليس إلال تحريفا للقرآن, وذلك لأن المراد ب(الأمة الواحدة) في الآيتين هو الملة الواحدة, أو الدين الواحد.
ولهذا قال الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره(392/16):(يقول تعالى ذكره: إن هذه ملتكم ملة واحدة، وأنا ربكم أيها الناس فاعبدون دون الآلهة والأوثان وسائر ما تعبدون من دوني)
وعن ابن عباس، قوله: (أمتكم أمة واحدة)يقول: «دينكم دين واحد»
وقال مجاهد بن جبر: قال مجاهد، في قوله:(إن هذه أمتكم أمة واحدة) قال: «دينكم دين واحد».
وقال ابن جريج في قوله: {وإن هذه أمتكم أمة واحدة}قال: «الملة والدين».
وعلى هذا كلمة المفسرين.
وكلمة(أمة واحدة) إذا ذكرت في القرآن الكريم, فالمراد بها الدين أو الملة أو الاسلام, كقوله تعالى ( كان الناس أمة واحدة فاختلفوا) يعني كانوا على ملة ودين واحد, فاختلفوا وأصبحوا أديانا ومللا شتى.
وقد أخرج ابن جرير في تفسيره(625/3)عن ابن عباس، قوله: (كان الناس أمة واحدة)يقول: كان دينا واحدا.
ويستدلون بقول الله تعالى(ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم)
وهو استدلال بعيد وقبيح جدا كسابقه, فالمراد بالاختلاف هنا هو الاختلاف في الدين كما سبق في الآيات المتقدمة, ولا علاقة للآية بوحدة الأرض.
يقول الإمام ابن جرير الطبري: ( يعني بذلك جل ثناؤه: ولا تكونوا يا معشر الذين آمنوا كالذين تفرقوا من أهل الكتاب واختلفوا في دين الله وأمره ونهيه، من بعد ما جاءهم البينات من حجج الله)
أنصح أخواني جميعاً قبل أن يستدلوا بآية أن يرجعوا إلى كتب التفسير حتى يتأكدوا من معناها, ولا يغرنكم استدلال رجال الدين في حزب الإصلاح فإنهم لن يتحاشوا تحريف القرآن لصالح سياسة الحزب.