حوار المصفقين
بغض النظر عن مدى صحة تصرفي داخل مؤتمر الحوار, وعلى الرغم من كل ما يقال حول أنه لا يجوز ابداء نقطة نظام على كلمة في حفل افتتاح المؤتمر, الا أني لا أعرف من أين استمد البعض ذلك القانون, فنقطة النظام اذا كانت تستند الى مادة في ضوابط الحوار فمن حق أي عضو تذكير الجميع بها, وعلى سبيل المثال لو أننا اتفقنا في اللجنة الفنية للحوار الوطني على تجنب رفع علم الجمهورية اليمنية في شعارات مؤتمر الحوار حتى لا نستفز الأخوة الجنوبيين, ثم قام المنظمون بوضع علم الجمهورية اليمنية, فهل من حق الآخرين الاعتراض على تلك المخالفة لما سبق واٌتفق عليه؟ وما الذي يمنعهم من ابداء نقطة النظام تلك في الجلسة الافتتاحية؟ وما الفرق بين تلك الجلسة وغيرها فيما يتعلق بنقطة النظام؟ .
للأسف فإن البعض يردد كالببغاء أن الجلسة الافتتاحية لا يجوز فيها ابداء نقطة النظام, فبمجرد سماعه لتلك المقولة يرددها بحماس, وعندما يتم سؤاله على ماذا تستند في ذلك؟ وهل هناك بند في الضوابط يمنع طرح نقطة نظام في الافتتاح؟ تجده عاجزاً عن الرد.
الأصل دائماً الإباحة, والممنوع يحتاج الى نص في قانون أو لائحة حتى نلتزم به, وتلك القاعدة من المسلمات القانونية المجمع عليها, ومن هنا فنقطة النظام يمكن أن تطرح في أي وقت, ولهيئة رئاسة الجلسة الفصل فيها أو عرضها على الأعضاء اذا استدعى الأمر ذلك.
يقول البعض أن طرح نقطة النظام أثار بلبلة, وهذا غير صحيح فما أثار البلبلة هو تدخل عناصر الحماية الرئاسية في الموضوع, وتلك مخالفة واضحة لضوابط الحوار التي تنص على أن هيئة الرئاسة – وليس الأمن من تلقاء أنفسهم - هي التي من حقها اتخاذ بعض الاجراءات المحددة ضد العضو اذا تصرف بما يخالف اللائحة.
اضافة الى ما سبق فإن تصرف زميلنا رئيس الجلسة عبدربه منصور هادي كان مخالفاً للنصوص التي أسس عليها مؤتمر الحوار, فالحوار ليس ملكاً له وليس منحة منه, ومكان الحوار ليس ملكاً خاصاً به حتى يقول لأحد زملائه "الباب إمامه", نسي هادي أنه زميلي داخل الحوار, وتصرف معي على اعتبار أنه قائد معسكر أو رئيس جمهورية وأنا أحد موظفي مكتبه, لم يتمكن الرئيس من التمييز بين منصبه كرئيس لمؤتمر الحوار الوطني ومنصبه كرئيس جمهورية أو قائد معسكر.
أما المأساة الكبرى التي حصلت في جلسة الافتتاح فهي التصفيق الحار الذي لقيه هادي من زملائي في الحوار عندما ردد تلك الجملة " الذي لا يعجبه هذا الحَوار الباب إمامه " وكلما رددها صفقوا له أكثر, نسي زملائي في الحوار أنهم يصفقون ضد زميلهم الذي تحاول عناصر الحماية الرئاسية اعتقاله بسبب ابدائه نقطة نظام, نسوا أن تلك المحاولة من حماية الرئيس تعتبر جريمة وتدخل أمني ضد أحد زملائهم الذي يتمتع بالحصانة في ما يقوله داخل المؤتمر بناء على نص المادة رقم 24 الفقرة الرابعة من ضوابط الحوار التي صدرت بقرار جمهوري, والتي يبدوا أن الرئيس وأغلب الأعضاء لم يطلعوا عليها بعد وتنص على : " انتفاء المسئولية الشخصية عما يقدمه العضو أو يصوت عليه أو يثيره من مسائل في الجلسة العامة أو جلسات فرق العمل ", كما أن هناك تدرج في ما يتخذ من اجراءات ضد العضو الذي يخالف اللائحة, وتتخذ تلك الاجراءات هيئة الرئاسة وليس رئيس الجلسة وهذا مفصل في المادة رقم 50 من نفس القانون.
ومن المفارقات العجيبة أن من اتهموني باختراق البروتوكول – الذي في رأسهم فقط -, لم ينبسوا ببنت شفة عندما اخترق هادي البروتوكول عدة مرات عبر تأخير الجلسة لانتظار وصول المهدي المنتظر " الزياني" , وخرقه مرة أخرى عندما سمح للزياني بإلقاء كلمة جديدة, بعد أن ألقى مندوبه كلمته قبل وصوله, لكن لأنه الزياني ويلبس العقال وقريب من "اللجنة الخاصة السعودية" التي بيدها مرتبات العشرات من أعضاء الحوار, فقد صمت الجميع وصفقوا لتلك المخالفات.
كم أضحكني تعليق الاستاذ علي الصراري على أحد أعضاء الحوار عندما اندفع كالمجنون للسلام على أحد لابسي العقال واصطدم بي وبالصراري وكاد أن يوقعنا ارضاً, عندها قال لي الصراري ضاحكاً وهو يعود الى توازنه بعد الصدمة : اصحابنا يصيبهم الجنون عندما يشاهدون أحد اخواننا الخليجيين ولا يرون الآخرين أمامهم.
لم استغرب من تعليقات بعض زملائي أصحاب الشيلان والصمايط على نقطة نظامي, فأغلبهم متعود على التصفيق منذ الصغر, لكن ما أثار استغرابي هو تعليق بعض من كنت أعتقد أنهم سيتعاطفون معي ضد محاولة الحماية الرئاسية إخراجي من قاعة المؤتمر بغض النظر عن صوابية كلامي من عدمه, فاللائحة لا تمنحهم ذلك, ومع أني وبعض الزميلات والزملاء قاومنا تلك المحاولة بشجاعة يُثبتها مقطع الفيديو الذي تم تداوله عبر " اليوتيوب ".
ومع كل تلك السلبيات فإني أشيد بموقف الدكتور أحمد بن مبارك الذي قال لي أنه ليس من حق الأمن التدخل وان من حق العضو التحدث بما يشاء, وهيئة الرئاسة هي وحدها المخولة باتخاذ الاجراءات المحددة في ضوابط الحوار.
وهنا يتبادر الى ذهني سؤال أريد توجيهه الى عبد الوهاب الآنسي وبن صريمة أعضاء هيئة رئاسة مؤتمر الحوار: هل قرأتم ضوابط الحوار؟ وهل عرفتم الموضوع الذي كنتم تصفقون من أجله؟ واقول للآنسي تحديداً : صفقتم لصالح 33 عاماً فهل تصفيقك أصبح عادة, أم أن يديك تعمل بطريقة أتوماتيكية عندما يتكلم الرؤساء؟
ولا أنسى في الختام أن أشكر بقية أعضاء هيئة الرئاسة وزملائي في مؤتمر الحوار الذين امتنعوا عن المشاركة في حفلة التصفيق, وأود إبلاغهم أني سأقوم برفع تظلم ضد رئيس الجلسة الى لجنة "المعايير والانضباط" التي أثق في قُضاتها, مطالباً الزام رئيس الجلسة بالاعتذار عن كلامه وعن ممارسات حمايته الخاصة ضدي وضد الدكتورة هدى ألبان التي نالها الحظ الأوفر من تجاوزاتهم, وشطب جملته " الذي لا يعجبه هذا الحَوار الباب إمامه " من سجلات المؤتمر, وسأعتبر تفاعل لجنة الانضباط مع طلبي معياراً لمدى استقلالية تلك اللجنة ومدى جدية الحوار بشكل عام.