إلى أمّي
إذا عبق الورد رنّم سحرك سرّها، ونشر طيبها في حنايا نفسي، وسكب فيها طهر الزّنبق المتدلّي من يديك. وإن كتبت قيثارة الكون ألحان الوجود على حرير الأرض، عزف صوتك همسات أنعش بها ثباتي، فأخمد ضجيج قلبي، وغرق في نعيم حضنك الدّافئ. وهتف الحنان لمّا أطللتِ، وتماهى ورقّة عينيك اللّتين تضمان كياني كما الزّهر يضمّ رحيقه ساعة المساء.
إذا نظمت المحبّة قصائدها، اختارت عطفك ديواناً لها تحفظ فيه رفقها وعطفها، حتّى إذا ما هبّت عواصف الحياة، وانسدل ليل الأيّام الموحش، مدّت ذراعيها وانتشلت صغري من عمق الأودية ورفعتني إلى قبّة الجبال حيث الكون يغرّد تراتيل النّقاء لإله الخير.
من ثغرك العذب تلفظتُ ابتسامتي، ومن عبرات مقلتيك استقيت فرحي. من شدو روحك غزلت إنسانيّتي، ومن عزّة نفسك نسجت عزيمتي. من تعب سنينكِ نموت، ومن ضياء لياليكِ كبرت، فغدوت صورتك المنظورة وكأنّي بي أترجم ملامح إنسانيّتك.
فيا سيّدتي، خذي من عمري الّذي مضى ينابيع شكر يبلسم شذاها جهد السّنين، وتقبّلي من عمري الآتي، أنهار امتنان يصلّي بخورها أن تبقي أبداً ملاكي الحارس ، السّاهر على امرأة ما زالت طفلة في عينيك.