كم أنت عظيم يا شعب الجنوب
ظهر للعلن الحراك الجنوبي السلمي عام 2007م، واستمر نشاطه السلمي في تصاعد مستمر, ليعكس مدى عراقة هذا الشعب, إذ شكلت المسيرات والوقفات المليونية علامة فارقة و نقطة تحول كبير في مضمار ثورة الجنوب السلمية ولفتت انتباه الرأي العام العالمي لها بعد ان برهنت بالملموس على مدى الالتفاف الجماهيري حولها ومباركة شعب الجنوب شبه الشاملة لخيار فك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية المسلوبة،وبلوغ المرافئ الآمنة كهدف سامي, وليست بذرة شيطانية محرمة, أو عمل بذئ, يحمل مضامين وتوجهات مناقضة للمعايير السوية للإنسانية.
ترافقت الاستهانة بثورتنا وقضيتنا ومحاولات التقليل من وهجها كاعتبارها مجرد زوبعة في فنجان أو ثورة مقاهي بل وبلغ بالمخلوع ان ينعتنا بأبشع النعوت طالبا منا شرب ماء البحر ان لم نرتضي سطوتهم ليأتي خلفه لينهج النهج ذاته "مع فارق الانتماء الاسمي", وتنبري هنا وهناك أصوات تدّعي بأن 95 % من شعب الجنوب يؤيد الحوار اليمني وبالتالي يؤيد الوحدة التي اقترنت بقتل أبنائه وسلب خيراته واستباحة أرضه في محاولة لتزييف الحقائق وتشويه صورة النضال الشعبي السلمي الذي تشهده الجنوب وإسقاط زيفهم وفق توجهاتها التي تفرضها أمزجة و أهواء ساسة مارسوا ولازالوا يمارسون العهر السياسي بعد ان تبوءوا أعلى قمم الانحطاط السياسي محاولون جرنا لمستنقع العنف والفوضى الذي نربأ بأنفسنا مجاراتهم في ذلك.
لقد كشفت الأيام عن ضعف الرهان الذي اعتمدت عليه سلطة صنعاء بعد ان ارتكبوا خطأ أكثر فداحة حين ظنوا ان في مجموعة صور اعتلها غبار الماضي ورقتهم الرابحة في التحايل على أبناء الجنوب, تلك الصور التي ترى في العمالة والتلاعب بمصير امة ما هي إلا مجرد وجهة نظر ! ونراهم اليوم يزاحمون أبناء الشمال لولوج قاعة الحوار قبلهم, هكذا هم دوما مقتنصو الفرص لكسب مادي بخس أو سياسي رخيص , ولا يسعني هنا إلا ان أقول لهؤلاء لقد قدم الجنوب الدماء الزكية وقدم الشهداء ليعيش أحفادكم بعزة وكرامة, وقبل ان تدخلوا القاعة هاهي تريم الغناء عاصمتنا الثقافية تضع قبل ساعات دم الشهيد "رامي محفوظ البر" على عتبة بوابة الحوار.ذلك الدم الزكي الذي لن يراه إلا الشرفاء أو من تبقى لديه ذرة من كرامة, فدوسوا على دمه ودم من سبقوه من شهداء الجنوب وواصلوا تقدمكم صوب طاولة الحوار.
لقد تعبنا من كثر الرجاء ولكن يظهر إننا كمن ينفخ في قربة مقطوعة فلا فائدة ترجى منكم وساعات الفرز تمت واكتملت ببدء حوار صنعاء.
واليوم اكتظت ساحة الحرية "ساحة العروض" بخور مكسر بحشود فاقت سابقاتها رفضا لما يسمى "مؤتمر الحوار الوطني", كما شهدت المكلا بالأمس فعالية ضخمة صبت في ذات السياق, في مشهدا لا يقارن مع افتتاح مهزلة ما سمي "بالحوار الوطني" والذي يعقد أولى جلساته مع استمرار إراقة دماء أبناء الجنوب, وفي الوقت الذي يؤكد فيه ساسة صنعاء ان رفض الحراك الجنوبي لن يؤثر على سير جلسات الحوار , نرى بنعمر يصرح لقناة "سكاي نيوز" العربية :إن الحراك الجنوبي والدعاوى للاعتصام قد تؤثر على الحوار الوطني، فكم أنت عظيم يا شعب الجنوب، وها هو التاريخ يفرد صفحاته لكم ليخلد انصع انتصاراتكم ويوثق المجد الجنوبي العظيم الذي أفصح عن مدى تحضركم وعمق الانتماء الوطني الجنوبي الخالص.