هل أُقفِلَ فعلاً باب المشاركة الجنوبية في حوار صنعاء ؟
تعد الثورة الجنوبية الراهنة, معركة وطن قبل أي شيء, وسلميتها تعد إضافة نوعية لملكات هذا الشعب الذي تأبط المحبة و توسد الصدق والتسامح وألّتحف النضال السلمي كسلوك وفعل يومي, وهو ما جعل منها ثورة شعبية حية, تسارع إيقاع تألقها بشكل لافت, فكان نصيبها الاستهداف بالترويع الممنهج في محاولة لكبح جماح شعب الجنوب الثائر, ولا اعتقد ان هناك ما يشير إلى تغيير مسلك الاستهداف الممنهج, فصنعاء هي ذاتها صنعاء، سلوك وقضايا وفكر يقاس بمنطق وفكر القبيلة التي ساندت التغيير في صنعاء لمجرد تغيير شخوص كيداً, وليس التغيير الجذري الذي يقود لنتائج ايجابية وتصحيح سلبيات واخطأ, تماما كاستماتتها في استمرار إلحاق الجنوب بالشمال عنوة حفاظاً على مكاسب شخصية واستمرارا لنهب موارد الجنوب, إذ لا يمكن لعاقل ان يتوهم انه بمجرد ان تُرفع أعلام الجمهورية اليمنية في عدن أو حضرموت أو على المدرعات التي تتصيد شبابنا في الشوارع, تؤدي إلى تعزز الوحدة وتزيدها رسوخا, وفي مقابل ذلك يقبع من يتوهم أيضا ان المشاركة في ما يسمى "الحوار الوطني", سوف يحل قضية الجنوب من جذورها لمجرد مشاركته, مشفوعا بوهم تقاطر شعب الجنوب خلفه, بل على العكس تماما, فمثل هذه الأوهام وتبعاتها لا تزيد العقلاء إلا نفورا, وببساطة, لا رفع أعلام وقتل أبرياء سيحيي الوحدة ولا حوار فرقاء الشمال سيعطي الجنوب الحرية والاستقلال.
ان مطلب شعب الجنوب ليس مسألة مبهمة أو ملتبس أمرها على أحد, بل باتت أكثر وضوحا, وبالتالي بات على دول الإقليم والمجتمع الدولي ان يدرك انه كلما تأخر تبني مبادرة أخرى لفك الارتباط كان الثمن أكثر إيلاما للجميع, تلك هي الحقيقة التي لامناص منها لحلحلة الوضع القائم ولن تجدي نفعا العمليات الترقيعية لعقد انفرط بين دولتين لأن ما انكسر لا يمكن إصلاحه أبداً وإن تمت لملمته في محاولة لإصلاحه لن يصمد طويلاً وسرعان ما ينهار ويتناثر.
بالأمس كغيري من أبناء الجنوب, تابعت مخرجات لقاء دبي الذي جمع بعض القيادات الجنوبية ممن كنا نمتعض عند سماع تصريحات البعض منهم ومواقفهم التي كانت تتعارض مع توجهات شعب الجنوب, وقبل ان اضطلع على البيان الصادر عن ذلك اللقاء, تابعت بشغف التسريبات التي سبقت البيان وتابعت أيضا أحاديث السادة "الأستاذ / عبد الرحمن بن علي الجفري و المهندس/ حيدر أبو بكر العطاس" على "قناة الحرة" والتي اجمعوا من خلالها على وقوفهم إلى جانب خيارات شعبهم ورفضهم المشاركة في حوار فرقاء الشمال حتى ولو فرضت عليهم عقوبات دولية والتي عدها الأستاذ "عبد الرحمن الجفري" بمثابة رحمة مقارنة بمعاناة وعذابات الجنوب.
ان المواقف التي أبدتها بعض القيادات الجنوبية التي شاركت في لقاء دبي وانحيازهم لشعبهم"على الأقل ما أُعلن منها" جاءت منسجمة مع أهداف شعب الجنوب وحراكه السلمي, و على النقيض تماماً من مراوغة وتذبذب آخرين, ممن اعتادوا التلاعب بالألفاظ, أما من أعلنوا مشاركتهم في حوار صنعاء تحدياً لإرادة الملايين وانتقاصاً من خياراتها, فاني اعتقد ان لا نعير تصريحاتهم انتباهاً, لا لشيء وإنما كي لا نسهم في إعطائهم حجم اكبر مما هم عليه فعلا, فمشاركتهم من عدمها لا تعني شعب الجنوب في شيء, ويكفيهم ما يقال "إذا كان تواجدك لا تأثير له فغيابك لايعني شيئا".
و أخيرا يبقى السؤال "العنوان" قائماً, وما تبقى سوى أيام معدودة, لنعرف الجواب إن لم يطرأ جديد.