الهدنة الأخيرة . . .هل ستصمد؟
من الواضح أن الضغوط الدولية ـ والأمريكية على وجه الخصوص ـ قد نجحت في إقناع التحالف العربي والحكومة الشرعية بضرورة إعلان هدنة مزمَّنة يرتبط تمديدها بمدى التوقف عن الأعمال العدائية من الطرف الانقلابي ورفع الحصار عن المدن والسماح بدخول المواد الإغاثية للمحاصرين في مناطق الاشتباكات.
ومما لا شك فيه أن خبر الهدنة هو خبر باعث للسرور لدى الجميع بما في ذلك المقاتلين من الطرفين الذين لا يعلم أحد منهم متى سيلاقي أجله في هذه الحرب المجنونة، لكن الطرف الانقلابي الذي عودنا على قول الشيء وفعل عكسه لا يستطيع قادته التمييز بين المقاصد النبيلة لوقف إطلاق النار المستهدفة الحرص على حياة المدنيين وتقديم المواد الإغاثية وفتح أبواب السلام المؤصدة منذ سنوات، وبين اعتقادهم أن التحالف وحكومة الشرعية قد أصابهما الإنهاك في هذه الحرب وإنهما يبحثان عن أي مخرج لوقف هذا الإنهاك كما يصور لهم إعلاميوهم ومستشاروهم.
عندما سألني مذيع قناة BBC عن تصوري ما إذا كان تصريح كيري سيؤدي إلى وقف لإطلاق النار منذ يوم الخميس 17/11؟ قلت له لا يوجد من لا يتمنى إقرار هدنة دائمة لا بل وإنهاء الحرب والعودة إلى ميدان السياسة لمعالجة مشكلات البلد، لكن الكل يعلم أن كل هدنة سابقة أقرت أو بادر بها التحالف العربي كانت تستغل من قبل الانقلابيين لتعزيز مواقعهم وإعادة التموضع وتحقيق "مكاسب" في ساحات القتال لاستخدامها في ابتزاز الجميع.
واليوم وبعد دقائق فقط من بدء الهدنة كانت الأخبار تتوارد عن خروقات جديدة تقوم بها قوات الحوثي وصالح في تعز والبيضاء ومأرب ومناطق أخرى من ساحات المواجهة، وهو ما يعني أن هؤلاء ليسوا جادين في التعامل مع النوايا الحسنة بنوايا حسنة مشابهة، وأنهم مهما تعهدوا بوقف الأعمال العدوانية، حتى لو كان هذا التعهد أمام وزير أقوى دول العالم فإنهم لم يفوا ولن يفوا بهذا التعهد كما هي عادتهم دائما.
أرجو أن يخيبوا ظننا ويبرهنوا لمرة واحدة أن توقعاتنا في غير محلها وأنهم حريصون على حياة المواطنين، وقبل هذا على حياة أنصارهم وجنودهم الذين يبعثونهم على الجبهات كقطيع الأنعام ليعودوا جثثا هامدة.
فهل يفعلونها ويلتزمون بالوفاء بما وعدوا به السيد جون كيري وزير خارجية "الشيطان الأكبر"؟
لننتظر!!