عزالدين أضرط من أخيه
في يناير ٢٠١٣م كنت مع مجموعة من مناضلي الجنوب في القاهرة نتداول ضرورة تأسيس مجموعة للإتصال تعنى بالحوار بين الأطراف الجنوبية، تبداء جهود هذه المجموعة بالإتصال بالرؤساء الجنوبيين السابقين وجمعهم للإتفاق على القواسم المشتركة ثم يتم جمع الأطراف الجنوبية في مؤتمر ليقرّوا برنامج سياسي للحراك الجنوبي وقيادة مشتركة، كانت هذه فكرة صديقي العزيز الدكتور شائع محسن محمد الذي قام بإعداد وثائق المجموعة ولأنه كان حينها يشغل منصباً رسمياً تولينا بالنيابة عنه التشاور وعقد الاجتماع والخروج بتصور لعمل المجموعة، للأمانة استجاب الأخوين الرئيسين علي ناصر محمد وحيدر أبوبكر العطاس لجهود المجموعة ورفض الإستجابة الأخوين علي البيض وعبدالرحمن الجفري مما أدى إلى عرقلة جهود المجموعة خصوصاً بعد أن قام البيض والجفري بتأسيس مجموعة موازية أسميت اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجنوبي الجامع. ولكي لا ندخل في متاهة ونشتت عمل الحراك ونبلبل الشارع الجنوبي جمدنا عمل المجموعة على أمل أن نعيد الكرّه في وقت لاحق أو ينجح الأخوان الآخرين سوى جهود د. مسدوس أو لجنة المؤتمر الجامع للقيام بذات المهمة، فنحن لم يكن مرادنا غير اجتماع الجنوبيين. بعد عامين وقد وصلنا لليأس تقريباً من جمع شمل القادة الجنوبيين أعلنا -مستلهمين تجربة شباب الربيع العربي- عن حركة حوج عبر الفيسبوك وهي كلمة شعبية تعني كفاية وكان شعارنا تحرير الإرادة الشعبية من سطوة من أسميناهم بـ (الديناصورات) وفعلاً استجاب الآلاف من شباب الجنوب لدعوة الحركة حتى أصبحت قواعدها تغطي كل المحافظات الجنوبية.
في سبتمبر ٢٠١٤م سيطر الحوثي على صنعاء وبعد خمسه أشهر حبس الرئيس هادي والحكومة ونحن الذي كنّا في الجانب المناهض للإحتلال وأصحاب الدعوة للتحرير والإستقلال أعلنا موقف مؤيد للرئيس هادي وبحاح وهما قيد الإقامة الجبرية وكنا الوحيدين من فصائل الحراك ونشطاءه الذين أعلنا مثل هذا الموقف بينما رفض الآخرين من فصائل الحراك حتى قدوم هادي إلى عدن. كان وصول هادي إلى عدن ثم خروجه إلى السعودية ودخول السعودية والتحالف الحرب قد شكل بارقة أمل عظيمة وكنت شخصياً مثل غيري من النشطاء الجنوبيين قد أبلينا بلاء حسناً في النشاط السياسي والإعلامي إلى جانب الرئيس هادي والشرعية ثم بدأت معظم فصائل الحراك تتزحزح من مواقعها وتنخرط في حرب والدفاع عن الجنوب تحت راية الشرعية وهادي بالتنسيق مع التحالف. كثير من المتعصبين ظلوا على عدائهم للرئيس هادي ولديهم حجج كثيرة منها ماهو صحيح ومنها ماهو حقد ومماحكة لكني ظللت مدافعاً عنه لإيماني أن خطوط رجعته مع صنعاء قد تقطعت، ولأننا وبعد أن فشلنا مع (الديناصورات) نحتاج لرمز جنوبي نجتمع حوله ليخرجنا من الورطة التاريخية التي أوقعنا فيها الأخ البيض.
بعد عام من الحرب ومن خلال تقييم حقيقي للوقائع والأحداث على الأرض ينصدم المرء، فلا أمن تحقق لعدن والمحافظات المحررة ولا تم دمج المقاومة بالجيش ولا وصلت مرتبات القلة القليلة من الذين انضموا في الوحدات البسيطة التي أسست بالرغم وكما عملت أن السعودية والإمارات كانت تدفع مبالغ كبيره لقيادات الشرعية. كل شي تخلخل وأصبح وضع عدن والمحافظات المحررة أسوأ مما كان عليه وضعها أيام الاحتلال العفاشي، بفعل الفساد الهائل في مفاصل الشرعية سيسقط كل شي، وبفعل هذا السلوك تقوى موقف الحوثي وعفاش حتى عاد المخلوع للواجهة بكل قوه.
لابد من النقد فلا يوجد من هو فوق النقد سوى من ينتصرون للمناطقية أو القبلية أو من يتاجرون بدماء شعبنا وعوائل الشهداء تتضور جوعاً وأرصدتهم تتضخم وأصبح أولادهم من ملاك العقار والشركات المختلفة.
لا وألف لا لمثل هذا السلوك. فقط أقول أنني أتحسر حينما أرى كثير من (الخجفان) الجنوبيين الذين حينما تنتقد فساد مسئول جنوبي ينبري لك مجموعة منهم ويقولون لماذا تنتقدون الجنوبيين ماهم الشماليين كلهم فاسدين في تبرير سخيف للفساد وهم لا يدركون أن أحد الأسباب الرئيسية للثورة الجنوبية هو فساد نظام صنعاء ومن العجب أن نقبل بالفساد في الجنوب جاء من هادي أو غيره.
علي سالم البيض أضاع الجنوب في عام ٩٠م وفي ٩٤م فجر حرب لم يكن مستعداً لها وقبض من الأشقاء ورأس المال الجنوبي مئات الملايين من الدولارات (ضربها جيب) وترك الجنوب وشعبه لمدة ١٥ عام وحينما فجر الجنوبيون ثورتهم في ٢٠٠٧م خرج من مخبأه وكان خروجه نذير شؤم فتت الحراك ومزقه ولم يقدم لجريح حتى حبة دواء. أنت يا فخامة الرئيس هادي للأسف لم تحسن التصرف فهل تراجع نفسك أم أنك ذاهب وبكل إصرار نحو الهاوية ستتحطم كل الإنجازات التي حققتها بل وسيتحطم الجنوب نفسه في ظل هذا الواقع المظلم .. لا ندري هل تفعلها أم أن عزالدين أضرط من أخيه.