اليمن المفــــــــــدرلة :
تنقسم الدول إلى دول بسيطة ودول متحدة ولو تمعنا في كيفية نشأة الدول المتحدة والأسباب التي تؤدي إلى ظهور هذه الدول لوجدناها لا تمت إلى الدولة اليمنية بأي صلة فالدول الاتحادية أما ان تنشأ بتفكك دولة كانت موحدة إلى عدة دويلات صغيرة وإما بانضمام عدة دول إلى بعضها لتكوين دولة كبيرة , وأما بالنسبة للعوامل التي تؤدي إلى تكوين الدولة الاتحادية فهي إما أن تكون عوامل داخلية مثل التجانس الناشئ عن وحدة الأصل والعادات والميول والخضوع في الماضي إلى سلطان واحد مثل ألمانيا الاتحادية , وإما أن تكون عوامل خارجية مثل رغبة الدول الدفاع عن كيانها ضد عدو خارجي مشترك , وتعد الولايات المتحدة الأمريكية من الدول التي توفرت لديها العوامل الداخلية والخارجية فالذي دفع الولايات الثلاث عشر إلى الاتحاد هي ثورتها المشتركة ضد بريطانيا ورغبتها في المحافظة على استقلالها الذي دفعت ثمنه غاليا إضافة إلى أن جميع هذه الولايات كانت خاضعة لملك الانجليز ومعظم سكانها من أصل واحد وأفكارهم ومويولهم واحدة , ومن الناحية التاريخية نجد أن اليمن أصل العروبة والحضارة حتى قال أحد المستشرقين أن اليمن وحده هو الذي يستطيع أن يطالب التاريخ بلقب مهد العروبة ولم تكن اليمن تعرف بقوتها وحضارتها إلا وهي دولة واحدة غير مقسمة أو مجزئة وكانت بالفعل دولة موحدة في أغلب الأحوال ولو حدث وأن تقسمت أو انفصلت عن بعضها فذلك سببه إما الصراعات والاختلافات الداخلية أو الأطماع الاستعمارية الخارجية , والحديث اليوم عن دولة فدرالية من خلال مؤتمر الحوار لن يؤدي إلى انفصال شمال الوطن عن جنوبه فحسب بل إلى قيام عدة دوليات متناحرة فيما بينها وسيصبح وضع الوطن أشد وأسوء مما نحن عليه اليوم فكان الأفضل من مؤتمر الحوار ان يركز على بناء الدولة ومؤسساتها التي لم توجد بعد على أسس حديثة وبما يتلاءم مع البيئة اليمنية وليس تقليد أو استيراد أنضمه تزيد الوضع خرابا ودماراً وان يتم البحث عن مواطن القصور والعيوب في الدستور الحالي والعمل على إصلاحها وليس البحث عن دستور جديد , فالمشكلة التي نعاني منها ليست عدم وجود دستور أو قوانين , وإنما في عدم تطبيق الموجود عن طريق قيادة وطنية تتوفر لديها إرادة سياسية قوية في تطبيق النظام والقانون على الجميع ومعاقبة المخالف مهما بلغت صفته أو شخصه
استاذ القانون الدستوري