شركة عدن للأمن والسلامة

  

مقالات
علي البخيتي

تطور نوعي في الاغتيالات يشير الى الجهات المنفذة

الخميس 10 أبريل 2014 05:59 مساءً

محاولة الاغتيال التي تعرض لها الدكتور إسماعيل الوزير وأدت الى استشهاد كل من هاشم غثيم وعبدالرحمن الظفري وجرح فيها الدكتور إسماعيل وأحمد المهدي تطور نوعي في مسلسل الاغتيالات في اليمن.

 

فخلال الفترة الماضية كانت تنفذ عمليات الاغتيال عبر شخص يركب دراجة نارية ومن ثم يفر وسط الزحام, وكانت تستهدف القيادات الحوثية او المحسوبة عليهم من الذين لا يوفرون لأنفسه مرافقين مسلحين, وكان يعتمد القاتل على أن الهدف مدني, لا يحمل سلاحاً, فيقتله دون أدنى خوف أو شعور بالمخاطرة.

 

العملية الأخيرة التي وقعت في وسط صنعاء 8 / 4 / 2014 م وبالقرب من وزارة العدل ومحكمة الأموال العامة والكثير من المصالح الحكومية واقسام الشرطة وفي وضح النهار وعز الازدحام وخلال الانتشار الأمني والاستنفار الذي أعلنه وزير الداخلية الجديد تعتبر تطور نوعي خطير في تلك العمليات يضع ألف خط على الوضع الأمني الذي وصلت اليه البلد وبالأخص داخل العاصمة صنعاء, كما أنه يثير الكثير من الأسئلة حول الجهة التي وراء تلك العمليات والجهات المستهدفة.

 

ويمكننا رصد ذلك التطور في النقاط التالية:
1 – لأول مرة يتم استهداف شخصية سياسية من خارج تيار أنصار الله "الحوثيين", فالدكتور الوزير قيادي في حزب الحق قبل ان تتأسس جماعة الحوثيين إضافة الى أنه رئيس شورى الحزب, ومن المعلوم أن حزب الحق ليس على وفاق دائم مع الحوثيين وان حدة الخلافات بينهم في تصاعد وبالأخص منذ اشتراك حزب الحق في حكومة باسندوة, إضافة الى ان حسن زيد امين عام حزب الحق اتهم الحوثيين مؤخراً باقتحام منزله عبر دعم احد اشقائه في خلاف أسري على الميراث.

 

ومن هنا فان الاستهداف يتعدى تيار سياسي ويبدوا أن هناك منحى طائفي او عرقي وراء تلك العمليات يستهدف تيارات مجتمعية بعينها, وهذا يقودنا الى اعتبار ذلك المسلسل استمرار لدوامة الصراع القديمة بين مراكز القوى التي خاضت الحرب الأهلية في ستينات القرن الماضي.

 

2 – لأول مرة يتم استهداف شخص لديه عدة مرافقين مسلحين بما يحمله ذلك من مخاطر على المنفذ للجريمة, إضافة الى أن استخدام سيارتين من قبل المنفذين وأكثر من عشرة مسلحين جعل العملية أشبه بالمواجهة المسلحة منها الى عملية اغتيال, فقد أصيب في الحادث بعض المنفذين كما روى شهود العيان.

 

ذلك التطور يدل على أن الجهة المنفذة مطمئنة تماماً الى أنها تسيطر على المربع الذي نفذت فيه الجريمة أو أنها لا تبالي بانفضاح أمرها, وذلك مستحيل, والمرجح هو أن تلك المجموعة نفذت العملية في ملعبها وبين جمهورها, ويظهر أن السيارتين التين اشتركتا في التنفيذ سرعان ما وجدتا أبواب بعض المنازل مفتوحة وجاهزة لاستقبال المنفذين, إضافة الى أن هناك ثقة عالية في أن النقاط والأجهزة الأمنية المحيطة بالمكان لن تتدخل, وهناك ثقة أكبر في الوحدات المسلحة التي تعتبر تلك المنطقة تحت سيطرتها, وهذا بدوره يشير بوضوح الى الجهات الراعية او المسهلة لتك الجرائم.

 

إضافة الى أن اشتراك سيارتين احداهما "هيلوكس" والأخرى "سنتافي"  بشكل مباشر في العملية يؤكد أن هناك سيارات أخرى كانت ترافق المنفذين وتراقب العملية عن قرب ومستعدة للتدخل في أي لحظة للملمة أي أخطاء, كما أن المعركة التي دارت واستمرت لأكثر من عشرين دقيقة تثبت الشكوك السابقة وأن هناك ثقة مفرطة لدى المنفذين, فعمليات الاغتيال المعروفة في العالم لا يتجاوز وقت تنفيذها الستين ثانية الا نادراً, واذا تجاوزه فلا يمكن ان يتعدى الدقيقتين, ثم يلوذ المنفذون بالفرار سواء نجحوا أو فشلوا في مهمتهم.

 

لكن عندما يقوم المنفذون بإطلاق الرصاص على الهدف ثم ملاحقته والاشتباك معه في ما يشبه حرب الشوارع, وتستمر الاشتباكات لثلث ساعة تقريباً –كانت كافية لمحاصرة المكان بشكل كامل واعتقال كل المنفذين- فإننا لم نعد امام عملية اغتيال انما امام عملية اعدام تشرف عليها أجهزة وقادة عسكريين وأمنيين نافذين مما عكس الثقة الزائدة لدى المنفذين, وبما ان تلك المناطق تخضع لأحد الأطراف التي تشترك في المعارك الدائرة شمال وغرب العاصمة صنعاء, فإن ذلك يؤكد ان تلك العمليات جزء لا يتجزأ من المعارك الدائرة في محافظة عمران والمناطق الأخرى, وأن أطرافاً داخل صنعاء تستخدم نفوذها وقدراتها العسكرية والأمنية للانتقام من الأطراف التي هزمتها في الحروب المباشرة والصراع الدائر خارج صنعاء, مع أن الدكتور الوزير لا علاقة بالطرف المستهدف, لكن المنتقم أعمى.

 

وإذا ما لاحظنا إصرار وزارة الداخلية على عدم منح القيادات المستهدفة من ذلك التيار تصاريح أمنية مع علمها بدرجة الخطورة على حياتهم, وفي نفس الوقت تقوم بمنح مئات التصاريح للجهات المتصارعة سياسياً وعسكرياً معهم إضافة الى امتناع الوزارة عن توفير الحماية اللازمة لهم فإننا أمام مخطط تشرف عليه قيادات سياسية وعسكرية وقبلية يعتبر وزير الداخلية السابق والحالي أحد المحسوبين عليها, وما يؤكد هذا الأمر هو عدم اعلان الوزارة عن أي نتائج لتحقيقاتها السابقة في كل الجرائم التي ارتكبت.

 

ذلك المسلسل مشابه الى حد بعيد مسلسل الاغتيالات التي سبقت حرب 94م ضد كوادر الحزب الاشتراكي والتي قُيدت ضد مجهول معلوم للسلطات, وبما أن نفس المراكز او بعضها هي التي تسيطر على الملف الأمني داخل صنعاء فمن المرجح أنها وراء تلك الجرائم التي تستهدف الحوثيين والقريبين منهم.

 

وقف مسلسل الاغتيالات بحاجة الى قرار سياسي – وليس أمني- من الرئيس هادي نفسه, لأني اجزم أنه على علم بتلك الجهات لكنه يخشى على حياته أيضاً من أن يستهدف هو بالاغتيال اذا كشف أمرهم, وطالما ضل الرئيس خاضعاً لهاجس أمنه الشخصي فبالتأكيد سيستمر ذلك المسلسل, وسيكون الرئيس أحد الضحايا في نهاية المطاف.

 

 

لا يمكن أن ترتكب مئات العمليات من الاغتيالات داخل صنعاء وخارجها ضد سياسيين ودبلوماسيين وامنيين دون ان يلتقط حتى خيط واحد عن طرق الخطأ, فالجرائم عندما تصبح بالمئات يفترض أن تحصل عشرات الأخطاء على الأقل من منفذيها.

من يقف وراء تلك الجرائم تحالف الشر بمعنى الكلمة, ذلك التحالف لديه عدة أوجه, عسكرية ومليشاوية وامنية ومجموعات إرهابية, وكلها تصب في النهاية في خندق واحد, والدليل أن تلك الجهات تحظي بالتغطية ويتم طمس مسرح الجريمة من أكثر من جهاز أمني وعلى رأسهم وزارة الداخلية نفسها, وانا هنا لا أتهم كل المنتسبين للوزارة او لتلك الأجهزة لكني اتحدث عن من يمسكون بالمعلومات الحساسة, فمنهم المتواطئ ومنهم الخائف ومنهم المستفيد.

نقلا عن الاولي