شركة عدن للأمن والسلامة

  

مقالات
رداد سعيد قاسم

الإخوان المفلسون

الجمعة 28 مارس 2014 10:40 مساءً

بداية وحتى لايفهم من مقالنا هذا سوءا بأحد ،فإننا هنا لانتحدث عن الإفلاس الأخلاقي أو المعرفي الثقافي أو الديني لدى الإخوان ،فهم في معظم ذلك يتساوون ويماثلون غيرهم في مجتمعاتنا من التيارات اليسارية أو اليمينية ،لأننا نعيش في مجتمع وبيئة إجتماعية واحدة وضروف وواقع واحد ، وإن كان من المشهود للإخوان أنهم أكثر إلتزاما دينيا من تيارات اليسار ،كذلك أكثر اعتدالا ووسطية من سواهم من تيارات اليمين وحركات الإسلام السياسي .
والمقصود بقولنا هو الإفلاس السياسي ،والذي يتجلى وينعكس في تصرفات وممارسات الإخوان السياسية والعبثية والتى تضعهم في مواجهة دائمة وصراع مستمر مع بقية التيارات اليسارية الليبرالية منها ،وكذلك اليمينية الدينية على السواء وكما يقال (ما عاد خلو لهم صاحب ).
وحتى يكون كلامنا واقعيا ومحددا فإننا بذلك الكلام نعني الإخوان المسلمين في مصر تحديدا ، ونضرا لأن ما يجري ويحدث للإخوان -منهم وعليهم -في مصر مثلا لا ينطبق بالضرورة على ما يحدث -منهم ولهم- في بقية البلدان التى يتواجدون فيها ، رغم أن ما يكون -منهم ولهم- في مصر يؤثر عليهم بشكل أو بآخر في كثير من تلك البلدان بإعتبار مصر (بلد المنشأ) .
كما أن من المنطق والحياد أيضا الإعتراف أن جماعة الإخوان ومنذ تأسيسها على يد الإمام/حسن البنا ...وستة نفر من إخوانه في مثل هذه الأيام من شهر مارس 1928 قد عانوا الكثير من القمع والتنكيل، وتعرضت جماعتهم للكثير من الأحداث والمنعطفات منذ تأسيسها ،عدلت وشكلت كثير من رؤية وسلوك وتصرفات الإخوان -سلبا وإيجابا- وهو ما ينعكس حاليا على واقعها ،ونلمس آثاره في تصرفاتها وممارساتها .
الأمر الذي يؤكده ذلك هو نجاحهم في عديد مجالات كان تأثيرهم فيها إيجابيا ملموسا كالجانب الدعوي والإجتماعي والخيري ،وفشلهم وإخفاقهم في الجانب السياسي الذي وسمناه بالإفلاس الناتج عن عدم الممارسة والعمل الفعلي للسياسة والإدارة في هذا الجانب فأثبتوا أنهم أقل خبرة ودراية بما ينفعهم أو ينفع غيرهم ،وإن كانوا أكثر مصداقية وحماسة وإخلاصا من غيرهم (د.مرسي مثلا ) .
وفشلهم أو إفلاسهم السياسي ذلك يأتي لعدة عوامل منها ما هو تأريخي مرتبط بالصورة المرسومة عنهم -بفعلهم أو بفعل خصومهم - المنافية والمعارضة لكل صور الديمقراطية واحتكامهم للعنف في الوصول إلى السلطة والحكم ،ومنها ما هو ناتج عن تعرضهم للكثير من القمع والتنكيل ونتيجة لحضرهم ومنعهم من ممارسة العمل السياسي من قبل الأنظمة الحاكمة والمتعاقبة خصوصا في مصر كانت وما زالت ترى فيهم خطرا على الأمن القومي والسلم الإجتماعي والديمقراطية والحرية السياسية المفترى عليها من الجميع ، مما جعلهم ومنذ نشأتهم بدون تجربة سياسية حقيقية وواقعية فيما عدا سنتهم في الحكم (عهد د.مرسي )التي أثبتت فشلهم في التعاطي السياسي والمرن مع بقية التيارات بما فيها تيارات الإسلام السياسي كحزب النور السلفي مثلا ،وبروز كثير من نقاط الخلاف والفشل في إدارتهم للأزمة السياسية ،وعدم تنازلهم أو إنحناءهم لبعض تلك العواصف والأنواء التي عصف بهم أخيرا .
إن عدم استفادة إخوان مصر وإفلاسهم السياسي يجعلهم مستمرين في مواجهتهم للسلطة التى انقلبت عليهم ومحاربتها بطرق واساليب تخدم السلطة أكثر مما تنفعهم ،بل وتخلق مزيدا من العنف والمواجهات والصدام العبثي وتؤدي للمزيد من الضحايا واضعاف البنية التنضيمية والهيكلية لهم ،وهم بالتأكيد لم يستفيدوا من دروس إخوان تركيا أو تونس في مرونتهم وانحناؤهم للعواصف التي حاولت وتحاول اجتثاثهم واسقاطهم ،وكانوا أكثر مرونة وفاعلية وحنكة سياسية ،وأفضل خبرة ودراية وإدارة لأزماتهم مع خصومهم ،وأكثر تعايشا وانفتاحا وتحررا حتى من المنفتحين أنفسهم من تيارات اليسار والليبرالية ،مع حفاظهم على نهجهم العام وخطوطهم و رفع سقف رؤاهم وافكارهم ،مع تدرج وثبات وثقة في تحقيق طموحهم .
لا يفوتنا هنا التلميح لإخواننا المفلسين سياسيا في مصر أو في أي بلد آخر بأن عليهم قرآءة تاريخ مهندس السياسة والعمل الحزبي /نجم الدين أربكان- رحمه الله- الذي وبحنكة ودهاء سياسي كبير أربك خصومه العلمانيين وقادة الجيش التركي واليساريين وأفحم خصومه ومناوئيه وقضى عليهم وبالسلاح الذي حاولوا به القضاء عليه وقتله سياسيا وعسكريا بإنقلابهم عليه أكثر من مرة ،ليثبت لهم أن الديمقراطية والسياسة سلاح الشعوب في وجه الأنظمة وأن العمل الحزبي الممنهج والمنظم هو السبيل لتحقيق الطموح وممارسة السياسة بكثير من الحنكة والمرونة والتعايش مع الأخر والإنفتاح عليه وتقبل الرأي والعمل بهدوء بعيدا عن الصراع والمواجهة هو الأمر الذي يفحم الخصم ويجعله في حيرة من أمره ، وهو ما أعتقد أن إخواننا في اليمن قد فطنوا إليه وأدركوه .