مهنية ال "بي بي سي" على المحك في اليمن
البي بي سي مدرسة عريقة في الاعلام, تخرج منها الاف الصحفيين والاعلاميين طيلة مسيرتها, يثق في ما تنقله الكثير من المواطنين في مختلف بلدان العالم, مع ان القناة تتبع سياسة حكومة المملكة المتحدة أو المعسكر الرأس مالي ان جاز التعبير وتتبنى اطروحات المعسكر تجاه الأطراف الأخرى وعلى رأسها المعسكر الاشتراكي عند تغطيتها للصراعات والحروب خلال العقود الماضية وما تزال.
اهتزت الثقة في تلك القناة داخل اليمن منذ بداية 2011 م, حيث تعصب مراسلها وبشكل واضح للإخوان المسلمين وتكتل اللقاء المشترك, وقد ارتاحت الكثير من الأطراف التي وقفت ضد محور الرئيس السابق صالح لذلك التعصب على اعتبار أنه يخدمهم سياسياً لأن الخصم واحد للجميع.
كنت أتناقش في حينه مع البعض وقلت لهم أن تلك السياسة التي تبناها عبدالله غراب تخدمنا اليوم لكنها ستنقلب ضدنا عندما نختلف نحن والاخوان المسلمين, وبالفعل فقد اكتوينا بنار ذلك الانحياز فور تشكيل حكومة باسندوة ودخولنا في صراع معها ومع الأطراف السياسية التي شاركت فيها على اعتبار أنهم شاركوا صالح في الحكومة وساهموا في ابقاء تأثيره على الحياة السياسية الى أمد غير معلوم.
من يتابع تقارير مراسل القناة في اليمن "عبدالله غراب" يلحظ تحيز واضح للإخوان المسلمين "حزب الإصلاح" حيث يستقي أغلب مصطلحاته و معلوماته من مطبخهم الاعلامي, وحتى لا يكون كلامي مجرد اتهامات عامة سأورد لكم بعض الوقائع :
1 - بعد تشكيل حكومة با سندوة استمر عبدالله غراب بوصف تكتل اللقاء المشترك الذي يعتبر اخوان اليمن مكونه الرئيسي بأنه المعارضة مع أن لديهم نصف مقاعد الحكومة ورئيس الوزراء منهم ايضاً, اضافة الى أن الرئيس هادي نفسه كان مرشحهم المفضل وتم اجبار الرئيس صالح على القبول به على مضض.
فكيف يمكن أن نصف تيار سياسي يملك نصف الحكومة ومنصب رئيس الوزراء بأنه معارضة؟
ثم ما هي التسمية التي يمكن اطلاقها على التيارات التي لم تشترك في الحكومة مثل الحوثيين والحراك الجنوبي اذا كان تكتل المشترك هو المعارضة؟
استمر "غراب" بإطلاق تلك الصفة لأكثر من عام كامل ويمكنكم مراجعة تقاريره المنشورة على اليوتيوب.
2 - عند توصيف "غراب" للمعارك التي تخوضها مليشيات الإخوان المسلمين لا يذكرهم أبداً ويطلق عليهم لفظ القبائل أو شباب الثورة أو مسميات أخرى, بينما يحدد الطرف الآخر بشكل واضح اسماً وصفة وجهة سياسية, ومنها معركتهم ضد الحرس الجمهوري في ارحب وتعز, حيث قاد الأولى النائب البرلماني عن الإخوان منصور الحنق, وقاد الثانية الشيخ الإخواني المعروف حمود المخلافي, اضافة الى قائد جناحهم العسكري في تعز العقيد صادق سرحان والتابع للجنرال علي محسن الأحمر الذراع العسكري لحركة الاخوان المسلمين في اليمن.
وكرر "غراب" تلك التوصيفات في معارك اخوان اليمن مع "الحوثيين" في كتاف وعاهم ومستبا وحاشد وأخيراً في أرحب, ومع أن الإخوان هم الطرف الآخر في كل تلك المعارك, ويوقعون على الاتفاقات بأنفسهم, الا أنه لا يذكرهم أبداً في تقاريره, وقد وقع رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الاصلاح زيد الشامي بنفسه على احدى الاتفاقات الخاصة بوقف اطلاق النار, ووقع النائب البرلماني منصور الحنق على الاتفاق المتعلق بوقف المعارك في ارحب, اضافة الى أن المعارك التي قادها حميد الأحمر وصادق الأحمر وحسين الأحمر في حرض وكتاف وحاشد لم يذكرهم غرب ابداً واستمر في توصيف المعارك انها بين الحوثيين والسلفيين وبينهم وبين رجال القبائل, ويمكن الاطلاع على تقرير "مجموعة الأزمات الدولية" التي شخصت اطراف النزاع بوضوح ودعت الرئيس هادي الى فتح حوار بينهم وذكرتهم بالاسم وعلى رأسهم حزب الاصلاح "الاخواني" وأولاد الأحمر والجنرال علي محسن الأحمر شخصياً, لكي تعرفوا أن مركز بحث يقع على بعد آلاف الكيلو مترات شَخصَ النزاع و"غراب" البي بي سي يستمر في تحيزه.
3 - مؤخراً ابتكر "غراب" حيلة جديدة للنيل من الحوثيين واضعاف مواقفهم الاعلامية, حيث تعمد في الفترة الأخيرة استضافة ناشطين شباب لا علاقة لهم بالملف السياسي وليسوا من قادة الحوثيين, ويتم تقديمهم على انهم اعضاء فاعلين, ويستضيف من الطرف الآخر كتاب ومحللين متمكنين من التحدث نوعاً ما, ويتم وصفهم بأنهم محللين سياسيين أو مدراء لمراكز ابحاث مستقلين مع أن الجميع يعلم أنهم منتمين في غالبهم لحزب الإصلاح.
ففي الفترة الأخيرة وفي أقل من نصف شهر فقط استضافت قناة البي بي سي –وبترشيح من غراب- ولمرتين متتاليتين الناشط الشبابي حامد البخيتي وقدم على انه عضو في الجانب السياسي للحوثيين وهذا غير صحيح, وقدم في حلقة العالم هذا المساء بتاريخ 28 / 2 / 2014 م على اعتبار أنه المتحدث باسم الحوثيين ومع أنه نفى ذلك الا ان المذيعة كررت تلك الصفة في نهاية الحلقة ايضاً.
اعتقد ان تلك سياسة ممنهجة يتبناها مراسلهم في اليمن, تلك السياسة وتلك التقارير عن اليمن تحديداً جعلت الكثير من المتابعين يفقدون ثقتهم في مهنية البي بي سي وهي المؤسسة الاعلامية العريقة, ويشعرون أنها بدأت تسلك طرق قناة الجزيرة على الأقل في تغطيتها للشأن اليمني.
يستغل مراسله عبدالله غراب عدم اهتمام والمام ادارة القناة بالملف السياسي اليمني لذلك لا أحد يحاسبه, ولو تفرغ مدير تحرير الأخبار السياسية في لندن ساعتين فقط لمتابعة الموضوع لاكتشف الزيف والدجل الذي مرره عليه "غراب" طيلة الثلاثة الأعوام الماضية.
أما اذا اضفنا طريقة تغطيته للقضية الجنوبية والحراك في الجنوب فإننا سنحتاج الى كتاب كامل لتوضيح كيف يحرف "غراب" الكثير من الوقائع عن عمد وبما يتسق مع سياسة اخوان اليمن.
لذلك يجب على كل من لديه علاقات او معارف في البي بي سي ومن منطلق الحب لهذه المؤسسة أن يقوم بإيصال المعلومات الآنفة الذكر مدعمة بروابط من تقارير مراسلهم, وانا على استعداد لتزويده بكل المقاطع التي تثبت صحة كل حرف كتبته.