الضالع الجريحة!!
تمكن الرئيس هادي من النجاة من فخ توريطه وتوريط الجيش في حرب في الشمال مع الحوثيين, لكن مراكز القوى التقليدية نجحت – الى حد ما - في جره والجيش الى حرب في الجنوب.
لم يسمحوا له بإقالة " ضبعان" أو نقل اللواء من المنطقة فزاد التوتر في الضالع الى أن وصل الى ارتكاب مجازر تطال الكثير من الأبرياء, من خلال متابعتي لأسماء الضحايا ومناطقهم تبين لي وجود عدد من أبناء المحافظات الشمالية بين القتلى والجرحى مما يدل على أن الهجمات التي ينفذها الجيش عشوائية, فمن غير المعقول أن يذهب أحد ابناء المحافظات الشمالية ليقاتل في صفوف الحراك في الضالع.
لست هُنا لأدين الجيش أو الأجهزة الأمنية, فأنا أعتقد أن الأفراد والضباط أيضاً ضحايا مثلهم مثل المواطنين, ولا شأن لهم فيما يحدث, فما ذب الجندي أو الضابط ليقتل في معركة لا ناقة له فيها ولا جمل, معركة غير وطنية أنتجتها أزمة سياسية بين نخب صاحبة مصالح, ويتحمل المسؤولية فيها كل القيادات السياسية والأمنية والعسكرية في البلد.
ملف الضالع وغيره من الملفات في المحافظات الجنوبية ليس ملفاً أمنياً أو عسكرياً, ليتم معالجته عبر المجنزرات وقاذفات الكاتيوشا وفوهات الدبابات, انه ملف سياسي بامتياز, نشأ عندما انقلب الشريك الشمالي على الشراكة الندية للجنوب, ولا اريد ان استرسل في هذ الموضوع لأنه أصبح من المُسلمات.
الحل يكمن في توافق سياسي خاص بكل منطقة أو محافظة جنوبية, عبر اجتماع الجهات السياسية والأمنية والعسكرية الرسمية بالوجاهات الاجتماعية والنخبوية والقبلية لتلك المناطق, والاتفاق معهم على صيغة تحفظ أمن كل منطقة, ويشمل ذلك اخراج وحدات الجيش المدرعة من المدن, وتستلم الأجهزة الأمنية كل نقاطها العسكرية, وادخال تغييرات في قيادة الأجهزة الأمنية بما يؤدي الى أن يتولى قيادتها ضباط أكفاء محايدين في الصراع السياسي ومن ابناء المحافظات الجنوبية.
مع ملاحظة أنه يجب أن تشمل تلك التفاهمات ضمانة بعدم سقوط بعض المناطق في يد جماعات جهادية, وهنا يأتي دور الوجاهات الاجتماعية والقبلية وغيرها, التي قد تطلب من بعض الوحدات البقاء في مناطق محددة, بناء على رغبة الأهالي وتتحدد صلاحيتها في التعامل مع تلك الجماعات بحيث لا تحتك أبداً بالمواطن العادي.
بتلك الطريقة يمكننا معالجة ملف كل منطقة على حدة بانتظار معالجة الملف السياسي للقضية الجنوبية بشكل كامل, تلك التفاهمات والغطاء الشعبي لها ستمنح شرعية لتواجد بعض الوحدات العسكرية لأنها جاءت بناء على رغبة من المجتمع, ومهمتها محددة, لأن بقاء تلك الوحدات بقوة السلاح وتحت النيران سيولد مزيداً من الاحتقان الشعبي ضدها وضد أفرادها, بل انه قد يوفر الغطاء اللازم لبعض المجموعات الجهادية لتستهدف تلك الوحدات ويكون افرادها أبطال في نظر المجتمع, وهنا نصنع بأيدينا بيئة خصبة لتلك المجموعات, ويكون الضحية هو المواطن البسيط الذي يقتل من القصف العشوائي للجيش, اضافة الى الجندي أو الضابط الذي تقتله أو تغتاله تلك المجموعات تحت غطاء الدفاع عن ابناء تلك المناطق.
أتمنى على الرئيس هادي سرعة معالجة ذلك الملف ليتم ايقاف نزيف الدم قبل اتساع رقعة المواجهات, ويَصعُب بالتالي السيطرة عليها.
الضالع الجريحة تسأل: متى يتم اخراج الجيش من المدن؟