صراخ الأيتام ودموع الثكالى
عن ماذا اتحدث وماذا اكتب وماذا أقول، بل اكتفي بمقولة الشاعر العربي نزار قباني يوم قال، أشكو العروبة أم أشكو لك العربا: نعم هناك دماء تسيل وأشلاء تتناثر ومنازل هدمت وجماجم هشمت، كل ذلك ليس في فلسطين أو سوريا أو بورما .
كل هذا يحدث في الجنوب العربي، شاهدنا وشاهد العالم بأسرة تلك الجرائم الوحشية في أبين تحت حجج وأهية وشعارات زائفة، عندما جندوا المجرمين وقطاع الطرق وزعموا أنهم أنصار الشريعة، تعرضت أبين حينها لحرب إباده، واليوم كما نرى ويرى العالم بأسرة، مايتعرض لة أهلنا في الضالع، من حرب إبادة تطال حرمات البيوت، حرب همجية وبربرية تقصف منازل المواطنين العزل بطريقة عشوائية، تنهال ركام المنازل على رؤوس النساء والأطفال والشيوخ .
هناك نودع شهدائنا وتحفر قبورهم بالمعدات الثقيلة، هناك ترتكب مقابر جماعية، هناك تقتل الأطفال والنساء والشيوخ، هناك تسلب الكرامة، وتنهب الثروة، وتقتصب الأرض، كيف لا وشعب الجنوب يئن ويستغيث، كيف لا وصراخ الأيتام ودموع الثكالى تنهمر، لا بصيص أمل ولا حل يلوح في الأفق، لما يتعرض له الجنوبيين من حرب إبادة، والعالم ينظر للمشهد المفزع بعيون مغمضة، قتل وتعذيب وحرق ونسف للبيوت على رؤوس ساكنيها، وعدم اتخاذ أي إجراءات لحمايتهم، ذلك هو باختصار المشهد الذي يلخص الحال في الجنوب العربي .
لقد أصبح جيش الاحتلال اليمني، يتصرف مع أبناء الجنوب وكأنهم قطعان من المواشي، جيش احتلال ينهج سياسة الأرض المحروقة، إنها مواجهة قتالية غير متكافئة، فالطائرات بدون طيار تقصف في حضرموت ولحج وابين وشبوة ،والصواريخ تسقط على البيوت، والإعدامات تجري في الشوارع والميادين، ودراجات الموت لاتتوقف عن القتل، قتال مستمر هذا فضلا عن الخراب، والتهجير، والتخويف بالحرب المناطقية والقاعدة التي يزعم النظام أن المتطرفين سوف يكون الجنوب ملاذ آمنا لهم .
وبينما يواجه الجنوبيين دبابات النظام بصدورهم وصرخاتهم، فإن أعينهم ترنو إلى المجتمع الشعبي العربي - بعد أن تواطأ المجتمع الدولي عليه - لمساعدتهم في مواجهة واحدة من أقسى المجازر العنيفة في التاريخ، خاصة أن نظام صنعاء، قد بدأ تصعيداً خطيراً لعملياته القمعية، وحول المدن الجنوبية الحرة إلى أرض محروقة ومدن أشباح، عندما شعر أن الصمت الدولي والعربي لاسيما الشعبي بمثابة ضوء أخضرله ليعيث قتلاً وعنفاً في الجنوب .
لكن السؤال ماذا ننتظر بعد كل ماجرى ويجري، هل ننتظر مجازر ترتكب من نوع آخر على غرار ماحصل في رواندا، هل سيحول الاحتلال اليمني الجنوب إلى رواندا 2 ؟
هل آن الأوان لكي نضع مناورات الكتابة السياسية جانباً، ونسمي الأشياء بمسمياتها؛ فقد أمسى المشهد، في بلادنا، واضحاً ودامياً وفاقداً للحياء: حكومة صنعاء تشن حرب إبادة، بالمعنى الاصطلاحي الفعلي، ضد الجنوبيين وتلوح بتوسيع هذه الحرب البشعة، لتشمل الجنوب العربي من المهرة شرقآ إلى باب المندب غربا، أيضاً.وتحدث هذه الجريمة المؤدلجة المصممة الممولة وسط صمت شامل ينم عن انحطاط أخلاقي غير مسبوق، وتواطؤ مفضوح من قبل الغرب والعرب .
من هنا نوجة رسالة لكل أبناء الجنوب الشرفاء التواقين للحرية والكرامة، لكل أصحاب الضمائر الحية والمشاعر الصادقة، لكل الجنوبيين في دول الشتات، اما آن الأوان لتأسيس جمعية مالية مهمتها جمع الأموال والتبرعات، وتتبنى هذه الحملة أناس ذات سمعة حسنة وأيادي بيضاء امينة، حيث يتولى الأمر أشخاص في الخارج مثل الشيخ عبدالرب النقيب، أو الحبيب علي زين العابدين الجفري، أو غيرهم من أبناء الجنوب الشرفاء، وفي الداخل يتولى الأمر مثل حسين محفوظ بن شعيب، أو الشيخ أنور الصبيحي، أو غيرهم من أبناء الجنوب، وتقوم هذه الحملة بجمع الأموال وبالعمل المنظم، فعندما نترجم الأقوال إلى أفعال بستطاعتنا أن ندافع عن أنفسنا ونحرر أرضنا، وتجنيد الرجال وتجهيز العتاد فلاحل غير الدفاع عن الأرض والعرض، وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.