شركة عدن للأمن والسلامة

  

مقالات
علي البخيتي

"يوم النكسة للحوار"

السبت 18 يناير 2014 11:09 صباحاً
"يوم النكسة للحوار" وهل يُصلح "ياسين" ما أفسده غيابه؟
مهما كانت مُخرجات مؤتمر الحوار ايجابية فتسليمها لمؤسسات فاشلة أو قديمة سيؤدي الى فشلها حتماً, لم تكن مُشكلتنا حتى في عهد الرئيس السابق صالح مع الأنظمة والتشريعات بل في التطبيق وازدواج المعايير وضعف مؤسسات الدولة وفسادها.
 اليوم الذي أقرت فيه ضمانات مؤتمر الحوار بصيغتها الحالية يعتبر "يوم النكسة" بالنسبة للمؤتمر ككل, لأن تلك الصيغة  حولتها من ضمانات لتطبيق مُخرجات المؤتمر الى ضمانات لاستمرار المبادرة الخليجية وحكومة المحاصصة والوضع المأساوي الذي يعيشه المواطن على كل الأصعدة الى ما لا نهاية.
  الكل يعترف ان الحكومة فشلت في تطبيق حتى استحقاقات المبادرة الخليجية على مساوئها, فكيف نعهد لها بتطبيق مُخرجات الحوار الوطني؟ الا اذا كان الهدف هو افشال تلك المُخرجات فذلك موضوع آخر وحتماً ستنجح فيه الحكومة.
 اتفقت المكونات عندما كان الدكتور ياسين رئيساً للجنة الضمانات على تشكيل حكومة جديدة, وحتى بعد سفر ياسين استمر هذا التوافق, وفجأة طُبخ الموضوع وطلبت هيئة الرئاسة للاجتماع ووزعت عليهم مسودة مُثبت فيها أنه سيتم احداث تغيير في الحكومة فقط, وتقصير المدة الى سنة واحدة بعد أن كانت سنتين, وطلب منهم التصويت في حينه, ولم يسأل أحد منهم نفسه من أين جاءت المسودة؟ واين ذهبت التي قبلها؟ ومن الذي الغاها؟ والآلية المتبعة في ذلك؟
 برر الرئيس ذلك بان تشكيل حكومة جديدة يحتاج الى مفاوضات شاقة وطويلة, ونسي أن تغيير بعض وزرائها يحتاج الى مشقة أكبر ومفاوضات أكثر, لأن كل طرف سيتمسك بالوزارات الحساسة التي بيده, ولن يتنازل الا عن الوزارات الغير أساسية, ومن هنا فان الخلاف سيكون في الكم والنوع أيضاً لعدم وجود ضابط واضح يحدد معايير الشراكة الوطنية التي نُص عليها بعد التعديل, والأخطر في المادة بعد التعديل هو اغفال نسبة ال 50 % الممنوحة للجنوبيين في نصها السابق.
 بينما لو تم تشكيل حكومة جديدة وفقاً لتشكيلة مؤتمر الحوار كان الجميع سيضطر الى تسليم الحقائب الحساسة للرئيس التوافقي, كالدفاع والداخلية والمالية والاعلام والخارجية, لأن القوى السياسية ستختلف عليها حتماً ولن يثقوا في بعضهم اذا تسلمها أحدهم, اضافة الى أن التشكيل كان سيمكن الرئيس من اختيار رئيس جديد للحكومة ليعالج الخلل الذي أصاب البلد بالشلل الناتج عن عدم انسجام الرئيس مع رئيس الحكومة بسبب التزامات الأخير تجاه قوى أخرى ساهمت في ايصاله الى الكرسي, كما أننا سنضمن مقاعد وزارية للشباب والمرأة ومنظمات المجتمع المدني والمستقلين, وكل هؤلاء سيشكلون رقابة على أداء الوزراء المحسوبين على بعض الأحزاب السياسية الموغلة في الفساد, وسينقلون ما يدور في مجلس الوزراء الى الرأي العام أولاً بأول.
 اعتقد أن الدكتور ياسين سعيد نعمان يتحمل جزء من المسؤولية فيما جرى بعد رحيلة, فالتفويض المطلق لهادي بتشكيل لجنة تحدد عدد الأقاليم دون معرفة مكونات اللجنة وآلية اتخاذ القرارات فيها, اضافة الى التراجع الذي حصل في وثيقة الضمانات, كل ذلك ما كان له أن يحصل لو كان ياسين موجود.
 لا يمكننا مطالبة الدكتور بالبقاء في اليمن, ولا نعلم  ما هي الظروف التي استدعت خروجه, لكن عتبنا عليه أنه لم يُلزم خَلَفَه بالخطوط الحمراء التي أتفق عليها داخل الحزب, والتي وعد ياسين أنه لن يتجاوزها, واذا أصر تحالف 94م على تمريرها فانه سيتركهم يمضون فيها لوحدهم.
 د/ ياسين على علم أن أبو بكر باذيب نسي استخدام كلمة "لا" منذ عقود, وبالتالي فاختياره يعني الموافقة على كل ما يريد تحالف 7/7 تمريرة بطريقة أو بأخرى.
 لنفترض أن ياسين أحسن النية في الدكتور باذيب, على اعتبار أن الأخير سيلتزم بما اقرته مؤسسات الحزب وسيتشاور مع مكونه ويُتخذ القرار بالتوافق, على فرض صحة ذلك كان يلزم تغيير باذيب بعد الأخطاء التي ارتكبها, وتفويض أحد كوادر الحزب الشابة القادرة على قول كلمة "لا".
 الأمل لا يزال موجود خصوصاً أن المواضيع التي تم تمريرها يمكن الطعن فيها بقوة, والغائها, لأنها تخالف نصوصاً واضحة ومُحكمة في النظام الداخلي لمؤتمر الحوار الوطني.
 فتمرير التفويض لم يكن شرعياً لأنه لم يُطرح للتصويت ولم نعلم حتى الأن ما هي نسبة التوافق التي حصل عليها, واعلان حصوله على الأغلبية " بدعة " في مؤتمر الحوار لأن المؤتمر يشترط التوافق وفقاً لنسب محددة, وهذا ما لم يتم اثباته الى الآن فيما يخص التفويض, وقد فصلت ذلك في مقال بعنون: " لسنا كومبارس يا بن مبارك".
 وتمرير ضمانات الحوار ليس شرعياً أيضاً لأن الرئيس اتخذ القرار بمفرده بعد أن رُفع اليه من لجنة التوفيق, وهذا فيه مخالفة واضحة للنظام الداخلي الذي يُلزم الرئيس بالتوافق مع رؤساء المكونات بعد أن يُفَوَضُوا كتابياً من مكوناتهم, وشدد النظام الداخلي على التفويض المكتوب على اعتبار أن القضايا التي سَيُبَت فيها خلال تلك الجولة هي أخطر القضايا, كما أن تصرف الرئيس بتلك الطريقة مؤشر واضح على كيفية تعامله مع اللجنة التي سيشكلها لتحديد عدد الأقاليم.
 ان بقاء الحال على ما هو عليه يعني التالي باختصار:
 1- أننا سلمنا مخرجات الحوار الى الحكومة الحالية بكل مساوئها, حتى لو اجري عليها بعض التعديل.
 2 – أننا سلمنا تشريعات التحول وقانون الانتخابات والسجل الانتخابي وقانون العدالة الانتقالية وتشريعات الانتقال الى نظام الأقاليم الى مجلس النواب الحالي الذي يسيطر عليه حلفاء 7/7.
 3 – أننا بتفويضنا للرئيس – وفي وجود باذيب في اللجنة القادمة - قبلنا بتقسيم الجنوب الى اقليمين والشمال الى عدة أقاليم. 
 عتبي على الدكتور ياسين هو من باب التعويل على الحزب ودوره كحامل للمشروع الوطني, وعليه أيضاً كشخص وعلى مواقفه الوطنية وقوة شخصيته والتأثير والاحترام الكبير الذي يحظى به, وأكاد أجزم أن في مقدوره تغيير الكثير حتى بمواقف من مكان اقامته, وبتغييرات داخل مكون الحزب في الحوار الوطني تستبعد الحرس القديم من رئاسة المكون, وتسلمها لقيادات شابه قادرة على قول كلمة "لا".
 رسالة الى د / ياسين : لا أتصور أن تتركنا في هذه اللحظات التاريخية الحاسمة وأنت قادر على العطاء.