سفير فرنسا أم "وكيل" توتال و"بلطجي" الزعيم؟!!
كنت أظن أن الغباء حكراً على بعض السياسيين العرب على اعتبار أنهم يصلون الى مناصبهم بالواسطة والمحسوبية والحسب والنسب, اتضح لي مؤخراً أن السفير الفرنسي في اليمن "فرانك جيليه" يتمتع بحظ وافر ومواهب عالية من الغباء السياسي تكفي لتهديد مصالح بلاده في اليمن, وقد تفيض الى دول الجوار.
سعادة السفير هو الوحيد بين سفراء الدول العشر التي تسمي نفسها "الراعية للمبادرة" الذي يعترض على " وثيقة الحل العادل للقضية الجنوبية" والتي أجمعت عليها أغلب المكونات السياسية – ان لم يكن كلها - داخل مؤتمر الحوار الوطني مع بعض التحفظات او الاعتراضات على بعض المواد, اعتراض سعادته منع الدول العشر من اصدار بيان مشترك لتأييد الوثيقة حتى تحظى بدعم وغطاء دولي واسع, يُصعب الطريق على أي أطراف قد تسعى لعرقلتها, ما اضطر تلك الدول الى اصدار بينات تأييد منفصلة باسم كل دولة على حدة.
وصلت تدخلات السفير الفجة الى اشتراطه أن يتم اضافة النقاط الأربع التي في بيان هيئة رئاسة مؤتمر الحوار الأخير الى وثيقة الحل العادل للقضية الجنوبية ويتم اقرار الوثيقة مع النقاط في الجلسة العامة بالتزامن مقابل دعم بلاده للوثيقة, اصرار تجاوز فيه مواقف كل القوى السياسية التي طالبت بتلك النقاط, وأصبح السفير ملكياً أكثر من الملك, و ظهر وكأنه يقف على يمين الجناح المتشدد في المؤتمر الشعبي العام الذي يوالي الرئيس السابق صالح, ومعنى كونه على يمين ذلك الجناح أنه من الجائز اعتباره "بلطجي الزعيم" ذوي العيون الزرقاء, المنافس لبلاطجته من "حمران العيون"..
يدعم السفير خيار تقسيم الجنوب الى اقليمين, عبر تأييده و بقوة خيار الستة أقاليم, ورفضه الواضح والمعلن لخيار الإقليمين على مستوى اليمن, يريد أن يمزق الجنوب من أجل عيون شركة توتال وعيون الزعيم وكل أصحاب المصالح من النافذين الذين يملكون حقولاً نفطية وتوكيلات حصرية في المحافظات الجنوبية.
من حق السفير أن يراعي مصلحة شركة توتال الفرنسية, على أن لا يكون ذلك على حساب مصلحة فرنسا, التي ستتأثر حتماً بسبب سياسات سفيرها الذي لا يرى الا أمام قدميه, ولو كان ينظر الى ما بعد سنة واحدة فقط لفكر ألف مرة قبل أن يعادي أبناء المحافظات الجنوبية بتلك المواقف, والذين لن ينسوا له بالطبع ذلك, وبالتأكيد ستتأثر الشركات الفرنسية في المستقبل القريب من تلك السياسيات الخرقاء.
من حق السفير أن يراعي صداقته الخاصة مع الرئيس السابق صالح لكن ليس الى الدرجة التي يتفوق فيها على ولاء سلطان البركاني الذي أصبح حملاً وديعاً مقارنة ب "فرانك جيليه" سفير الإليزيه.
وجد السفير فسحة من أمره بعد سفر شيخ مشايخ السفراء وزعيمهم بلا منازع " جيرالد فايرستاين", وكأني بالمثل القائل " اذا غاب القط العب يا فار", أخذ راحته كثيراً, وتقمص شخصية وفضاضة وفجاجة السفير الأمريكي الراحل - ان جاز التعبير-, ونسي سعادته أن فرنسا بلد الرومانسية واللغة العذبة الغزلية, وبدأ يستخدم الفاظ الكاوبوي " رعاة البقر الأمريكيين" عند اجتماعه بالساسة والنخب اليمنية.
نقلاً عن صحيفة الأولى