استعدادات صنعاء لمواجهة حضرموت
انطلقت في اختيار عنوان مقالي هذا, من واقع تغافل صنعاء, وعدم اكتراثها "ظاهريا" لمطالب أبناء حضرموت؛ واكتفت بإرسال مندوب كتبرئة للذمة, ومساومة أبناء حضرموت كعادة صنعاء في معالجة أمور كهذه في نطاق (الجمهورية العربية اليمنية)؛ متناسين ان ما أعلنته قبائل وأبناء حضرموت عامة, لا يصب في خانة الاسترزاق الرخيص, حسب أعرافهم, وإنما حق فُطِروا عليه؛ الذي تأتي أولوياته في صون الكرامة, وانتصارا للدماء المسفوكة, وحفاظا على ثروتهم المستباحة, بعد ان استدعت ذلك نخوة أبنائها؛ وكي لا نوغل في الحديث عن هذه الجزئية, دعوني ادخل مباشرة إلى صلب الموضوع "الحدث", للامساك ببعض المفاصل, التي من خلالها يمكن ان تتجلى لنا بعضا من استعدادات صنعاء لمواجهة هبة حضرموت الشعبية.
أولا : في محاولة منهم لتفكيك (حلف قبائل حضرموت) والتفاف أبنائها حوله, قد تلجأ صنعاء إلى تعيين احد أبناء قبائل حضرموت, كمحافظا لها, لا حبا فينا بل من اجل خلق الصدام في بيننا, وتأتي هذه الخطوة في أولوياتها "حسب بعض التسريبات", وما يجعلنا نتوقع صحة تلك التسريبات, هو اعتمادها كقاعدة دأبوا عليها في مثل هذه الظروف منذ زمن.
ثانيا : قد تجد صنعاء في ضعفاء النفوس من أبنائنا, منفذا لتفتيت التلاحم الأسطوري لأبناء حضرموت, عبر شراء ذمم هؤلاء وتوجيههم وفق مهمة محددة, ليسوّقوا أنفسهم وكأنهم أصحاب مبادرة إنقاذ ونصيحة "أخوية"، لينخروا في تعاضدنا بالمال حينا, وتهويل المآل وتصويره كنافذة من جهنم في حينا آخر, وكما يقول المثل الحضرمي (كل طعام بغشرها) ولكن "حينما يفقد الرجال احترامهم لعقولهم وضمائرهم, يفقدون القدرة على احترام عقول وضمائر الغير".
ثالثا : بالتزامن مع انطلاقة الهبة الشعبية؛ قد تلجأ صنعاء لإعطاء الضوء الأخضر للتدمير والتخريب عبر عناصرهم التي استعانوا بها لتدمير (أبين) بالأمس؛ وتحويل حضرموت إلى ساحة لنشاط الجماعات الجهادية المدعومة من قبلهم، ليترافق ذلك مع إطلاق يد عسكرهم للتنكيل بأبناء حضرموت, بذريعة محاربة الإرهاب, وهو أمر غير مستبعد لتلبس حضرموت ثوب الإرهاب؛ لابتزاز العالم واستعدائه لحضرموت, بغية تدميرها وتأديب أبنائها جراء انتفاضهم ضد الظلم الواقع عليهم.
إني لا ارسم صورة قاتمة, ولا اعني التراجع, وإنما اشدد على التمسك وبشدة بكل ما جاء به بيان تحالف قبائل حضرموت, ولكني سقتها هنا, لكي تأخذ في الحسبان واخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهتها, ومن لا يستشعر خطورة ما تخطط له صنعاء, ولا يتلمس المأساة التي جرعتنا إياها صنعاء ويهتم بها؛ فيتكرم بالتأمل في ما ذهبت اليه؛ حينها ستتضح له الأمور وقد يفطن لاستنتاج إضافي لم يخطر لي على بال, وليعذر حماسي وقلقي, فيما لو ما سقته هنا لا ينسجم مع تصوراته, أو يتقاطع معها, ولكنها أولا وأخيرا قراءاتي الخاصة التي خلصت اليها واعتقد بواقعيتها؛ اجزم في ختام مقالي بقدرة رجالات حضرموت, و بما عرف عنهم من حنكة, على قراءة ما يدور, مثل مقدرتهم تماما على التصدي لغطرسة صنعاء بشجاعتهم المعهودة.