قتل قبل 7 أشهر : العثور على شهيد للحراك الجنوبي حيا في صنعاء ( صورة )
عثرت أسبوعية "المنتصف" على شهيد الحراك الجنوبي الشاب، هشام عبده محمد حسن الشميري (28 عاماً)، حياً يُرزق في أحد أشهر شوارع العاصمة صنعاء "شارع حدة"، في وضع إنساني وصحي صعب للغاية، بادية عليه آثار الأسى والحزن والألم والمرارة، نتيجة إصابته بشلل نصفي في الناحية اليسرى من الجسم ما عدا الوجه بالإضافة إلى بروز العين اليسرى، وبسبب إهمال الجهات الرسمية، وتحمله أعباء مالية باهظة أثقلت كاهله وأسرته المتواضعة، وفقاً لتقارير طبية رسمية.
وجاء العثور على الشاب الشميري، بعد أكثر من سبعة أشهر على مقتله متأثراً باختراق طلق ناري دماغه، جرّاء إصابته برصاص قوات الأمن الخاصة في الـ30 من شهر مارس الماضي، بمدينة كريتر محافظة عدن (جنوب اليمن)، إثر إطلاق قوات الأمن نيران أسلحتها صوب شباب "الحراك الجنوبي" أثناء إغلاقهم بعض شوارع المدينة، في محاولة منها لتفريقهم وإنهاء حالة العصيان المدني، حسب وسائل إعلامية مختلفة، حاملاً تقريراً طبياً صادراً عن مستشفى النقيب التخصصي، يُفيد بأن المذكور تم ترقيده في المستشفى إثر تعرضه لطلق ناري، وبعد أن تم عمل الإسعافات الأولية له تبين من خلال الفحص السريري وجود شلل في الناحية اليسرى من الجسم، ومن خلال الأشعة المقطعية تبين وجود كسور في العظام اليسرى للوجه أعلى العين ونزيف في أنحاء متفرقة من الدماغ، نتيجة مرور الرصاصة واستقرارها في الفص الخلفي الأيمن للدماغ وتم إجراء عملية جراحية لاستخراج الرصاصة من الدماغ.
مرارة...
وتفاجأ من معلومات تفيد بمقتله، قائلاً: "إن أول من أشاع خبر مقتله وسائل إعلام تابعة لـ"حزب التجمع اليمني للإصلاح"، هدفها من وراء تلك الأخبار الإساءة وتشويه سمعة (الحراك الجنوبي)"، مؤكداً أن ما أصابه هو قضاء وقدر، رافضاً استغلال وتسييس قضيته من قِبل أي جهة.
الشاب الذي كان يعمل منذ نحو عامين في محافظة عدن (معلم بلاط)، سرد بمرارة وألم واضحين على ملامحه وأعضاء جسمه المنهك، لعجزه عن الوقوف والسير والحركة بشكل طبيعي، سرد للصحيفة تفاصيل إصابته ومعاناته، بالقول "في صباح يوم السبت الموافق 30 مارس من العام الجاري 2013م وتحديداً عند نحو الساعة الحادية عشر، وبعد تناولي وجبة الغداء ذهبت للجلوس في جولة (زكو) بمدينة كريتر، وهو المكان الذي اعتاد العاملون في مختلف المهن الحرفية على التواجد فيه بحثاً عن العمل ومصدر رزق، والتي كانت تشهد، حينها، عصياناً مدنياً ومصادمات ومواجهات بين شباب "الحراك الجنوبي" و "الأمن الخاص"، تفاجأت برصاصة أطلقتها قوات (الأمن الخاصة) لا أعلم مصدرها أصابتني في مقدمة الرأس واخترقت دماغي، ما أدى إلى سقوطي أرضاً على الفور ودخولي في حالة إغماء وغيبوبة، حتى اعتقد كل من حولي بأنني توفيت".
تكاليف باهظة...
واستطرد حديثه: "تم إسعافي في بادئ الأمر إلى أحد المستوصفات القريبة من موقع الحادثة اسمه مستوصف بابل (خاص) ثم إلى هيئة مستشفى الجمهورية (حكومي) بمديرية خور مكسر، اللذين رفضا استقبالي بدون وازع ديني وضمير إنساني، نظراً لسوء حالتي الصحية واعتقادهم أنني في عداد الموتى، ليتم نقلي بعدها إلى مستشفى النقيب التخصصي بمديرية المنصورة، وإدخالي على الفور إلى قسم العناية المركزة وإجراء الإسعافات الأولية وعمل الأشعة المقطعية، وبعدها بنحو ثلاثة أيام أُجريت لي عملية جراحية لاستخراج الرصاصة من الدماغ، ومن ثم نقلي إلى غرفة خاصة لمواصلة العلاج وخروجي بعد حوالى شهر كامل من المستشفى، وهو الأمر الذي كلفني وأسرتي قُرابة مليون وسبعمائة ألف ريال يمني".
وأضاف شهيد إعلام "الإصلاح" الشميري: "بعد خروجي من المستشفى واصلت العلاج في إحدى العيادات الخاصة بمحافظة عدن وعلى وجه الخصوص عند أخصائي جراحة المخ والأعصاب الدكتور عبدالحميد شكري، وبعد حوالى جلستين لاختبار حالة أعصابي، أقر الطبيب المعالج استخدامي علاجات طبية ونصحني باللجوء إلى العلاج الطبيعي، انتقلت بعدها إلى قريتي في محافظة تعز واستقريت فيها حتى عقب عيد الفطر المبارك، لانتقل بعدها إلى العاصمة صنعاء من أجل مواصلة علاجي، وهناك اصطدمت بواقع مؤلم ومرير نتيجة ارتفاع تكاليف العلاج وعجزي عن سدادها بسبب ظروفي المادية الصعبة".
وأوضح أنه توجه إلى أحد المراكز الطبية الخاصة لعلاج المخ والأعصاب، إلا أنه تعذر عليه مواصلة علاجه بسبب ارتفاع سعر جلسة العلاج الواحدة البالغة نحو سبعة آلاف ريال، ما أجبره للانتقال إلى مركز المعاقين الذين أبلغوه بتوقف العلاج في المركز لأسباب لم يفصحوا عنها، واكتفوا بتسليمه "عُكازاً" ليساعده على السير والحركة وأداء الصلوات الخمس والتنقل من مكان إلى آخر، في إطار رحلته للبحث عن علاج من إصابته التي ترتب عليها إلى جانب معاناته الصحية معاناة اقتصادية واجتماعية ونفسية ألقت بظلالها القاتمة عليه وأسرته التي لا تتوقف حتى ولو للحظة عن الدعاء له بأن يمنَّ الله عز وجل عليه بالشفاء العاجل ويعيده إلى وضعه الطبيعي، كونه كان يعيلها ويساعدها في توفير أبرز احتياجاتها الأساسية اليومية ومواجهة ظروفها المعيشية الصعبة.
تجاهل وتذمُّر..
وذكر الشاب الشميري، لـ"المنتصف"، أنه بات يشعر بالعناء والتعب الشديدين ووصل إلى حالة اليأس والعجز عن إيجاد علاج قادر على إعادته إلى صحته ووضعه الطبيعي، ولكنه مع ذلك اضطر إلى التوجه وطرق أبواب الجهات الرسمية متمثلة برئاسة الوزراء ووزارة الصحة العامة والسكان، وتم تحويله إلى اللجنة الوزارية المكلفة بحصر ومعالجة متضرري الأحداث لعامي 2011 و 2012م، التي بدورها وعدته بمقابلته لفحصه والإطلاع على حالته وتقرير ما إذا كانت حالته الصحية تستدعي علاجه بالخارج، أو داخل اليمن، ولكنها حتى اللحظة تجاهلت الرد عليه وتحديد موعد مقابلته ووضعه الصحي وحاجته للعلاج، مطالباً اللجنة الوزارية بالاهتمام بالحالات الصحية الصعبة المشابهة لحالته، وعدم إهمالها لتجنب تضاعف حجم خطورة الإصابة والوصول إلى مرحلة العجز عن معالجتها.
وعبّر عن شعوره بالتذمر، نتيجة الحالة الصحية والمعيشية الصعبة التي يعيشها والنتائج السلبية المترتبة على إصابته وفقدانه أمل علاجه منها، بالرغم من امتلاكه رسائل وتوصيات رسمية من قسم شرطة كريتر والمجلس المحلي في مديرية صيرة ومحافظة عدن وشهداء وجرحى الحراك الجنوبي ابتداءً من 7 - 7 - 2007م، المرفقة بتوقيعات وأختام الجهات الرسمية والتي توصي جميعها بضرورة علاجه بشكل عاجل على نفقة الدولة، تحتفظ "المنتصف" بنسخة منها، ولكن كل تلك التوصيات ذهبت في مهب الريح واصطدمت بالعديد من الأبواب المغلقة الموجهة لها، دون أن تؤتي ثمارها والاستجابة لها في علاجه.