شركة عدن للأمن والسلامة

  

مقالات
إفتتاحية صحيفة الثوري

رهاب اسمه الاشتراكي

الخميس 21 نوفمبر 2013 01:02 صباحاً

رهاب ينتاب الجميع من أطروحات الاشتراكي وتصوراته حول الدولة المستقبلية والقضايا الوطنية، لا لأن هؤلاء نقاد منصفون أو عميقون، إنما لأنهم حالمون يلامسون المسائل السياسية الكبرى بقناعات جامدة، تحجب بصائرهم عن الإحاطة بالمشهد السياسي كاملاً بما جدً فيه من تطورات وتعقيدات تحكمها مسارات قهرية أكثر مما هي خيارات مفتوحة.

هذا التبطل الذي يصبغ غارات الهجاء السياسي الموجه إلى الاشتراكي يتجلى في أوجه كثيرة والعجيب أنهم يسمون ذلك نقداً فيما هو حصيلة انفعالات شخصية مبعثها الخوف من الجديد وقناعات متخشبة ورواسب من التحيزات والأيديولوجيات التي أهملت أو هجرها ذووها.

ففي الوقت الذي يجردون رؤى الاشتراكي من خصائص العلمية والبحثية، تجيء انتقاداتهم في شذرات مبتورة بلغة نثرية ملساء لا علاقة لها بالواقعية السياسية أو البحثية العلمية ولا يحكمها أي منهج نقدي.

ويجري تسويق هذه المنثورات على أنها نقد موضوعي لرؤى الاشتراكي غير المدروسة في حين أن خصائص ما ينثرون تكفي لدمغه بأنه مجرد تطير يصدر عن متطيرين يرهبون الجديد.

المتطيرون هؤلاء يقع فريق منهم في تناقض مدوٍ يضيف إليهم صفة الانفصام حين يتباكون في النهار على الاشتراكي الذي احتوته القوى التقليدية وحولته إلى تابع فاقد التأثير والقرار، وفي الليل يمشقون أقلامهم في هجاء الاشتراكي الذي يمضي في تقرير مصير البلاد ويفرض الفيدرالية ويؤجل الانتخابات... ويسن لمرحلة تأسيسية.

تتدخل الحيرة تتدخل هنا لتقطع سردية التناقضات؛ إذ بأي من هذين المنطقين نحاجج أصحابهما؛ فإذا كان حزب بهذه المحدودية من التأثير كما تشكون فلمَ إذاً هذا الرهاب الذي يسري في عظامكم من دوره وأطروحاته!

وأصحاب هذا المنطق يتناقضون مرة أخرى حين يوفرون كل خطايا القوى السياسية التي خلفت تعقيدات هذا المشهد بمآسيه وعبثيته لينتقوا وقائع اتهام للاشتراكي وقيادته.

يكتب أحد هؤلاء فيما يقدم نفسه محللاً سياسياً أن الاشتراكي يشكل رأس حربة لفريق يبغي تفكيك الدولة.. هكذا بمثل هذا الخيال الرخيص يجري تقدير رؤى الاشتراكي ثم يسمونه نقداً.

 إذا لم يكن صاحب هذا التقدير يعلم فإنه حين كان نطفة في صلب رجل يعيش حياة إنسان الغابة الأول وأرفع توقير يحظى به أن يكون فرداً في سرية للإغارة والسلب، كان الرعيل الأول من الاشتراكيين اليمنيين قد شرعوا في تثبيت دعائم دولة عصرية وألهموا إلى شعار خالد لا يستطيع أي باحث تاريخي في أي من جامعات الدنيا أن يغفله إذ أراد التوثيق لتاريخ الوحدة.

فالدولة والوحدة اللتان يبدي هؤلاء مشاعر خوف مختلقة عليهما الاشتراكي أولى بهما إذ أنه هو الذي أقام دولة ووحدة وضحى بمصيره وفي سبيل إصلاحهما بينما كان عائبوه اليوم يهتفون لولاءات دون الدولة والوحدة.

لذا خليق بهذا النوع من الوطنيين المصطنعين الذين يضعون أيديهم على قلوبهم خوفاً على الدولة والوحدة من الاشتراكي أن يدخروا مخاوفهم إلى حين يحصون ما كسبته أيديهم هم الذين هللوا للانتصارات الغريزية التي أحرزتها دبابات من دمروا الوحدة والدولة فيما كانوا هم يتمرغون في نعماء المنتصرين ويستظلون بعطفهم.

لما كان الاشتراكي منهمكاً يتدارس من أي مدخل يمكن البدء في تفكيك موروث نظام حلفاء الحرب، انطلق آخرون من عائبيه اليوم يهيمون على وجوههم ابتغاء "فتح" جديد مثل "فتح" 1994 لاغتنام إرث النظام السابق فنالوا فتحهم في المعسكر والمخفر والمدرسة ومنابر القضاء.. أما هو فطلع باثنتي عشرة نقطة 12 نقطة للمساعدة في اجتذاب الجنوب إلى الحوار قبل أن تتبلور في لجنة الحوار التحضيرية إلى 20 نقطة.

 ومن بين هؤلاء الفاتحين خرج أكثر المتحاملين على دور الاشتراكي الآن ممن كانوا يشنعون بالنقاط العشرين ويرونها مشجباً لتعطيل الحوار الوطني قبل أن يبدأ، والآن عادوا ليتحدثوا عن وطنية الاشتراكي المنقوصة ويلوموه لأنه مضى في الحوار دون أن يتمسك بشرط إنجازها أولاً.

 بقدر ما يقدم هذا التفكير الانتهازي المتحذلق مثالاً لاحتراف الاتجار بالوطنية فهو يشير إلى شتات الدوافع التي ينطلق منها هذا اللفيف غير المتجانس في لوم الاشتراكي، وقبل اتخاذ مظهرها النهائي يجري تكييفها وتجميلها عبر وصلها بقيم كبيرة كالدولة والوطنية والوحدة.

وسط هذا القدر من الزيف والتنطع وتناقضات المتناقضين كيف السبيل إلى العثور على نقد حقيقي للاشتراكي الذي يتشوق لصفحة واحدة من النقد تسند أطروحاته وتقوم ما أخطأ منها، ثم أين هي دراسات المنتقدين الموضوعية لتمييزهم وسط كل هذا الغث.