شركة عدن للأمن والسلامة

  

مقالات
حامد البخيتي

يوم الغدير ... يوم فصل الدين عن الدولة

السبت 26 أكتوبر 2013 12:54 صباحاً

مشكلتنا  ان هناك من يقرا الدين كقيم ومبادئ انزلها الله من اجل الانسان ليسعد بها وهناك من يستغل الدين كسلطة وشرعية إلهية للتسلط والاستبداد على  الانسان الذي كرمة الله  أي كان دينه ومعتقدة .

الولاية في مفاهيمنا الاسلامية التي وصلت  الينا  من موروثنا  الديني  هي  تلك  التي يستخدمها  الحكام والسلاطين  والعلماء ودعاة الدين  وسيلة واداة لتسلط والتحكم  والوصول  الى سدة الحكم  ،استخدمت هذه الكلمة من جميع الناس لهذا الغرض  في التاريخ الاسلامي وبحسب  اختلاف مفهومها  الديني  لدى المسلمين وتكون مفهومين  نتجت عنه طائفيتين ( السنة والشيعة )  ويجد من ينظر الى هذا الاختلاف بدون  تحيز  الى احدهم ان اساس الاختلاف هو سياسي ومن اجل السلطة  و صبغ الوصول الى السلطة والحكم بصبغة دينية تشرعن للحكام والسلاطين التسلط  والتحكم في المسلمين بصبغة دينية . فخرج  الناس بمفهوم واحد  ان  من يتحدث عن ولاية دينية بانة  يسعى من هذا  الحديث  الى فرض  نفسه كحاكم باسم الله ،و الوصول الى الحكم  بطريقة دينية تسهل عليه  مهمة  الوصول الى الحكم واقناع  العوام  بطريقة سهله واكثر ضمانا في نتائجها  ،كما  يسميه بعض الكتاب (الحق الالهي ) ،بمعنى ادق  توظيف الدين  للوصول الى الدولة  , ومن وجهة نظري ان الولاية الدينية جاءت بما يخدم الانسان وبناءه في كل جوانب الحياة وليست وسيلة  للوصول الى الدولة  بصبغة دينية  وهذا  المفهوم لدي تكون نتيجة لقراءة   الامام علي  وما عمله وسعى اليه خلال فترة حياته  وما تركه  من مبادئ وقيم  انسانية توضح ان  الدين جاء لخدمة الانسان وان  ولاية الامام علي  كانت مختلفة تماما  عما نفهمه ، ونجد انه لم يفرض نفسه على الناس بتوظيف الدين  للوصول الى راس الدولة  فتكون لدي هذا المفهوم الذي هو  فصل الدين عن الدولة  .

وبالرغم من وجود هذا الاختلاف وهذا  التوظيف  لمفهوم الولاية في الاسلام ووجود النزعة البشرية  للتحكم والتسلط على الناس  الى يومنا هذا  .

 نجد ان  شيعة الامام علي يحتفلون بيوم الولاية  ،ويجب ان يكون هدف  الاحتفال و هو احياء  قيم ومبادئ اوجدها  الامام علي  وطبقها خلال فترة حياته، على المحتفلين  اولا  ان  يسعوا  الى قراءه مواقف  واعمال  ومبادئ وقيم  وضعها  الامام   علي  وهو  خارج  السلطة  والدولة  فوصلت  الينا  وهي كما هي في رقيها  وسموا اهدافها  وهنا  تكمن  اهمية ولاية الامام  علي  والفوائد  الهامة التي يحتاج  اليها  الناس جميعا  وغيبت  عن الجميع  بسبب خلق تصور  لدى  العامة  ان ولاية  الامام علي  وحديثنا عنها انما هو من اجل الحكم  وطعننا في شرعية خلافة ابو بكر وعمر وعثمان وغيرهم  يهدف الى الوصول الى الحكم  . ولا يمكن  ايضا  ان يكون تخوفنا  من أحياء يوم الولاية  من أجل الدفاع عن الصحابة وشرعنه حكمهم او  نفي احقيتهم ، فالهدف من الولاية الدينية مختلف تماما  عن ذلك  . فلا  يمكن  ان نجد في ديننا  ما يفرض على الناس  كدين  يجب ان يطبق  كما نسعى جميعا  عندما نفرض شيء على  الناس كواجب  ديني  .

ورغم ما لدينا من موروث تاريخي يشهد على خطأ كل من يسعى لربط الدين بالدولة وتطويع الناس باسم الدين من اجل تقبل اخطأهم وفسادهم وكسادهم بأموال وممتلكات ومقادير العامة والامة باسم الدين والاستحواذ على السلطة باسم الولاية من الله على المسلمين لكننا لم نستفد من هذا التاريخ وذكرى يوم الولاية وما حدث بعدها  من فصل الدين عن الدولة فتجسدت الولاية  في نوعين ولاية الامام علي  وما تركة  من مفاهيم ومبادئ وقيم  انسانية تخدم الانسان من كل النواحي  تجسد الدين ، وهذا ما ابتعدنا عنه جميعا ، والدولة والحكم في الخلافة ومن كانوا يحكمون واستخدام  الدين لمصلحة الدولة وتسيير امور الحكم والسلطة .

 ما يهمنا اليوم ونحن نحيي ذكرى يوم الولاية هو ان نفهم ان الدين فصل عن الدولة منذ ذلك التاريخ ومن المعيب ان نرسخ في اذهاننا  انه عندما نتحدث عن ولاية  الامام على باننا نسعى الى توظيفها من اجل الوصول الى حكم الناس من خلالها ونحن مختلفين على مفهومنا لها ،ونسيء اساءات كبيرة الى الدين بسبب النهم والشغف للسلطة والتحكم بمقدرات الامة ونبني لهم دول هزيلة وضعيفة لا تهتم بالإنسان والدين، إن اولياء الله ليس المنوط بهم الحكم انما تصحيح الاخطاء وتقويم الاعوجاج في فهم  الناس للدين  فليس من المنطقي ان يكون ولي لله طامع في سلطة ، ان اولياء الله دائما مع العامة والمساكين والمغلوبين على امرهم والمساكين والمقهورين ويتحملون الصعاب لأجلهم وليس العكس ،فما نراه الان  ان الناس يتحملون الاعباء من اجل الاسلام وهذا ما اوصلنا الى هذه الحالة من السفه الديني الذي يجعل كل طامع في السلطة يتلبس بلباس الدين كولاية او خلافة ويفرضها على الناس بانها هي الدين وانه الوصي الشرعي على دين الله.

لم يكن الامام علي باحثا عن السلطة انما كان مقوما لمن خرج عليه وقد خرج على معاوية لكثرة مفاسدة واكله لحقوق المسلمين دون وجه حق وقد قتل الحسين عليه السلام من اجل ثورة المظلومين على الحكام والسلاطين الطغاة وليس من اجل من سيخرج ليستغل دمه سياسيا لأجل الوصول الى السلطة ويصبح كمعاوية بقميص عثمان.

 

وهنا اقول للشيعة  ليس  الدولة  هي الدين وليس الناس مجبرون  على قبول فهمكم للدين والدولة   فتصورون للناس  بضيق فهمك  للدين والابتعاد عن  الامام علي ومفهوم ولايته وتسلسل الولاية الدينية  بان الولاية هي الدولة . فالإمام علي  لم يصورها كذلك فكان اول من فصل الدين عن الدولة  من بعد يوم السقيفة  فالدين اعم واشمل  ولن يستطيع احد فهم الامام علي مالم  يبتعد في فهمه  انه  سعى الى الحكم والسلطة  وسيحرم نفسه  مما تركه الامام علي  وهو خارج السلطة  ,  اظهروا  الامام  علي كقيم ومبادئ نستفيد منها لبناء دولة تقبل الاختلاف ولن يرفضها  احد إذا كانت  ستفيدنا اليوم لبناء الدولة   .

واقول للسنة  ليست  الدولة  هي الاداة الوحيدة  لتطبيق الدين  فلا يوجد في تاريخنا  ان استخدمت الدولة لتطبيق  الدين  من خلالها ، اظهروا  تلك الاعمال كقيم ومبادئ نستفيد منها لبناء دولة تقبل الاختلاف ولن يرفضها  احد إذا كانت  ستفيدنا اليوم لبناء الدولة   .

.واقول  لمن هم خارج الفريقين  " لا تظهروا  كمنظرين دينين  وانتقاداتكم  للطرفين  ناقصة  لانها  بتكون عبرة عن ردة فعل  لموضوع ما يتبناه  طرف ديني ولا يرفضه الاخر ودائما  يوظفها  طرف ضد طرف ولا تساعد في بناء الدولة  وليست  خطوة  في طريق فصل الدين عن الدولة وانما  تساعد على تمسك كل طرف بما هو مؤمن به ويسعى الى استخدام انتقاداتكم  لتقوية نفسه ضد من يخالفه  . وظهرتهم  كما ظهر المشترك  في تعامله مع  قضية الحراك  وقضية صعدة  ولم يستفيد من هذه القضيتين  لتقوية مواقفة  من اجل الدفع  بقوة تجاه تغيير النظام  وبقي دورة محدود"  .

ان  جدالنا  القائم  على اختلاف  مفاهيمنا للولاية منذ بداية الاسلام تبعا  لاختلاف مفاهيمنا للولاية والسلطة هو اداة  لابقاء الصراع  في الدول الاسلامية داخلي  ،كلا يسعى لفرض عقيدته على الاخر وسيبقى  ما بيقينا  فيه ، ولن  يحقق دولة .

و ما نجمع عليه  اليوم رغم اختلافنا  هي حاجتنا  لوجود  دولة  تحتوي اختلافنا  وتساعد على تعايشنا  وهذا لن يتم  الا بان نبتعد عن فرض  ما نعتقده  دينياً  على من يخالفنا من المسلمين  فلا يمكن لدين  بمفاهيم مختلفة ان يبني دولة تفرض مفهوم على بقية المفاهيم  فحاجتنا لبناء الدولة  مفصولة عن الدين  هي ما يجب ان نسعى اليه  ولن نجد  فيما لدينا من دين الا ما يؤكد على ذلك  .