شركة عدن للأمن والسلامة

  

مقالات
علي البخيتي

حتى لا يكون مؤتمر الحوار بوابة لحروب قادمة

الاثنين 18 فبراير 2013 09:44 صباحاً

 

سمعنا الكثير عن قرارات لتهيئة الأجواء للحوار الوطني, صدر بعضها والبعض لا زال معلقاً, خصوصاً التعيينات العسكرية المرتقبة للبدء بتنفيذ قرار الهيكلة على أرض الواقع, لكن المشكلة انه لم يتم تطبيق حتى ما صدر, أو حتى الشروع العملي في تطبيقه.
كلما تراجعت القوى السياسية الراغبة في التغيير وتنازلت عن مطلب من المطالب كلما أمعنت القوى والمراكز المسيطرة على القرار في الضغط باتجاه تنازلات أكبر, فالنقاط العشرين التي لاقت اجماعاً عليها, وفُهم وقتها أنه سيشرع في تنفيذها قبل الدخول في الحوار, نُشاهد ترحيلها الى الحوار نفسه, بل قد يُجر المتحاورون الى التفاوض حولها.
اصرار القوى السياسية المعنية بالاعتذار عن حرب 94م وحروب صعده على المراوغة حتى في موضوع الاعتذار والتراجع عن الفتاوى التي صدرت في تلك الحروب مؤشر خطير على نواياها, فاذا كان تطبيق النقاط العشرين يكلف خزينة الدولة الكثير من الأموال ويمكن التحجج بذلك لتأخير تنفيذها, كما أن تنفيذ بعض النقاط بحاجة الى فترة زمنية, الا أن مسألة الاعتذار والتراجع عن الفتاوى لا يكلف مالاً ولا يستغرق وقتاً, فما الداعي لتأخيره خصوصاً بعد اقراره من ضمن النقاط العشرين وبشكل واضح لا لبس فيه.
ذلك يثبت أن عقلية تلك القوى لا تزال كما هي وان توقيعها على النقاط العشرين مجرد تكتيك مرحلي للوصول الى مؤتمر الحوار والخروج منه كذلك بالاتفاق النظري على بعض الآمور, لكن تبقى مسألة التطبيق هي المحك, وطالما ضلت تلك القوى ممسكة بمفاصل النظام الأمني والعسكري فما الذي سيجبرها على التراجع عن مواقفها.
الأخطر من كل ذلك أنه بدلاً من تهيئة الأجوار للحوار تهيئ الأجواء لحروب جديدة سواء في الجنوب أو في الشمال, فالمتابع للخطاب الاعلامي للسلطة سواءً تصريحات بعض المسؤولين أو ما تحتويه وما تبثه مختلف وسائل الإعلام الرسمية يُظهر أنها لا تزال تنتهج نفس خطاب الرئيس السبق صالح الاعلامي أثناء ادارته للبلاد.
قد أتفهم مثلاً تصريحات رئيس جهاز الأمن القومي الأخيرة لصحيفة السياسة الكويتية التي هاجم فيها ايران, على اعتبار أنها محاولة لاسترضاء حلفاء النظام الإقليميين والدوليين لاستمرار تدفق المساعدات سواء الشخصية أو التي تتوجه الى خزينة الدولة, مع أن ادارة علاقاتنا الدولية بتلك الطريقة يعد جراً لليمن الى صراع نحن في غنى عنه, لكن ما لا أتفهمه هو تهجمه على الرئيس علي سالم البيض – اللاجئ المتنقل من دولة الى أخرى - واتهامه بتهم لا يملك عليها أي أدلة, في نفس الوقت الذي يتم التغاضي عن الاعترافات المعلنة والموثقة للكثير من الشخصيات النافذة سياسياً وقبلياً وعسكرياً في اليمن التي يقرون فيها باستلامهم مرتبات شهرية من السعودية, مع أن الكثير منهم في السلطة وليس بحاجة الى تلك المساعدات, وهذا ما يجعلنا نعتبر تصريحات رئيس الجهاز حرباً سياسية توجه ضد فصيل جنوبي استمراراً لصراع "الطغمة والزمة" أكثر من كونه رفضاً للتمويل الخارجي, كما أن تصريحاته تجاه الحوثيين غير مفهومه في الوقت الذي تُعتبر مواقفهم ايجابية جداً وبشهادة بن عمر في ما يخص الحوار الوطني, وهذا يدفعنا الى الاعتقاد أن تلك التصريحات ارضاء لبعض مراكز القوى الداخلية والاقليمية ولدفع الحوثيين لمقاطعة الحوار الوطني.
يَظهر في الأفق أن هناك تحالف بين شركاء حرب 94م " من الجنوب والشمال" لضرب القوى المعارضة لهم كلاً في منطقته, فالقوى الشمالية اعطت الضوء الأخضر لهادي لضرب القوى المعارضة له في الجنوب في مقابل استمراره في اتاحة المجال أمامهم لضرب القوى المعارضة لهم في الشمال وعبر الأجهزة الرسمية.
المتابع لخطاب الاعلام الرسمي بمختلف اشكاله يمكنه رصد الهجوم الواضح والمنهجي ضد تلك المجموعات سواء في الشمال أو في الجنوب, والتحريض الواضح الذي يُمارس ضدهم, ولا أعتقد أن يمر ذلك دون موافقة من الرئيس هادي.
يجب أن يخلوا الرئيس الى نفسه ويعرف أنه رئيس لكل اليمنيين, وأنه ليس في وارد استجرار معارك الطغمة والزمرة, أو اعادة حروب صعدة من جديد, وهذا يستدعي مراجعة تصريحات المسؤولين الرسميين وكذلك وسائل الاعلام الحكومية, وان يرتقي ذلك الخطاب الى المستوى الذي يجعله دافعاً ومعيناً للحوار الوطني, لا أن يكون ذلك الخطاب هو المَعبَر لتفجير مؤتمر الحوار الوطني, وبالتالي يكون الحوار بوابة لحروب قادمة كما كانت الكثير من مؤتمرات الحوار اليمنية السابقة.

" نقلاً عن صحيفة الأولى "

[email protected]