شركة عدن للأمن والسلامة

  

مقالات
رائد الجحافي

قراءة في محاولة تمرير لعبة الحوار اليمني على الجنوب

الأحد 22 سبتمبر 2013 10:14 مساءً

تحدثنا مراراً وتكراراً أن مسرحية مؤتمر الحوار اليمني التي تستهدف الجنوب قد تصل إلى الفشل وهاهي اليوم تراوح حلقتها المفرغة ولا يعلم اللاعبون في تلك المسرحية كيفية إخراجها كنتيجة إلى الواقع، لكن ولكي يجري تمرير شكلها الأخير على الجنوب، فلابد لهم من تنفيذ حملة إعلامية موجهة صوب الجنوبيين (المستهدف الأول من اللعبة)، وها هو المأوري اليوم يشرع بطرح الفصل ما قبل الأخير للمسرحية وينطلق إعلاميا بطرح مزعوم تسريبات على صفحته في الفيس بوك ليتحدث عن توزيع ما يسميها تقسيم اليمن إلى أقاليم، وكان بن عمر الذي استضافته قناة الحرة قد ظهر لذات الغرض وللتسويق الإعلامي للمسرحية في قنوات إعلامية تدخل في معمعان اللعبة فيتحدث بن عمر ويجزم انه ليس هناك سوى آلية تنفيذية للمبادرة الخليجية التي جاء مؤتمر الحوار اليمني ضمن تلك الآلية والكثير من التسريبات الإعلامية ازداد ظهورها وبقوة هذه الأيام، طبعا نحن ندرك الكثير من الأمور التي أضحت جلية أمام شعب الجنوب لكن علينا أن نتذكر الآتي:

- مؤتمر الحوار اليمني مؤامرة يمنية خليجية أمريكية بامتياز تستهدف ثورة الجنوب، وهو ليس إلا خطوة من خطوات تنفيذ الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية التي استبعدت شيء اسمه جنوب أو قضية جنوبية.

- هناك خيارين اتفقت عليهما القوى النافذة في صنعاء مع السفيرين السعودي والأمريكي وجمال بن عمر بحسب معلومات مؤكدة، هذين الخيارين هما الأول أن تسعى كل القوى النافذة في صنعاء إلى إنجاح مشروع تعزيز الدولة الواحدة مع محاولة ضرب الثورة الجنوبية والقضاء عليها، الثاني:

السعي لفرض نظام فيدرالي بين الجنوب والجمهورية اليمنية، وهذا كان محل إجماع وتأييد الأمريكيين والسعودية ومعظم القوى النافذة التي ترى أن الفيدرالية هي الإنقاذ الحقيقي والمضمون لبقاء الجنوب واستمرار الوحدة، ولكي يضمن نجاح الفيدرالية تم وضع إستراتيجية استخباراتية تعمل على:

- حشد وتسخير الإمكانات المادية وغيرها لخلق سياسة قوية تتبنى حملات إعلامية واسعة ومتواصلة تستهدف جهتين رئيسيتين الأولى شعب الجنوب، والثانية الرأي العام الخارجي، وترمي إلى خلق قناعة لدى الجنوبيين بقبول الفيدرالية كنتيجة وكمكسب كبير لهم، ولكي تضمن صنعاء ورعاة المبادرة نجاح الفكرة لابد أن يوجه الإعلام سهامه صوب شعب الجنوب بنشر الشائعات التي تتناول أن مؤتمر الحوار سيخرج بفيدرالية الأقاليم وأن الجنوب سيتجزأ إلى عدة أقاليم يرافق هكذا حملة تحرك قوى جنوبية لها مصالحها مع صنعاء بمحاولة خلق إرباكات في صفوف الثورة ونشر روح الهزيمة واليأس بين صفوف شعب الجنوب حتى يجد نفسه يقبل بأي حلول وسيعتبر انتزاع الفيدرالية مكسب كبير دونما إدراك ووعي.

هكذا هي حلقات المسرحية التي تحاول اليوم تلك القوى إخراجها إلى الواقع وفرضها على الجنوب، وعليه فأنه لابد لنا أن ندرك ولو بعض الحقائق مثل:

- أولا أنه من الصعب ومن المستحيل على تلك القوى تجاوز ثورة بحجم وقوة ثورة الجنوب، وأن الإجماع الشعبي في الجنوب على هدف التحرير والاستقلال هو المعضلة الرئيسية اليوم وغدا أمام تلك القوى مهما عملت في حال استمر هذا الإجماع الشعبي والتصعيد الثوري.

- أن الفيدرالية بأي شكل من الأشكال بإقليمين أو ثلاثة أو عشرة أو مهما كان عدد الأقاليم فيها هي في كل الأحوال وتحت أي ظرف كان ضياع لقضية الجنوب وشرعنة للاحتلال اليمني، وتخلي نهائي عن شرعية فك الارتباط ومطلب الاستقلال.

- أن يلتزم الجنوبيين بعدم التعاطي مع أي ترويج أو شائعات أو غيرها، مثلا سيقف المؤتمر الشعبي ضد مخرجات الحوار بمزعوم أنها تمنح الجنوب إقليم فيدرالي، وعندها سيأتي من يدعو الجنوبيين إلى تأييد الفيدرالية يقابل ذلك ترويج وتصريحات للاستهلاك الإعلامي تتحدث عن مسميات مثل فيدرالية بسقف زمني محدد يسمح بعده للجنوبيين تقرير مصيرهم عبر الاستفتاء، وهنا نؤكد أنه لا وجود لمثل هكذا أمور في القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية على الإطلاق، وأن هكذا أمور تعد غير ملزمة على أي من الأطراف التي قد توقع عليها لمجرد الخدعة وامتصاص غضب الشارع الجنوبي، ونؤكد أن استمرار النضال ورفع شعار الاستقلال هو المخرج الوحيد.

للمجتمع الدولي ثمة رسالة لو بمقدور احد إبلاغها:

على المبعوث الدولي للأمين العام للأمم المتحدة السيد جمال بن عمر ومعه كل ممثلي البعثات الدبلوماسية الأجنبية في اليمن إدراك أمر هام يتمثل في الآتي:

- أنه ومن المستحيل جدا أن تقوم في صنعاء دولة مدنية مهما كانت الظروف والأسباب والمتغيرات، فالقبلية سمة متأصلة في النفوس يجري توارثها جيل بعد جيل، كما أن تركيبة المجتمع معقدة جدا وليست الأزمات المختلفة التي تعانيها اليمن وليدة اللحظة أو جاءت كنتيجة للفساد وقلة الموارد أو ما شابه ذلك، فهكذا أزمات وجدت كأمر حتمي لعوامل منها تنشئ بالفطرة، ويصعب معالجتها خلال عقود من الزمن، وعليهم العودة لقراءة تاريخ اليمن القديم والحديث والمقارنة بين الماضي والحاضر أن أرادوا التأكد من هذا التعقيد الاجتماعي السيكولوجي.

- في حال جرى فرض استمرار الوحدة سواء دولة بإقليم واحد أو فيدرالية بإقليمين ولم يمنح الجنوبيين استقلالهم فأن عدم توازن القوى وتعدد العوامل ستقود إلى انتشار العنف في الجنوب والشمال، وسيؤدي إلى نشوء الجماعات المتطرفة وخلق جماعات إرهابية قوية مسنودة بقوة وصلابة القبيلة وقساوة الطبيعة التي تعيشها غالبية مناطق الجنوب وكذلك الأمر بالنسبة لليمن (الشمال)، وعليه فانه من المستحيل تحقيق أي استقرار أمني في المنطقة العربية، أو في المياه الإقليمية.