سوريا -سيناريو العراق ،والبعد الديالكتي
ذريعة الإمبريالية الأمريكية والدول الاستعمارية ذاتها التي على أساسها خاض الحرب على العراق "السلاح الكيماوي" نعم يملك الجيش العربي السوري السلاح الكيماوي كغيره من الجيوش في المنطقة بينها "الكيان الصهيوني" ،ونعم –أُستخدم- السلاح الكيماوي ضد المدنيين والعسكريين في سوريا لكن السؤال هو من الذي أستخدمه وتفيد إحدى الفلسفات بأن تبحث عن المُستفيد لتجد الفاعل . وهل كان الجيش السوري الذي صَعد بانتصاراته الميدانية منذ ثلاثة أشهر بحاجه إلى استخدام السلاح الكيماوي ، هل من المنطقي أن يستخدم النظام السوري السلاح الكيماوي بالتزامن مع زيارة المحققين الدوليين لسوريا ، وما الذي يستفيده الجيش السوري من قتل الأطفال وهناك جماعات مسلحة خارجية على أرضه يقاتلها ،وهكذا فان الجماعات الإرهابية المسلحة والمعارضات المختلفة التي تتقاتل فيما بينها عادةً من لها المصلحة وهي المصلحة الأمريكية في استخدام السلاح الكيماوي . وهذا التصعيد نحو ضرب سوريا عسكرياً قبل انتهاء التحقيقات يشير بأن تقارير المحققين ستثبت ما أكده نظام دمشق وهو أن الأسلحة الكيماوية استخدمت من قبل جماعات المعارضة المسلحة وهذه المعارضة هناك من زودها بها...؟ وعلى هذا الأساس فان هذا التصعيد لضرب سوريا هو تقويض لأعمال التحقيقات التي ستثبت تورط الغرب في العدوان على سوريا ودعم معنوي وإستراتيجي بتعطيل سلاح الجوي السوري في سبيل تماسك وتقدم الجماعات المسلحة على الأرض . نفس مهزلة العراق التي مارستها حكومات الإمبريالية على الشعوب في تبرير العمل العسكري وما يرافقه من إنفاق مالي يؤثر على المجتمعات الغربية نفسها ،و حين اتضح أنه لا وجود لأسلحة دمار شامل تحدث (كارن باول) و(توني بلير) أنه لم يكن هناك دقة في المعلومات التي قُدمت ليُتخذ قرار الحرب على ضوئها ،والقرار الحربي قرار اقتصادي وما القوات المُسلحة سوى وسائل إنتاج(أدوات مثلها مثل مكينات المصانع) بالنسبة لرؤوس الأموال هذه التي يحتكر اللوبي الصهيوني معظمها . لكن ما يُحضر لسوريا اليوم ليس سيناريو العراق 2003 بل سيناريو العراق 98م ضرب مواقع عسكرية مهمة في العراق تؤثر على موازين القوى العسكرية وقد أضعفت تلك العمليات العراق حقاً وفُرض عليه حصار اقتصادي وما كان اجتياح العراق 2003م الذي لم يُحقق أهداف الحرب إلا تحصيل حاصل . لكن الإمبريالية الأمريكية هُزمت في أفغانستان وفيتنام وكوسوفو هُزمت في عام82 في لبنان هزمت2003م في العراق وهزمت 2006 في لبنان هزمت2008 في غزه وسُتهزم اليوم في سوريا ،وما تشهده الأزمة المالية العالمية يُثبت، إن الرأس مالية الطفيلية اليوم لا يوجد لها أُفق وأن العالم يسير نحو الإشتراكية ،وما تعيشه الرأس ماليه ليس أكثر من إطالة عمر هذه الأزمة (أزمتها) وكل عامل جديد ومصنع جديد في أي دوله وطنية بعيد عن الشركات العابرة للقارات هو جندي جديد يُضاف إلى الطبقة العاملة ويحضر لها (أي الرأس مالية) النعش، لهذا الآن أي عدوان على سوريا مماثل لما حدث في العراق 2003 سيكون كارثة على سوريا الدولة والطبقة العاملة ولكنه لن يكون نصراً للرأس ماليه ،والبُعد الديالكتيكي اليوم للعدوان على سوريا لن يكون سوى تأجيج للتناقضات والصراعات الطبقية ولن تستفيد منه الرأس ماليه عمليا لتحافظ على وجودها بل ستستفيد من هذه الحرب في أقصى الأحوال في ضرب البنية التحتية والإنتاج الاقتصادي وتحويل سوريا إلى سوق مفتوح للمنتجات الإمبريالية على اعتبار أن الاقتصاد السوري اليوم اقتصاد موجه مُنتج ومكتفي ذاتياً ،وستسفيد الإمبريالية كذالك من خلال شركات إعادة الإعمار التي تتقاسمها أمريكا والحلف الأطلسي لكنها عاجزة عن النصر وعن حل مشاكلها البنيوية هذه المشاكل التي لم تستطيع حسمها في الشرق الأوسط حين كانت القطب الوحيد والأول على كل الأصعدة الاقتصادية والعسكرية فكيف الآن والقطب الأخر بدأ يتشكل لمناهضة الهيمنة الإمبريالية الأمريكية مجموعة "اوراسيا" دول أمريكا اللاتينية والأفريقية التي تتجه بنضج نحو اليسار وكذالك محور المقاومة وليس من المُستبعد أن تنظم مصر إلى قوة داخل هذا المحور وخاصة بعد أوامر (السيسي) بإغلاق قناة السويس بوجه أي بأرجات حربية في طريقها إلى سوريا .