الجارديان: النضال العربي لم ينته رغم انتهاء طابع "الربيع العربي"
لندن - أ ش أ
رأت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن النضال العربي من أجل مستقبل أفضل لم ينته رغم انتهاء طابع الربيع العربي, قائلة إنه ليس ثمة مجال للرجوع للوراء... ومؤكدة أن هذا النضال من أجل التقدم على الصعيدين السياسي والاجتماعي سيمضي قدما على وتيرته وأطره الخاصة به.
وأضافت -في تعليق على موقعها الإلكتروني الخميس- إنه لا يجب على الغرب الحكم بعدم جاهزية العرب للديمقراطية, وأن عليه بدلا من ذلك مساندة كل دولة في عملية انتقالها الخاصة.
ونوهت الصحيفة عن أن العالم العربي طالما تطلع إلى التغير للأفضل, قائلة إن العقبات التي واجهها ولا يزال يواجهها لا يجب أن تثير دهشة أحد.
ورأت أن الوقت قد حان لكي تعمل أوروبا على تقييم ما حدث على مدار العامين الماضيين في سبيل التغيير على الضفاف الجنوبية للبحر المتوسط, قائلة إن على أوروبا النظر للوضع الراهن بشكل مختلف, رغم أن الطاقة والعاطفة والأمل الذي اشتعل على تلك الضفاف مطلع عام 2011 كانت أشبه بانفجار مفاجئ.
ورصدت "الجارديان" آخر التطورات على الساحة المصرية, قائلة إن طابع "الربيع العربي" بدت فيه الصدوع, وإن لم يخل منها في الواقع منذ البداية, وتساءلت الصحيفة "هل هذه نهاية العملية التي ابتدأت قبل عامين أم تراها نهاية توقعاتنا الساذجة".
وقالت الصحيفة إنه من السذاجة بمكان التصور بأن يكون طريق التغيير ممهدا ومستقيما أو أن يحدث تحول إلى الديمقراطية بعد عصور طويلة من الاستبداد على نحو أوتوماتيكي كما يتصور بعض السذج.
ورأت أن الأزمة المصرية, أكثر من الاضطراب المسلح في ليبيا واستمرار دوران رحى الحرب الأهلية في سوريا والتوترات السياسية في تونس, تظهر مدى الصعوبة بما يتجاوز التوقعات التي تكتنف عملية التغيير في العالم العربي.
ورأت "الجارديان" أن تجربة مصر -الرائدة إقليميا- تثبت أن العمليات الانتقالية أطول مدى وأكثر عنفا مما تصورت أوروبا.
وقالت الصحيفة البريطانية إن الدماء والألم في الطريق إلى الديمقراطية أمر ليس بالجديد مشيرة إلى أن تاريخ أوروبا مليء بالعقبات والتوقفات والبدايات والتراجيديات, ومؤكدة أن التعثر أمر متوقع الحدوث عندما لا يكون القادة الجدد على مستوى آمال شعوبهم.
وتطرقت في تعليقها إلى الحديث عن جماعة "الإخوان المسلمين", متهمة إياها بالفشل في إدراك حقيقة أن الفوز بانتخابات لا يخول الفائز حق الاستئثار بكافة سلطات الدولة وإقصاء الأقليات.
وقالت إن الإخوان وصلوا للحكم عبر وسائل ديمقراطية عندما انتخبهم قطاع عريض من المجتمع المصري, ولكنهم ما أن جلسوا على سدة الحكم حتى ضربوا عرض الحائط بمبدأ الفصل بين السلطات وجردوا خصومهم من حقوقهم.
ورصدت الصحيفة انحصار نتيجة تجارب التغيير على الساحل الجنوبي للبحر المتوسط في التنافس بين أنظمة ديمقراطية متعصبة بقيادة أحزاب إسلامية وأنظمة علمانية تدعمها الجيوش.
ورأت "الجارديان" أنه يجب استبعاد فكرة الرجوع للوراء, أو الحكم على العرب بعدم الجاهزية للديمقراطية أو التطلع مرة أخرى إلى صيغ تبسيطية.
وقالت إن أوروبا تحتاج بدلا من ذلك إلى انتهاج طريق أكثر حكمة وتبصرا وصبرا في ضوء ثلاث نقاط أساسية: أولى هذه النقاط هي الوقوف على حقيقة أن المنطقة بالغة التنوع داخليا; فكل ثورة في العالم العربي لها جذور مختلفة تاريخيا واجتماعيا كما تواجه تحديات خاصة بها.
ثاني هذه النقاط مبنية على الأولى, وهي استحالة أن تؤتي فكرة تطبيق سياسة واحدة تناسب جميع الحالات ثمارا إيجابية.
ورأت الصحيفة في هذا الصدد أن ثمة احتياج إلى استراتيجية مشتركة; على أن تكون القرارات إزاء كل حالة مختلفة عن الأخرى.
ثالث تلك النقاط وآخرها هي أن التغير الذي بدأ عام 2011 لا رجعة فيه.
وقالت الصحيفة إن على الأوروبيين أن ينفضوا عن أنفسهم حالة اللامبالاة حتى يتمكنوا من رؤية المنطقة حولهم على نحو أفضل.
وتطرقت "الجارديان" إلى الحالة المصرية, قائلة إن أية تسوية سياسية جديدة ستشتمل بالضرورة على جماعة الإخوان المسلمين, الخاسر الأكبر في اللحظة الراهنة, وعليه أثنت الصحيفة على دعوة الاتحاد الأوروبي على لسان كاثي آشتون إلى عودة سريعة لحكومة تكتسب شرعيتها من الانتخابات الديمقراطية وكذلك إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين.
واختتمت الصحيفة تعليقها بالقول إن النتيجة النهائية لعمليات التغيير الحرجة التي يشهدها العالم العربي إنما تتوقف على مسلك الشعوب العربية نفسها, مؤكدة أنه مهما كان الدور الأوروبي فلن يكون أكثر من كونه عاملا مساعدا.