بقايا الثوار..!
كما أنهُ لا أحد يستطيع أن يُنكر أن الحراك الشعبي الذي حدث في" 11فبراير" كان (ثورة) إلا أنهُ لا يستطيع أحد أن يُشير إلى أن ثورةً مرت من هُنا...! لذا أضن انهُ يجب التخلص من وهم ثورتنا مستمرة،فإن أي حراك يسوق أنه امتداد لثوره فبراير فإنه كذبٌ على الذاتِ والآخرين كما أنهُ لا يوجد هناك أي مُكتسبات ثوريه للنضال من اجلها، يجب أن نؤمن بهذا إذا أردنا حقاً أن نُعيد قراءة ما حدث فعلاً وإذ أردنا أن نثور حقاً ونسعى لتغير حقيقي ..
إن فشل الانتفاضة الشعبية لتصبح ثوره بما تعنيه ألكلمه من إحداث هزات تغير من واقع المُجتمع كما يصف (تشي جيفارا) الفعل الثوري، لا يعني بتاتاً أن واقع البلاد كان بخير وأن نظام صالح يقود البلاد بحنكه وان المُنجزات كانت تفيض من كل شيء، لم يحدث شيء من هذا ومن يُفاضل بين الواقع البائس اليوم بالواقع الأقل بؤساً أو البؤس المُغلف سابقاً إنما هو حنين إلى العبودية وخوف من الحُرية التي تحمل الفرد والمجتمع أعباء الارتجال وحمل العواقب ..
مشكلة ثورة 11فبراير ليس أنها جاءت على شاكلة الربيع العربي فكما أن لكل بلد خصوصياته فنحن كنا أحوج الشعوب العربية لفعل ثوري فلم يتحقق أي هدف من أهداف ثورة "26ستمبر" بشكل علمي انعكس على واقع المُجتمع اقتصاديا وثقافياً ..مُشكلة الثورة ليس بقيمتها الإنسانية التي جاءت كنقيض لواقع اقتصادي اجتماعي رث يحمل أعباء نزاعات وحروب و فساد مالي وإداري مُريع في سياسات داخلية وخارجية مبتذلة في حالة من انعدام للحقوق والحريات والممارسة للديمقراطية والعمل المؤسسي .
عيب الثورة أو مشكلتها في قصور واختلاف تعاريفها فمنهم من كان يرى أن حزب المؤتمر هو النظام الحاكم ويجب أن يسقط ويزول . منهم من كان يرى أن صالح وعائلته هم الشيطان الذي يجب أن يُمحى، منهم من كان يرى أن الأحزاب السياسية حرام عليها أن تطأ الساحات ،ومنهم من كان يرى أن الشباب يجب أن يحتكموا للديناصورات السياسية صاحبة التجارب، منهم من كان يرى أن النظام هو المؤتمر والمُشترك وهم العدو ومنهم من وجدها فُسحة ليُعلن عن صوته وفكره وربما تأصيل لحق إلهي في الحُكم وهكذا دواليك،وطبقاً لتعدد هذه المناظر كان كل ثائر يُغني على ليلاه والحزب الحاكم على ليلاه يُغني .
لكن الواقع انه لم يكن هناك نظام بتاتاً كي يسقط كان هناك سُلطات بعضها فوق بعض سُلطه قبليه وسُلطه سياسية وسلطه دينيه وسُلطه عسكريه .عائلة صالح جزء من هذه السُلطة كما أن المؤتمر جزء والإصلاح جزء وعلي محسن جزء وعائلة الأحمر جزء وجميعهم رؤؤس أموال يُديرون البلاد طوال 33 عام،طوال هذه الفترة لم يحكم حزب أو شخص اليمن لوحده ولذا فان كل من شارك بالحكم يتحمل تبعات الواقع التي وصلت به البلاد حتى عام 2011 وما بعدها .إن مراكز القوى هذه التي تحكم البلاد هم من كان يجب أن تنتزع الثورة السُلطة منهم لتعود السُلطة لمالكها الشرعي وهو الشعب .وفي ضل تلك الرؤى المشتتة التي كانت تفهم بها الثورة في داخل الساحات والثوريين أنفسهم تسللت مراكز القوى التي يُفترض أن تكون الثورة ضدها إلى الثورة ذاتها التي كانت قد تبوتقت كساحة البعض جاء على استحياء والبعض رافعاً رأسه انتقاما البعض بحسن نية والجميع غنوا لهم من المنصات حيابهم حيابهم ....
هكذا دخلت مراكز القوى بكل صراعاتها فيما بينها لتصبح الثورة هي المساحة التي تقاتل في خضمها وكان الشباب هم الأدوات التي تصارعوا بها رويداً رويداً حتى انقرض من كان يَرى أن الثورة جاءت لتنتزع السلطة من مراكز القوى التي هي الآن ثائرة بجوارهم ، و تأقلم البقية مع على مُحسن كثائر ومع حميد الأحمر كثائر ومع اليدومي والزنداني ،إن انتقال مراكز القوى إلى الثورة سلب الثورة نقائها الروحي فكان دفاع المؤتمر عن صالح ليس لأنهم لا يشعرون بالجوع ككل تلك الجموع بل لأنهم رءوا أن الثورة تريد النيل منه كشخص ومنهم كأنصار ،وتساءل البعض لما لم ينظم الحرس والأمن المركزي إلى الثورة أليسوا من الشعب ،ولم يستوعبوا أن انشقاق الفرقة كان من اجل شخص محسن وليس من اجل الثورة ، فلذا تتمرس أنصار المؤتمر وصالح ودافعوا بشراسة عما اعتبروه انقلاباً واضحاً والأمر كان يجري كذالك كل مركز من مراكز القوى يريد أن ينقلب على الآخرين ويستخدم الشباب أدوات والثورة كقيمه إنسانيه تعنى بطبيعة الصراع الطبقي التي لا تفرق بين الناس سياسيا ولا عرقيا ولا مناطقيا ولا مذهبياً استخدمت كوقود ، واستمر الحال كما هوَ عليه بعد تسليح الثورة وبعد المجازر والحرائق والحروب إلى أن جاءت المبادرة الخليجية كمشروع لحل الأزمة .
وكانت المبادرة محك فمن كان يَرى أن صالح هو الشيطان والبقية ملائكة أنهى مناسك ثورته وصرح نجحت الثورة ولكنه بقي في الساحة ليحصد إلى جانب ما يحصده من حكومة الوفاق، ومن كان يرى أن أرحل هي الثورة أعجبه أن يُصبح هادي هو الرئيس لذا عطف خيمته وأنهى ثورته، ومن كان يرى أن الثورة تعني الكراسي والحقائب الوزارية أتم ثورته وأخذ حصته من وزارات الوفاق، ومن كان يَرى أن الساحة مكان مناسب ليغسل يديه من كل المفاسد التي ارتكبها أتم ثورته وخرج كرمز ثوري، والمحصلة النهائية أن مراكز القوى أتمت ثورتها وان المشاريع ختمت جداول أعمالها وتبقى من كان يَرى أن الثورة يجب أن تنتزع السلطة والقوه والثروة من الجميع لتصبح ملك الشعب شمالاً وجنوباً وآن الثورة ستحدث التحام مع الحراك الجنوبي وتصل إلى حل عادل للقضية الجنوبية ضل وحيداً في الساحات وخارجها يختنق كلما سمع من انتهازي يتكلم باسمه -ثورتنا مستمرة- إنهم بقايا الثوار أولائك الانقيا ومن سقطوا ضحاياً صراعات الجميع يُقتلون كل يوم، وهم وحدهم من حقهم أن يتحدثوا عن ثوره ولكن كيف نعرفهم ..؟!