محكمة الصحافة تنتصر للقضاء
يعتبر حكم البراءة الصادر من محكة الصحافة برئاسة القاضي منصور شايع قبل ايام في القضية المرفوعة ضد صحيفة الأولى ممثلة برئيس تحريرها محمد عايش والصحفي محمد العبسي من قبل جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية, يعتبر خطوة مهمة في طريق طويل يجب أن يوصلنا الى قضاء عادل ومستقل.
لا اعتبر الحكم الصادر دليل على عدالة واستقلال المنظومة القضائية في اليمن بشكل عام بقدر ما هو مبادرة شجاعة من قاضٍ شاب بدأ في اصدار سلسلة من الأحكام ستشكل ثورة في القضاء اليمني.
فقبل مدة ليست بالطويلة وفي خطوة شجاعة احال نفس القاضي بعض مواد قانون الصحافة والمطبوعات الى المحكمة العليا للنظر في مدى دستوريتها, بعد أن فندها بقوة وحجة فاقت الحجج التي دفع بها بعض المحامون أمامه.
القاضي منصور شايع يعمل وبصمت على ارساء قواعد جديدة للقضاء في اليمن, واذا ما حكمت المحكمة العليا بعدم دستورية تلك المواد, فان القاضي منصور سيدخل تاريخ القضاء اليمني من أو سع أبوابه, وستكون تلك الخطوة بداية الطريق لتعديل قانون الصحافة والمطبوعات, بما يؤدي الى الغاء محكمة الصحافة نفسها على اعتبار أنها من المحاكم الاستثنائية الغير دستورية, التي أنشأها الرئيس السابق صالح ليسهل عليه قمع حرية التعبير.
بدأ صالح في آخر عقوده في الحكم في شرعنة بقائه في السلطة عبر انشاء المحاكم الخاصة, كالمحكمة الجزائية المتخصصة ومحكمة الصحافة, ليتمكن من صيد خصومه السياسيين والصحفيين وغيرهم وباستخدام القضاء, ويضع في تلك المحاكم القضاة الذين يتمكن من املاء الأحكام عليهم أو بالحد الأدنى الضغط عليهم, لأنه من الصعب عليه أن يضمن ولاء كل القضاة في اليمن, عندما يحال كل متهم الى محكمة منطقته أو دائرته, لذلك كانت المحاكم المتخصصة هي الحل ليسيطر على هذا الوضع.
الحكم الصادر لا يعد انتصاراً للصحفيين, بل انتصار للقضاء نفسة, فسيعيد هذا الحكم والحكم الذي قبله – المتعلق بإحالة بعض مواد قانون الصحافة الى المحكمة العليا - بعضاً من الثقة التي فقدناها في القضاء اليمني وبالأخص المحاكم والنيابات المتخصصة.
وهنا لا يفوتني أن أذكر ما قاله لي الصحفي عبدالله صبري رئيس تحرير وكالة اليمن الإخبارية "YNA ", عندما رأى على ملامحي علامات الفرحة بعد صدور الحكم, قائلاً لي : لقد حصل لنا في صوت الشورى جزء من هذا السيناريو, صدر حكم لصالحنا فامتدحنا القضاء, دون أن نعرف أن ذلك كان طعماً لنا, فصدرت بعده عدة أحكان جائرة ضدنا في صحيفة الشورى قبل سنوات, فقلت له : أنا لا أثق في المنظومة القضائية, لكني أتوسم خيراً في رئيس محكمة الصحافة الحالي.
وفي الأخير أوجه رسالة الى جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية, هل كان من الضروري أن توثقوا فسادكم في ما يخص تعاملكم مع ملف جرحى الثورة بحكم شرعي ؟ صدق عليكم المثل اليمني القائل " سارق ومبهرر ".