حق تقرير المصير وصداه الشعبيَّ جنوباً وشمالاً
التشطير المرير الذي عانى منه الإنسان اليمني في ظل ألإمامه والاستعمار البريطاني اوجد النقيض له وهي الإرادة في التحرر والتوحد ، وفيما بعد إدارة الوحدة الأشبه بالاحتلال وضم الجنوب إلى الشمال التي تصطدم مع مصالح الناس منذ 19عام من الطبيعي أن تولد النقيض الذي هو المطالبة بفك الارتباط ،وهكذا فإن حق تقرير المصير للشعب الجنوبي ليس حق سياسي يوهب لهم إنما هو انعكاس لوجودهم...
في عام 90م كان سيحرق ويُخون أي زعيم سياسي في الجنوب أو الشمال سيقف عثرة أو سيتعقلن في الطريق إلى الوحدة ،وكذالك اليوم يبدوا الشارع الجنوبي ملتفاً حول (البيض) أكثر من غيره لأنه ينتمي لإرادتهم ،فلا يُمكن تجاهل إرادة شعبيه وكذالك قمعها في بداية تكون الحراك الشعبي الجنوبي بدا بحراك للمبعدين العسكريين ثم ألمطالبه بتصحيح مسار الوحدة وكلما تعرض للتخوين والسجن والقتل والقمع والتهميش كلما اتسع سقف مطلبه ،لم يَعد بمقدور الجنوبي أن يُضحي بما تبقى من حياة لصالح الوحدة التي تتعامل معه بنزق الاحتلال ، وحده فقد بها كله كل مصالحه كمواطن تلك المصالح التي تأبطها ليتوحد، وحده تجسدت على الجغرافيا كوحدة أراضي منهوبة لا على الواقع الاجتماعي بين الشعبيين اقتصادياً وثقافياً وبين الشعب الجنوبي والسُلطة المنتصرة عليه في حرب94.
إن جيل الوحدة أكثر من يُطالب بفك الارتباط وهذا ليس لأنه لم يشعر بمعاناة التشطير إنما لأنه لم يشعر بالوحدة وقضى عمره وهوَ يَرى كيف يُعامل المجتمع حوله كشعب مهزوم من رأس السُلطة العسكرية والدينية والقبلية إلى اصغر مواطن شمالي يقضي إجازته أو ينزل منتقماً لصوره –الشيخ- التي أُحرقت .
إن الشعب الشمالي وبأنانيه طافحة يرمق الجنوبيين باحتقار من موقع المنتصر على" دار الكفرة" ومن منطلق أنهم يُريدون فك الارتباط وما يُسميه هو "بالانفصاليين" بل ويتوعد بالوحدة أو الموت وأنه مُستعد ليدافع بدمه عن الوحدة.. بهذه الأنانية والعاطفة -الوحدوية- المُترعة ينضر إلى الجنوب ولا ينضر إليه بأنه شريك دخل الوحدة بدوله تقدميه حورب وأُقصي وهو الآن شعب مضطهد لهُ الحق في تقرير مصيره السياسي /فك ارتباط /دوله إتحاديه/ كونفدرالية ،ومهما تكن الخيارات فإنها لا تطعن في عدالة قضيته..
لم يفكر الشمالي بأن هذه السُلطة التي لم تحقق العدالة الاجتماعية في الشمال كيف لها أن ترعى حقوق الجنوبيين وتُشعرهم بالانتماء والمواطنة وهم الذين كان لهم دوله حقاً. يكاد الشمالي وفي هذا الوضع الاقتصادي والاجتماعي أن يُهاجر الوطن إلى الأبد ولا يحق للجنوبي أن يُطالب باستعادة دولته ..! كما في السابق فلم يكن من حق الرئيس البيض أن يُعلن فك الارتباط لحماية دولته وشعبه بعد 22يوم من بدء الحرب عليهم ،وإن فكر الشمالي قليلاً وأقتنع بحق الجنوب بتقرير مصيره فيتدارك الأمر ويقول :لو انفصل الجنوب سوف يتفكك إلى أكثر من جزء... !