يا الله برأسي يكبر..
في 22 مايو 1990م تمنى الجنوبيون أن يكبر رأسهم, أي أن يتسع وطنهم ويتقوى وينهض في ظل دولة النظام والقانون ويكون الجميع فيها شركاء في الثروة والسلطة.. لكن حلمهم خاب وأضحى سراباً في سراب.. بعد أن قضت عليه حرب اجتياح واحتلال الجنوب صيف 94م .. التي لم يتقبلوا نتائجها التدميرية. وهاهم يواصلون نضاله...م السلمي الدائب للخلاص من مآسي الاحتلال ونتائج حرب الغدر والكيد والفيد التي التهمت دولتهم وحولتها إلى غنيمة. فكان الجنوبيون الذين حلموا بالوحدة وضحوا من أجلها, أشبه بمن عاش في حلم (ليلة القدر ) دون أن يصيب منها شيئاً, بل تضاعفت مآسيه وهمومه لعدم اقتناص اللحظة والدقة في تقدير الأمور دون أخطاء قاتلة.. وليلة القدر, هي الليلة التي قال عنها الله تعالى (ليلة القدر خير من ألف شهر) فالناس يترقبونها في السابع والعشرين من رمضان كل عام بفارغ الصبر وبالكثير من الأماني والتماني التي يرجو كل شخص, صغير وكبير, امرأة ورجل, أن تتحقق له في هذه الليلة المباركة. ومن القصص الشهيرة في موروثنا الشعبي المرتبطة بهذه الليلة حكاية مرتبطة بمثل شائع يقول ( يا الله برأسي يكبر, قال: يا الله يرجع ذي كان) وأصل المثل كما يُروى، أن أحدهم ترقب ليلة القدر من نافذة بيته وتمنى أن يكبر رأسه فكبر في الحال وصار حجمه أكبر من اللازم بحيث لم يستطع إخراجه من النافذة, فبقي على ذلك الحال, رأسه خارج النافذة وجسمه في الداخل، فطلب على الفور بأن يعود رأسه كما كان.
ويضرب المثل في خيبة الآمال. ولا شك أن هذا المثل ينطبق على قضيتنا الجنوبية التي أوقعتنا فيها قياداتنا بسوء تدبيرها وافتقارها لبعد النظر عند الإقدام على وحدة اندماجية سريعة غلبت عليها العواطف..وما زلنا في انتظار عودة الرأس كما كان, ولكن بعد أن تتواضع بعض الرؤوس الكبيرة وتنزل من علياء نظرتها الفوقية وتتواضع برؤاها لتلامس مستوى واقع الجنوب وبما يتناغم مع مطالب الشعب وتضحياته وثباته في نضاله السلمي من أجل استعادة استقلاله وحريته.