نفي الآخر
آنس القاضي
النازية.. الفاشية.. الصهيونية.. الشعوبية، كلها إفرازات لفكرة واحدة (نفي الآخر)، وكلها تعصب لفكرة(أنا المُطلق الكامل)، الأرقى. نفي اللون الآخر، الجنس الآخر، الدين الآخر، العرق الآخر، السلالة الأخرى، السياسة الأخرى، العقيدة الأخرى، الثقافة الأُخرى...الخ تتعدد التجارب وتتطور لتثبت نفس الفكرة (أنا ولا شيء آخر).
ولكن ألم يُفكر هذا (المُطلق) أنه أيضاً يُعتبر الآخر من منظور الآخرين وأنه حين ينفي وجود الآخر ينفي وجوده أيضاً، في جوهر النفي (أنا) التي لا تقبل شيئاً بجانبها وقد استمرت هذه الأنا في ابتداع التجارب على مر التاريخ لتستحوذ على كل شيء واستعملت كل ما يُمكن استعماله لخدمه شهوتها من مادية السلاح إلى معنوية الخُرافات والأساطير حتى الوصول إلى(احتكار الله)، ويظل الدين أكثر هذه الأدوات طواعية، شيئاً فضفاضاً/ مائعاً /حمال أوجه/ هو الأنسب ليُشهر في الوجه الآخر وكل مرة بحيلة جديدة، لا تختلف فكرة(شعب الله المُختار) عن فكرة(الإسلام هو الحل)،و(حاكمية الله).
ماذا يعني إعادة هيئه عُلماءالزنداني تكفير الجنوبيين ممن يرفعون شِعار حق تقرير المصير،هذا مع رفض الاعتذار عن الفتوى الأولى لإعلان الحرب على الجنوب؟
ماذا يعني أن يدعو خطيب الجامع اليوم: اللهم دمر الاشتراكيين ومن شاركهم؟! ألم يقتنعوا بعد برؤية الحزب التي تنص على أن الشرعية الإسلامية مصدر جميع التشريعات، حتى وإن تمترس خلف ماركس أليس من حقهِ أن يكون مادياً؟
ماذا يعني أن تُكفر الطالبة والناشطة الاشتراكية سالي أديب في كليه الحقوق تعز، ونائب العميد د.منصورالواسعي، من قبل دكتور رجعي وطلاب بعقليته، لأنها نسقت لفعالية عن الدستور وتحدثت عن حق المرأة في المشاركة السياسية وعن النصوص التشريعية التي تميز بينها وبين الذكر.
ماذا يعني أن يتم تكفير وإقصاء الأكاديمي في جامعة البيضاء الشاعر والكاتب /أحمد الطرس العرامي لأنه تحدث عن النصوص (الأيروسية) في رواية "حُرمة"،(الأيروسية) لون وفن أدبي قائم بحد ذاته في الكتابات الأدبية، فهل يحتاج إلى إذن وفتوى شرعية وهل يُعقل أن يصل الكبت الجنسي حتى إلى الكُتب؟
وماذا يعني منع وطرد "أنصار الله" من المشاركة في معرض الكتاب تعز، معرض 99%من كُتبه الدينية(سُنية) ألم يتسع لقبول الآخر (الزيدي)، هل الطائفية أن يشارك الشيعي في معرض الكتاب أم أن يمنعه السُني من ذلك ؟ إن إلغاء الآخر يتخذ أشكالاً أكثر وحشية ورعونة ويمتد كهوة خرافية تبتلع كل شيء.
