شركة عدن للأمن والسلامة

  

مقالات
علي البخيتي

عن المادة الثالثة في الدستور اليمني

السبت 04 مايو 2013 08:07 مساءً

بحسب اعتقادي فإنه لا معنى للمادة الثالثة من الدستور اليمني والتي تنص على : " الشريعة الاسلامية مصدر جميع التشريعات " في ضل وجود المادة الرابعة من نفس الدستور والتي تنص على : " الشعب مالك السلطة ومصدرها ويمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء و الانتخابات العامة كما يزاولها بطريقه غير مباشرة عن طريق الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية وعن طريق المجالس المحلية المنتخبة ".

المادة الرابعة تفرغ الثالثة من مضمونها, وتجعل من الشعب – وليس الشريعة – هو مالك ومصدر السلطة ومن له حق التشريع عبر نوابه في البرلمان, والكثير من التشريعات الصادرة عن البرلمان لا تتوافق مع الشريعة الاسلامية.

قال لي أحد السياسيين أن الشيخ عبدالمجيد الزنداني بعد تعيينه عضواً في مجلس الرئاسة اقترح على الرئيس السابق صالح ونائبه وقتها علي سالم البيض أن يتم تعديل المادة الخاصة بمصدر التشريع لتصبح " الشريعة الاسلامية المصدر الوحيد للتشريع ", لكنه واجه معارضة قوية, خاصة من البيض, فقال لهم الشيخ الزنداني في نفس الاجتماع اكتبوها في الدستور وليس بالضرورة تطبيقها, لكن لأجل قوعدنا التي تضغط علينا, رفضت الفكرة وقتها, لكن بعد حرب 94م كافئ الرئيس السابق صالح السلفيين والاخوان بتعديل الدستور لينص على تلك المادة, حتى ترضى قواعدهم عن ذلك الانجاز الوهمي.

بغض النظر عن مدى صحة تلك الرواية من عدمه - مع ان من رواها من الثقات - لكن واقع الحال أثبت أن ذلك ما حصل, فقد تم اعتماد المادة نصاً فقط بينما الكثير من القوانين تتناقض معها, ومنها قانون البنوك الذي يُشرعن للربا, وكذلك طريقة اختيار الحاكم عبر الانتخابات والديمقراطية وغيرها من المسميات الحديثة التي لا تعتبر منتج اسلامي ولم تكن الشريعة مصدرها, وتتناقض في آلياتها مع ما تطرحه كل المدارس الفقهية الاسلامية.

لذلك نحن بحاجة الى ان يكون دستورنا متوافق مع قوانيننا, وان لا تناقض المادة الثالثة المادة الرابعة من نفس الدستور, وبشكل فاضح, يلاحظه المواطن البسيط فما بالنا بالمختصين, فإما ان نتمكن من تطبيق النموذج الاسلامي بمصداقية ومنها ما يخص الجانب الاقتصادي الذي يجب أن يؤسس على النظرية الاسلامية ونلغي كل التعاملات الربوية, ونعود الى استخدام الية اختيار الحاكم عبر اهل الحل والعقد او تحت أي نظرية فقهية معتبرة, واما ان نترك النموذج الاسلامي دون تشويه حتى يأتي الوقت المناسب لتطبيقه.

ومن هنا فأنا اعتقد اننا امام حلين, اما ان تكون المادة بهذه الصيغة " الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع " أو يتم الغاء المادة من الأصل ونكتفي بالمادة الرابعة السابق ذكرها فقد حسمت أمر من هو صاحب السلطة ومصدرها ومن له حق التشريع فيها, وبقاء المادة كما هي يجعل الكثير من القوانين الصادرة التي قد تزعج " الحاكم " عرضة للإلغاء بحجة عدم دستوريتها.

 

نقلا عن الاولى