حول رؤية حزب الرشاد فيما يتعلق بالقضية الجنوبية
قرأت الرؤية التي قدمها حزب الرشاد لمؤتمر الحوار حول القضية الجنوبية, ولي عليه عدة ملاحظات تكشف عن مراهقة هذا الحزب الناشئ:
أولا: ما سماه حزب الرشاد ليس برؤية, وإنما هو سرد مزور لحقبة زمنة من التاريخ, وهذا كاف لنسف هذه الرؤية – كما سموها –
وقد ذهب الرشاديون يسوقون أحداثا تاريخية مشوهة, وكأن النظام السياسي في اليمن لا يعلمها, وانفردوا هم بعلمهم اللدني, بذكر وقائع لا علاقة لها بالقضية الجنوبية لا من قريب ولا بعيد, ولا هي جذور القضية ولا فروعها ولا غصونها, ولو أنصف هؤلاء المراهقون لعلموا أن جذور القضية الجنوبية هو حرب الاحتلال في عام 1994م.
ثانيا: محاولة الحزب إثبات أن اليمن دولة واحدة وإن التشطير دخيل بسبب الاستعمار البريطاني, وهذا كذب على التاريخ, فاليمن لم يكن في يوم من الأيام دولة واحدة, لا قبل الاستعمار البريطاني ولا بعده, وإنما كانت هناك دويلات تضيق وتتسع بين الحين والآخر.
ثالثا: تعرضت الرؤية –كما سوها – للصراع الذي دار بين الجبهة القومية وجبهة التحرير, والسيناريو الذي ساقه حزب الرشاد سيناريو مشوه ومزوز, فجبهة التحرير لم تكن جبهة وطنية تعبر عن نبض الشارع الجنوبي كما هو حال الجبهة القومية التي اتلف حولها الجماهير, وإنما كانت جبهة التحرير تابعة لحركة القوميين العرب, وهذا كاف لرفضها.
رابعا: دعوى أن بريطانيا سلمت الراية للحزب الماركسي – كما سماه- بالاتفاق مع الاتحاد السوفيتي, هذا أيضا من الكذب على التاريخ, ومن الجهل بالصراع المحموم الذي كان بين المعكسر الشرقي والغربي الاشتراكي والرأسمالي.
خامسا: دعوى أن الاتحاد السوفيتي حمل الجنوب مليارات الدولارات وأن هذه المليارات الدولارات تحملها دولة الوحدة, وهذا والله قمة السخافة والكذب, وكان بودنا أن يذكر هذا الحزب الغواص في بحار السياسة تقريرا يكشف عن هذه المليارات وكيف تحملتها دولة الوحدة.
وللأسف هؤلاء المراهقون السياسيون يريدون التستر على دولة الوحدة التي نهبت البر والبحر في الجنوب وامتصت كل خيرات الدولة الجنوبية التي كانت تتمتع بعملة من أقوى العملات في الوطن العربي, ثم يأتون اليوم بهذه السذاجات التي تكشف عن حجمهم الحقيقي.
سادسا: تطرقت الرؤية- كما سموها – إلى التدهور الاقتصادي الذي لحق بالجنوب خلال حكم الحزب الاشتراكي, وهو أيضا نوع من التزييف والكذب, وأي تدهور اقتصادي في بلد يملك عملة من أقوى العملات في العالم العربي.؟!!
وقد كشفت التقارير اليوم بأن الجنوب كانت قبل الوحدة تنعم بما يزيد عن عشرين مصنعا محليا, وقد كانت هناك مئات من المؤسسات الحكومية التي تديرها الحكومية بعدل لا نظير له ولا يحلم بها اليمنيون اليوم.
سابعا: أشارت الرؤية- كما سموها – إلى أن هناك مقامة شعبية من قبل الجنوبيين للحزب الاشتراكي وأن هناك قطيعة بيت الشعب والنظام, وهم يريدون بهذا أن يصور بأن الجنوبيين لم يكونوا راضين للحزب الاشتراكي, وهذا أيضا من الكذب.
ثامنا: تحدثوا عن اقصاء الدين وفصل الدين عن الدولة, وعندما تقرأ هذه الفقرة يتخيل إليك أن الجماعة في الشمال كانوا يعيشون تحت ظل الخلافة الراشدة, ونسي الرشاديون أنهم إلى اليوم يعيشون تحت حكم علماني رأسمالي يكفر بلحاهم.
تاسعا: أشار الرشاديون إلى أن الحزب الاشتراكي شرع أحكاما للأسرة تخالف الإسلام, وكذبوا والله, فإن دستور الحزب الاشتراكي كان ينص على أن الإسلام هو الديني الرسمي للدولة, وبناء على الدستور يتم التشريع.
عاشرا: وأشار الرشاديون إلى انتهاك الحقوق والحريات التي كان يقوم بها الحزب الاشتراكي, وإلى القتل والسحل الذي عانى منه الجنوبيون, ونسي الرشاديون أن الجنوبيين عانوا في ظل دولة الوحدة من أشد أنواع القتل والسحل والتعذيب ومصادرة الحريات, وقتلت الآلية العسكرية في حكومة الوحدة آلاف الجنوبيين, مع ما تم من عمليات نهب لا مثيل لها في تاريخ اليمن, وكله باسم الوحدة وباسم الدين, طبعا هذه الجرائم التي قام بها الشماليون لم يشر إليه الرشاديون وليست في حسبانهم, ولهذا ذهبوا ينبشون في أعماق التاريخ بتكايس أحمق يكشف مدى سفههم.
الحادي عشر: أشار الرشاديون إلى أن الحزب استبد وانفرد بقرار الوحدة, ثم ذكروا في نفس الفقرة أن الشعب بارك الوحدة, فكيف يكون إذا استبداد بالقرار وهو قرار يعبر عن إرادة الشعب؟!! ولو أن الحزب دخل في وحدة لا يريدها الشعب لقلنا حينها حقا إنه قرار استبدادي, أما قرار يريده الشعب وفرح به, فأي استبدد هذا.. أليس هذا مضحكا.!
الثاني عشر: أشار الرشاديون إلى أطماع الحزب الاشتراكي وأنه ما دخل الوحدة إلا لنبية التوسع في الشمال, وهذا أيضا كذب, وأتحدى الرشاديين أن يأتوا ببرهان واحد على هذه الأكاذيب.
الثالث عشر: أنكر الرشاديون فتاوى التكفير التي تباها الديلمي والزنداني, وهذا ليس مستغربا, فمن كذب مرة لا يبعد أن يكذب عشرا, وقد استهل الرشاديون رؤيتهم بالكذب كما بينته, وفتاوى القتل والتكفير للشعب الجنوبي موجودة ومسجلة ورد عليها كبار علماء المسلمين بمن فيهم الشيخ محمد الغزالي والشيخ جاد الحق.
وبعد سرد طويل ومملل لوقائع تاريخية مزورة جاء حزب الرشاد بحلوله السحرية التي قدَّم لها بشرح الجذور التريخية, وكان الأولى بحزب الرشاد أن يبدأ من عصر أبينا آدم فهناك الجذور الحقيقية للقضية الجنوبية ثم عصر نوح عليه السلام, ثم عصر قوم عاد والعماليق والعرب الأوائل جرهم وقحطان وهكذا إلى عام 2007م
شرود غريب أصيب به الرشاديون, فما علاقة كل ذلك السرد الممل بحل القضية الجنوبية؟!
وأين هو الربط بين تلك الجذور التي أطالوا بها وبين حلوله السحرية؟!
صدقوني .. ما كان ينبغي لكم أن تحرجوا أنفسكم وتكشفوا عن هذا الغباء السياسي الخارق.
خاص عدن اليوم