تكفير الشيخ الديلمي لأبناء الجنوب وإعلان الجهاد ضدهم
يحاول كثير من الإصلاحيين إنكار فتوى الديلمي التي كفر فيها الجنوبيين وحرض على قتالهم, وقد حاول الشيخ الديلمي أن يتملص من هذه الفتوى حينا وحينا آخر أنكرها, لكنه في تسجيل صوتي على اليوتيوب اعترف بها على هذا الرابط http://www.youtube.com/watch?v=uvMsbxu6Ewc
وهذه الفتوى هي الأخرى مسجلة بصوته وموجود في موقع اليوتيوب على هذا الرابط http://www.youtube.com/watch?v=vQmobxdPvus
وسأنقل لكم نص الفتوى بالحرف الواحد لنقرأها ونتأمل فيها, ونرى هل فعلا كفَّر الديلمي الجنوبيين واستحل دماءهم أم لا.
نص الفتوى
(إننا نعلم جميعاً ان الحزب او البغاة في الحزب الاشتراكي المتمردين, هؤلاء لو أحصينا عددهم لوجدنا أن أعداهم بسيطة ومحدودة ولو لم يكن لهم من الأنصار والأعوان من يقف إلى جانبهم , ما استطاعوا أن يفعلوا ما فعلوه في تاريخهم الأسود طيال خمسة وعشرين عاماً , وكل الناس يعرفون في داخل المحافظات الجنوبية وغيرها أنهم أعلنوا الردة والإلحاد والبغي والفساد والظلم بكل أنواعه وصنوفه , ولو كان هؤلاء الذين هم على رأس الفتنة لم يكن لهم من الأعوان والأنصار ما استطاعوا أن يفرضوا الإلحاد على أحد , ولا أن يؤمموا الأموال , ولا أن يعلنوا الفساد ولا أن يستبيحوا المحرمات , ولكن فعلوا ما فعلوه بأدوات , هذه الأدوات هم هؤلاء الذين نسميهم اليوم بالمسلمين , هؤلاء هم الجيش الذي أعطى ولاءه لهذه الفئة فأخذ ينفذ كل ما تريد هذه الفئة , فيقتل ويشرد وينتهك الأعراض ويعلن الفساد ويفعل كل هذه الأفاعيل , وهنا لا بد من البيان والإيضاح في حكم الشرع في هذا الأمر , أجمع العلماء أنه عند القتال بل إذا تقاتل المسلمين وغير المسلمين فإنه إذا تمترس أعداء الإسلام بطائفة من المسلمين المستضعفين فإنه يجوز للمسلمين قتل هؤلاء المُتمترس بهم مع أنهم مغلوب على أمرهم وهم مستضعفون من النساء والضعفاء والشيوخ والأطفال , ولكن إذا لم تقتلهم سيتمكن العدو من اقتحام ديارنا وقتل أكثر منهم من المسلمين ويستبيح دولة الإسلام وينتهك الأعراض , إذاً فقتلهم مفسدة أصغر من المفسدة التي تترتب على تغلب العدو علينا , فإذا كان اجماع المسلمين يجيز قتل هؤلاء المستضعفين الذين لا يقاتلون فكيف بمن يقف ويقاتل ويحمل السلاح هذا أولاً , الأمر الثاني الذين يقاتلون في صف هؤلاء المرتدين يريدون أن تعلوا شوكة الكفر وأن تنخفض شوكة الإسلام وعلى هذا فإنه يقول العلماء من كان يفرح في نفسه في علوا شوكة الكفر وانخفاض شوكة الإسلام فهو منافق , أما إذا أعلن ذلك وأظهره فهو مرتد أيضاً)
قراءة الفتوى:
1ـ الفتوى من أول كلمة فيها يظهر الانحياز الحزبي والإقصائي حيث اعتبر الحزب الاشتراكي بغاة ومتمردين, ومعلوم أن الحزب الاشتراكي كان شريكا في الوحدة وشريكا في الحكم, وتمَّ الغدر به وبقياداته, فهو الضحية, والبغاة هم الذين أعملوا آلة القتل والتصفيات الجسدية.
2ـ قوله(هؤلاء لو أحصينا عددهم لوجدنا أن أعداهم بسيطة ومحدودة ولو لم يكن لهم من الأنصار والأعوان من يقف إلى جانبهم , ما استطاعوا أن يفعلوا ما فعلوه في تاريخهم الأسود طيال خمسة وعشرين عاماً)
وهذه الفقرة صريحة في أن الفتوى لا تختص بمقاتلة الحزب الاشتراكي الذي كفروه تلك الأيام وتحالفوا معه اليوم, وإنما تشمل كل من تعاون معه أو أيده أو وقف إلى جانبه كما هو صريح العبارة.
ومعلوم أن الغالبية العظمى من الجنوبيين كانت مؤيدة للحزب الاشتراكي بدليل الانتخابات النيابية التي أُجريت عام 1993م حيث اختارت الغالبية الساحقة من أبناء الجنوب الحزب الاشتراكي.
إذن فالذين كانوا يقفون بجانب الحزب الاشتراكي ويؤيدونه هم الغالبية العظمى من الشعب وتشملهم فتوى الديلمي كما نص عليه بصريح العبارة.
3ـ قوله: (وكل الناس يعرفون في داخل المحافظات الجنوبية وغيرها أنهم أعلنوا الردة والإلحاد والبغي والفساد والظلم بكل أنواعه وصنوفه)
وهذا من التجاوز وإلقاء الكلام على عواهنه, بل من الكذب على الجنوبيين وعلى الحزب الاشتراكي, وأوضح دليل على كذبه أن الجنوبيين الذين يدعي أنهم جميعاً يعرفون كفر الحزب وإلحاده وفساده انتخبوا الحزب وظلوا متمسكين به إلى حرب الاحتلال عام1994م.
- ثم دعوى أن الحزب أعلن الردة والإلحاد, من الكذب الفاضح, وأتحدى الديلمي وغير الديلمي أن يأتوا بإعلان واحد للإلحاد والردة.
والواقع خير دليل يكشف هذه الكذبة الدموية, فقد أعلن دستور الحزب الاشتراكي من أول بأن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة, وكانت مآذن المساجد تصدح بالأذان والتكبير والدعوة إلى ذكر الله وإلى الصلاة, وكانت الجمع والجماعات قائمة في بيوت الله التي تنفق عليها الدولة وتكافئ أئمتها وخطبائها, وكان التلفزيون الرسمي يفتتح بثه بتلاوة آيات من القرآن الكريم, وكانت شعارات الحزب وطوابعه البريدية تحتوي على كثير من الآيات القرآنية.
كل هذا إعلان لإسلامية الدولة, فأين هو الإلحاد والردة الذين أعلنهما الحزب.؟!
وإذا كان البعض قد يشتبه عليه الأمر بسبب بعض النزعات الإلحادية التي كانت توجد في بعض المنتسبين للحزب الاشتراكي فإن هذا لا يعبر عن توجه الحزب, وإنما يعبر عن الشخص نفسه, أما الحزب فيعبر عنه دستوره الذي ينص بصراحة على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة وما ذكرته آنفاً.
وتلك النزعات الإلحادية موجودة على اليوم في صنعاء, فكم قرأنا وسمعنا لملحدين يعلنون الكفر والردة في صنعاء بكل وقاحة إلى يومنا هذا من دون أن يجرأ أحد على مسهم بشيء.
- وإذا كان البعض يظن أن الحزب الاشتراكي كافر لشيوعيته فإن المؤتمر (حليف الإصلاح)هو الآخر كافر لرأسماليته, ولا أظن أن أحمق يدعي أن الاشتراكية كفر والرأسمالية ليست بكفر.!
ثم إن الاشتراكية في فلسفتها ليست كفراً, ولا علاقة له بالإلحاد, وإنما هي نظام اقتصادي يهدف إلى المساواة في توزيع الثروة, وقد قرر هذا ودافع عنه المفكر الإسلامي الكبير مصطفي السباعي في كتابه(اشتراكية الإسلام) الذي طبع مؤخراً بعنوان(التكافل الاجتماعي في الإسلام), والحزب الاشتراكي اختار الشيوعية كنظام اقتصادي, لا كنظام عقدي بدليل أن دستوره ينص على ان الإسلام هو دين الدولة, كما أن المؤتمر اختار الرأسمالية كنظام اقتصادي.
- وأما ما سماه(والفساد والظلم بكل أنواعه وصنوفه) فهذا من الكذب القبيح أيضاً فإن الفساد والظلم والمحسوبية ومصادرة الأموال والنهب والسرقة والسطو على المال العم والرشوة وبيع وشراء الذمم لم يكن له في الجنوب أثر قبل عام 1990م, وكل مظاهر الفساد هذه دخيلة علينا وبضاعة وردت على بلادنا من وراء الحدود الجنوبية.
في عهد الحزب الذي تكفرونه كان هناك نظام ومساواة وقانون كحد السيف يطبق على الرئيس وابن الرئيس قبل أن يطبق على المواطن العادي, ونحن الجنوبيين نعلم هذا جيداً, ونعرف كثيراً من الوقائع في هذا.
4ـ ثم عاد الديلمي مرة أخرى إلى تكفير مؤيدي الحزب الاشتراكي وهم عامة الجنوبيين, فقال: (ولو كان هؤلاء الذين هم على رأس الفتنة لم يكن لهم من الأعوان والأنصار ما استطاعوا أن يفرضوا الإلحاد على أحد , ولا أن يؤمموا الأموال , ولا أن يعلنوا الفساد ولا أن يستبيحوا المحرمات)
5ـ ثم نص بصريح العبارة على تكفير الجيش الجنوبي- طبعاً وكل مؤيدي الحزب كما نص عليه سابقاً- فقال: (ولكن فعلوا ما فعلوه بأدوات , هذه الأدوات هم هؤلاء الذين نسميهم اليوم بالمسلمين , هؤلاء هم الجيش الذي أعطى ولاءه لهذه الفئة)
إذن فالجيش الجنوبي بنص الفتوى كافر حلال الدم, ولو أننا فرضنا أن الفتوى هذا لا يراد بها إلا الجيش فإن الجيش الجنوبي كان يضم مئات الآلاف من أبناء الجنوب, وكان وراء مئات الآلاف هذه مئات الآلاف مؤيدة ومناصرة لذلك الجيش العظيم, وهؤلاء- بالطبع - كفار لأنهم مؤيدون وموالون للجيش الذي كفره الديلمي.!
إذن في هذه الفقرة تكفير للحزب الاشتراكي وتكفير للجيش الجنوبي.
وفي الفقرة الأولى تكفير لكل من أيد أو وقف بجانب الحزب الاشتراكي وهم بقية الشعب, إذن فالخلاصة أن الشعب الجنوبي كافر, ولهذا نقولها بالفم المليان: إن الديلمي كفَّر الشعب الجنوبي.
6ـ ثم شرع الديلمي يؤصل لقتل الجنوبيين فقال, فأشار إلى مسألة التترس وهي مسألة مشهورة في الفقه الإسلامي.
وفي الفتوى ما يدل على أن الديلمي ليس على دراية تامة بهذه المسألة حيث زعم أن هذه المسألة محل إجماع فقال: (أجمع العلماء أنه عند القتال بل إذا تقاتل المسلمين وغير المسلمين فإنه إذا تمترس أعداء الإسلام بطائفة من المسلمين المستضعفين فإنه يجوز للمسلمين قتل هؤلاء المُتمترس بهم)
وهذا غلط, بل الفقهاء مختلفون ولهم وجهات نظر متعددة في هذه المسألة, وهذا وهم يدل على قصر الشيخ في معرفة كلام الفقهاء, ومن كان كذلك لا يجوز له أن يفتي بحل دماء المسلمين.
وبتنزيل هذه المسألة وهي قتل المتمترس بهم يعني أنه يجوز قتل كل الجنوبيين الذين في عدن وحضرموت وغيرها من المحافظات حيث تتواجد الوحدات والألوية العسكرية لأن قتل الجيش واجب لكفره ومعسكرات الجيش يوجد كثير منها في المدن والأماكن المأهولة, وهؤلاء يجوز قتلهم جميعاً لأن الجيش الجنوبي الكافر تمترس بهم.!
7ـ ثم إن الفتوى فيها تضارب وتناقض عجيب, حيث علل الديلمي جواز قتل المتمترس بهم بأنه لولم يتم قتلهم لاستباح الجيش الجنوبي الكافر ديار المسلمين فقال: (إذا لم تقتلهم سيتمكن العدو من اقتحام ديارنا وقتل أكثر منهم من المسلمين ويستبيح دولة الإسلام وينتهك الأعراض)
وعندما تقرأ هذه الفقرة يظن القارئ أن الجيش الجنوبي هو الذي شن الحرب على الشمال وأراد أن يغزو دولة الإسلام – كما سماها لأن دولة الجنوب دولة كافر-
وهذا بدوره ينسف الفتوى من أصلها لأن الجيش الجنوبي لم يزحف إليكم ولم يرد استباحة دولتكم وإنما كان يدافع عن أرضه وترابه, وأنتم الذين غدرتم به في عمران وذمار وزحفتم بجحافلكم العسكرية والقبلية والدينية لاحتلال الجنوب ..!
8ـ ثم عاد الديلمي فقال: (فإذا كان إجماع المسلمين يجيز قتل هؤلاء المستضعفين الذين لا يقاتلون فكيف بمن يقف ويقاتل ويحمل السلاح هذا أولاً)
وقد علمت أن الفقهاء لم يجمعوا على مسألة التترس, وهذا يؤكد أن التصور الفقهي لم يكن منضبطاً عند الديلمي.
9ـ ثم ختم الديلمي الفتوى بقول(الأمر الثاني الذين يقاتلون في صف هؤلاء المرتدين يريدون أن تعلوا شوكة الكفر وأن تنخفض شوكة الإسلام, وعلى هذا فإنه يقول العلماء من كان يفرح في نفسه في علوا شوكة الكفر وانخفاض شوكة الإسلام فهو منافق , أما إذا أعلن ذلك وأظهره فهو مرتد أيضاً)
وهنا يصرح الديلمي بأن جميع أعضاء الحزب الاشتراكي مرتدون, طبعاً وكل من أيدهم أو وقف بجانبهم كما سبق, وأيضاً الجيش الجنوبي كما مضى. فكل هؤلاء مرتدون كما هو نص الفتوى.
ولنا هنا أن نسأل الديلمي من أين لك أن هؤلاء يريدون أن تعلو شوكة الكفر وتنخفض شوكة الإسلام, فهل اطلعت على نياتهم وما يدور في قلوبهم وعقلوهم.
وإذا كان هؤلاء في الأصل كفار ومرتدون لماذا قبلتم الوحدة معهم, وكيف سمحت لنفسك أن تكون وزيراً للعدل في دولة كان هؤلاء الكفار شركاء في حكمها.!
والفتوى واضحة في أن قتال الجيش الجنوبي والحزب الاشتراكي الذي يمثل الجنوبيين إنما هو لردتهم.
والسؤال: متى ارتدوا؟ .. هل ارتدوا عام 1994م حين دعوتم للجهاد المقدس, أم أن الحزب كان مرتداً من قبل عام1990م.
فإذا كانت ردة الحزب حصلت عام 1994م فبماذا ارتدوا وإلى ماذا استندتم في الحكم عليهم بالكفر والردة؟!
وإذا كان الحزب الاشتراكي وجيش الجنوب وكل من أيده او وقف بجانبه كفاراً من قبل عام 90م فيعود السؤال كيف قبلتم الوحدة مع الكفار, ولماذا لم تظهر فتوى التكفير والردة هذا إلا عندما قمتم بشن الحرب على الجنوب..؟!!
والجواب معروف لدينا جداً ..
إذن خلاصة الفتوى هذا أن الحزب الاشتراكي الذي كان يضم ما لا يحصى من الجنوبيين كافر .. وكل من كان مؤيداً للحزب الاشتراكي أو وقف بجانبه طيلة حكمه – قبل الوحدة –وهم كافة الجنوبيين كفار .. والجيش الجنوبي عن بكرة أبيه كافر ..
وخلاصة الخلاصة أن الجنوبيين كفار.
هذه هي حقيقة الفتوى وإن تنصل منها الديلمي, والفتاوى لا تُقرأ بحسب مراد قائلها ونيته, لأن الخلق لا يعلمون ما في الصدور وإنما تُقرأ الفتوى بآثارها ودلالات ألفاظها.
(كتبه/عادل الشعيبي/ ليلة 27/ إبريل 2013م ذكرى احتلال الجنوب)