هادي ومحمد علي أحمد والحكومة الجديدة
تحتاج بعض الحكومات الى ترقيع اذا كان الفساد محدود أشخاصاً وممارسات, لكن اشكالية الحكومة اليمنية ليست في بعض وزراءها بل في الحكومة نفسها, فأغلب الوزراء معروفين بفسادهم إن لم يكن جميعهم اذا ما أضفنا البقية بسبب سكوتهم عن ما ترتكبه الحكومة مجتمعة في قراراتها من فساد, وبالتالي فنحن بحاجة الى ترقيع أغلب الوزراء الفاسدين, وترقيع بقية الوزراء الصامتين.
اذا كان اطار السيارة نوع "تيوب لس" يكلف ترقيعه 700 ريال, فكم سيكلف ترقيع الوزير العادي, اما الوزير نوع " وزير لس" اي بدون حياء, فلا أعتقد أنه يوجد رقعة على مقاسه, هذا اذا افترضنا أن مشكلتنا في الإطارات لكن اذا كانت مشكلتنا في السيارة نفسها فلا فائدة من ترقيع الاطارات, كذلك بالنسبة للحكومة, فمشكلتنا معها أي مع مكوناتها السياسية خصوصاً التقليدية منها وليس مع وزراءها.
نشرت الكثير من المواقع والصحف أن هناك تعديلاً وزارياً محدوداً سيشمل رئيس الوزراء الذي لا يتمسك بمنصبه, ومع ان ذلك سيظهر للرأي العام على اساس أنه خطوة نحو الاصلاحات التي تتطلبها المرحلة الحالية الذي ينعقد فيها الحوار الوطني, لكن الواقع غير ذلك تماماً, فالإشكالية في الحكومة ليست في أشخاص الوزراء إنما في فهم التيارات السياسية التي يمثلونها للمرحلة الانتقالية التي يعتبرونها فرصة ذهبية لتغيير المعادلة على الأرض, مستغلين انشغال القوى الجيدة بالحوار, الذي لن ينتهي الا وقد أجهزت مراكز القوى التقليدية التي ركبت موجة الثورة على الأخضر واليابس وغيرت الواقع على الأرض, وهذا سيؤهلها لإعادة انتاج نفسها في أقرب انتخابات وبالتالي ستكون هي الجهة التي يُناط بها تنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
ومن هنا فلا فائدة من تبديل بعض الأسماء سوى ذر الرماد على العيون لعدة أشهر, في نفس الوقت الذي تستمر الممارسات , فالوزراء الجدد سينفذون توجيهات الجهات التي استبدلتهم.
اذا كانت هناك نية صادقة وعزم لدى الرئيس هادي فلا مجال الا بتغيير المعادلة السياسية المنشئة للحكومة, اما بتشكيل حكومة تكنوقراط, أو حكومة تمثل نفس المكونات الممثلة في مؤتمر الحوار وبنفس النسب, ومن هنا سيتعذر استمرار الفساد بسبب توسعة الحكومة والرقابة الداخلية التي ستنشأ مع دخول تيار الشباب والمرأة ومنظمات المجتمع المدني والقوى السياسية الجديدة التي ستحاول أن تُظهر مدى بعدها عن الفساد الذ تمارسه القوى التقليدية التي نشأ لحمها و واشتد عضمها منه.
يجب على الرئيس هادي أن يلتفت الى الدعوة التي وجهها القيادي الجنوبي محمد علي أحمد لتشكيل حكومة جديدة, تتمكن – حسب قوله - من تطبيق النقاط العشرين ووقف الفساد والهدر الذي تمارسه الحكومة الحالية التي اتهمها أنها تمثل - بشكل أساسي - طرفين سياسيين " في اشارة منه الى الاصلاح والمؤتمر" الذين كانوا شركاء في الحرب على الجنوب عام 94م ونهب ثرواته, وبالتالي فالحكومة الحالية غير مؤهلة لتطبيق النقاط العشرين ومواكبة فعاليات مؤتمر الحوار, وانها غير مؤتمنة على الاشراف على المرحلة الانتقالية الحالية, مشيراً الى أن الحكومة الحالية انتهت منذ 18 / مارس الماضي تاريخ افتتاح مؤتمر الحوار الوطني.
لم تقتصر الدعوة على محمد علي أحمد فقد دعا النائبان الاصلاحيان علي عشال وعبدالرزاق الهجري الى اشراك الحراك وبقية القوى السياسية في حكومة وحدة وطنية موسعة تضم كل الأفرقاء لتتمكن من تحمل المسؤولية في المرحلة الحالية.
فهل سيتحرك الرئيس قبل فوات الأوان؟
نقلا عن صحيفة الاولى