في أربعينية الراحل العزيز وجدي الشعبي
أربعون يوما تفصلنا عن رحيلك الدامي أيها الصديق الصدوق وجدي،
أربعون نهارا بالغة البؤس و أربعون ليلة كالحة السواد،
كلها تقف بيننا و بين الفجيعة المؤلمة التي اختطفتك غدرا و غيلة من بين أبنائك و أسرتك،
في لحظة حومت فيها شياطين القتل من كل حدب و صوب،
كانت أكبر من أن تجاريها بكل ما أوتيت من صدق و نقاء و وضوح،
كانت رصاص الغدر أسرع إلى قلبك النقي وجسدك النحيل،
و كانت روحك أكثر سرعة في الرحيل إلى بارئها، و كأنها ضاقت بما حولها من غدر يحيط بالمكان و شر يترصد الكل و مكر يتربص بالجميع،
رحلت سريعا يا صديقي، و كانت فجيعتنا بالخبر/ الفاجعة،
كيف حدث هذا؟ و متى؟ و من؟
كلها أسئلة تتوارد دون إجابة،
و من يتكفل بالإجابة
و ما جدواها ما دمت أنت قد غادرتنا دون أن تمنحنا فرصة التأكد من الخبر أو التأكيد على الرحيل،
حين كانت تأتينا الأخبار كنا في غالب الأحيان نتصل بك لنسألك عنها،
لكن هذا الخبر وحده لم يترك لنا فرصة التواصل معك،
و كيف نتصل بك و انت صرت الخبر؟
كم تذكرنا الأوقات التي جمعتنا و الظروف التي ضمتنا معك،
أخبار كنت أنت مصدرها الوحيد الموثوق، و أخرى كنت أنت الشاهد فيها،
لكن الخبر الأخير كنت أنت عنوانه و محتواه، أنت مضمونه و جوهره،
وجدي أيها الأخ و الصديق،
سامحنا أيها العزيز، لم نستطع أن نؤمن حياتك الغالية من أخطبوط القتل الذي يمد أذرعه هنا و هناك،
و سامحنا مرة أخرى، لأنا ما تصورنا أن يكون رحيلك عنا بهذا الشكل ولا بتلك السرعة،
و من أين لنا أن نعرف؟
أيها الراحل..
نستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه،
و عزاؤنا أن رحمته وسعت كل شيء و أن ما عنده خير و أبقى،
و إنا عجزنا في حياتك عن تحقيق ما كنت تحلم به،
لكنا سنظل نحلم و نشاركك الحلم ذاته،
أيام عشناها معك بحلوها و مرها، و كنت انت أكثرنا صفاء و مودة،
كنت الأكثر صراحة و إخلاصا
كنت أنت الأنبل دوما يا وجدي،
ستبقى لك في القلب ذكرى عزيزة،
و ستظل أشياء كثيرة من حولنا تذكرنا بك، و تقول بلسان الحال:
من هنا مرّ وجدي.. و هذا الأثر،