هل يستطيع مؤتمر الحوار الشامل حل القضية الجنوبية حلا عادلا؟!
تفصلنا ثلاث ايام عن موعد انطلاق مؤتمر الحوار الوطني الشامل في العاصمة صنعاء، وسط تساؤلات يطرحها الكثير حول امكانية خروجه بحلول لمختلف المشكلات والقضايا التاريخية التي تعاني منها بلادنا وعلى راسها القضية الجنوبية خاصة مع رفض كثير من قيادات الفصائل الحراكية المشاركة فيه.
ويرى الجنوبيون ان قضيتهم سياسية بامتياز وانها قضية ارض استبيحت وشعب امتهنت كرامته منذ اجتياح القوات الشرعية في حرب صيف 1994م التي يصفونها بالظالمة خاصة بعد ان رافقتها فتاوي دينية لقيادات اخوانية تبيح دماء الجنوبيين باعتبارهم ملحدين.
وبالرغم من اعلان مكونات جنوبية المشاركة في جلسات المؤتمر الذي يتوقع ان يعقد بعضها في محافظة عدن جنوب البلاد، الا ان المشاركين لم يكن بينهم اي من القيادات الميدانية والشبابية المؤثرة على مجريات الشارع الجنوبي.
ومن ابرز القيادات التي اعلنت مشاركتها في المؤتمر محمد علي احمد واحمد بن فريد الصريمة اللذان يتزعمان المؤتمر الوطني لشعب الجنوب وعبدالله الاصنج الذي يتزعم تيار المستقلين الجنوبيين الى جانب شخصيات اعتبارية واجتماعية مستقلة.
ويتسال الشارع الجنوبي ما اذا كان هذا المؤتمر باستطاعته حل قضيته التي اشبعت بدماء القتلى والجرحى الذين سقطوا خلال مسيرة الحركة التحررية الجنوبية التي يطلق عليها الحراك الجنوبي السلمي والذي انطلق في السابع من يوليو عام 2007م للمطالبة بتسوية اوضاع المسرحين قسرا من مدنيين وعسكريين وامنيين، غير ان تلك المطالب تصاعدت بعد تجاهل السلطات المعنية وباتت الان تطالب بالاستقلال واستعادة دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي اندمجت مع الجمهورية العربية اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م معلنين بذلك قيام الجمهورية اليمنية.
ويرى المواطن خالد ناصر عبدالله ان القضية الجنوبية استفحلت واصبح من الصعب حلها دون الرضوخ لمطالب شعب الجنوب بايجاد ارضية لعقد حوار شمالي جنوبي ندي .. لافتا الى ان هذا المؤتمر قد لا يمثل الحل الانسب للقضية الجنوبية خاصة مع غياب اكثر من نصف قيادات وفصائل الحراك الجنوبي.
واشار خالد الى ان النظام كان امام فرصة تاريخية لاحتواء القضية الجنوبية عند عملية الانتقال السلمي للسلطة ولكنه فرط بها بانشغاله بقضايا الشمال واعتبار القضية الجنوبية قضية هامشية .. معبرا عن امله في ان يخرج هذا المؤتمر بمبادرة لحل القضية الجنوبية.
وبذل المجتمع الدولي جهودا مضنية في اقناع القيادات الجنوبية بالمشاركة في مؤتمر الحوار الذي بحسب ما يروه فرصة تاريخية فريدة للخروج بحلول للقضية الجنوبية برضي شعب الجنوب وتحافظ على وحدة اليمن، الا ان هذه الجهود قوبلت بالرفض تارة والاتهامات بالتواطؤ مع نظام صنعاء تارة اخرى، غير ان المجتمع الدولي واصل جهوده التي اختتمت بلقاء جمع القيادات الجنوبية المعارضة في الخارج بالمستشار الخاص بالامين العام للامم المتحدة ومبعوثه الى اليمن جمال بن عمر في الامارات العربية المتحدة والذي عرف بلقاء دبي.
وفي هذا اللقاء وافقت القيادات الجنوبية على الحوار كحل سلمي للقضية الجنوبية غير انها اشترطت ان يكون هذا الحوار ندي بين الشمال والجنوب وبعد الاعتراف باستقلال وحرية الدولة الجنوبية وهو ما اسفر عن اقتراح بعقد لقاء اخر في القاهرة لمناقشة هذا المقترح.
الرئيس عبدربه منصور هادي المنتمي الى محافظة ابين الجنوبية هو الاخر بذل جهود في التواصل مع القيادات في الخارج والداخل لاقناعهم بدخول الحوار الذي يعتبر المخرج الوحيد لكافة مشاكل اليمن السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي اختتمت بزيارة قام بها الى محافظة عدن التقى خلالها بقيادات الحراك النخبة بشكل علني وسري لكن جميعها لم تسفر الى شيء خاصة وانه تأخر في اعلان قائمته التي كان يتمنى ان تشمل القيادات التاريخية للحراك الجنوبي امثال محمد حيدره مسدودس وصالح بن فريد العولقي.
وطالبت القيادات التي اجتمعت بالرئيس هادي في القصر الجمهوري بعدن بتأجيل الحوار على اعتبار ان الاجواء ليست مهيأة له على ان تقوم اللجنة التحضيرية خلال هذه الفترة بالتواصل مع القيادات الميدانية الشبابية للمشاركة، مؤكدين انهم مرهونون بما تراه هذه القيادات المرتبطة بالشارع الجنوبي.
ويرافق يومي 17 و 18 مارس الجاري اي قبل ويوم انطلاق المؤتمر مسيرات مليونية للجنوبيين في ساحة العروض بمديرية خور مكسر تعبيرا عن رفضهم للحوار ولايصال رسالة الى المجتمع الدولي حول راي شعب الجنوب في هذا المؤتمر.
ويتوقع السكان المحليين ان تشهد المحافظة موجة عنف ومواجهات بين انصار الحراك الجنوبي السلمي الذين قرروا الزحف من مختلف المحافظات للمشاركة في هذه المليونية التي تقام على ساحة العروض وقوات الامن والجيش التي تلقت توجيهات من اللجنة الامنية بالمحافظة بمنع اي فعاليات او تجمعات خاصة في هذه الساحة.
واعلنت قوى الثورة الجنوبية ان يوم الثامن عشر من مارس سيكون يوم عصيان مدني شامل سيفرض على مختلف المحافظات الجنوبية كاجراء تصعيدي على انعقاد هذا المؤتمر .. محذرين اي طرف من التحدث باسم شعب الجنوب او القضية الجنوبية.