الزبيدي يكشف لـ صحيفة الاتحاد : اسرار انطلاق المقاومة الجنوبية وحركة حتم والحراك الجنوبي ومسيرته
اكد اللواء عيدروس الزبيدي، محافظ عدن، أن تضحيات شهداء الإمارات الأبطال، ستظل خالدة في وجدان اليمنيين، وتشهد عليها الأجيال المتعاقبة، مثمناً الدعم الإغاثي والإنساني الذي تقوم به الدولة من خلال هيئة الهلال الأحمر الإماراتية والمشاريع التنموية المهمة، والذي أسهمت بشكل مباشر في إنعاش الحياة في المدن والمحافظات اليمنية. وثمّن الزبيدي جهود الإمارات لإعادة الاستقرار إلى اليمن والمواقف والأدوار البطولية لقوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، وجهودها في إنقاذ بلاده من دوامة العنف والتمزق والضياع، لافتاً إلى أن تضحيات جنود الإمارات ونصرتهم لإخوانهم في اليمن ستظل خالدة، وسوف تتوارثها الأجيال على مر العصور.
قال عيدروس الزبيدي في حوار مع «الاتحاد»، خلال زيارته المقر الرئيس للصحيفة في أبوظبي، إن الإمارات قدمت دعماً كبيراً لعدن شمل مختلف الأجهزة الأمنية، بما فيها تأهيل العديد من مراكز الشرطة للقيام بواجبها في حفظ الأمن والاستقرار، كما أنشأت قوات الحزام الأمني الذي كان بمثابة الطوق الأمني للعاصمة، بجانب قوات الشرطة، كما بنت ألوية عسكرية لدعم الخطط المتجددة والمستمرة لتأمين عدن، لافتاً إلى أن الدعم لم يكن عسكرياً فقط، بل أعادت الإمارات بناء وصيانة المدارس والمستشفيات، كما تم نقل الجرحى إلى الخارج لاستكمال علاجهم، وهذا الجميل سيظل محفوراً في ذاكرة الشعب اليمني.
دعم إغاثي وعسكري
وأضاف: عدن كانت بلا مؤسسات، ولم يترك فيها الغزاة الجدد ما يمكن أن يكون نواة لمؤسسة خاصة على المستوى الأمني، ولكم أن تتخيلوا عاصمة مكتظة بالسكان مملوءة بالجماعات الإرهابية، فالفصائل التي قاومت موجودة لا تجد من تسلمه زمام الأمن، والأطراف السياسية لها حساباتها ومصالحها الداخلية والخارجية، كما أن المخلوع وخلفاءه استماتوا لتشوية صورة العاصمة كنموذج للمناطق المحررة من قبل التحالف، وأيضاً الإخوان المسلمين تضاربت مصالحهم معنا، كل هذه الأمور وغيرها استدعت تدخلاً مباشراً من قبل دولة الإمارات لبناء مؤسسات الدولة من الصفر.
وتابع: «بدأت الإمارات بالعمل الأمني، حيث باشرت الحرب على الإرهاب، وبنفس الوقت دربت شباب المقاومة للقيام بالعمل الشرطي والأمني بالعاصمة، وما صاحب ذلك من دعم إغاثي وعسكري، حيث أرسلت الإمارات مساعدة طارئة لإنعاش الكهرباء بعد الحرب مباشرة، وأعادت بناء وصيانة مراكز الشرطة بالعاصمة ودعمتنا بالمعدات اللازمة والأسلحة الحديثة والسيارات، كما أعدت الخطط الأمنية والحربية، وشاركتنا القتال ضد الجماعات الإرهابية والكشف عنها.
حركة «حتم»
وتطرق محافظ عدن إلى بداية الحرب قائلاً: حربنا مع نظام المخلوع علي عبدالله صالح بدأت في صيف عام 1994 تحديدا عندما خانوا الشراكة والوحدة، وقرروا تدمير الجنوب واحتلاله بقوة السلاح، وقد فعلوا ذلك مجتمعين، فالمخلوع والكيان الزيدي«الحوثيون حالياً»، ومعهم الإخوان المسلمون دمروا مؤسسات الدولة في الجنوب، وعطّلوا مصالح الناس، وتقاسموا خيراتنا وحقوقنا من دون وجه حق، كما تم إقصاؤنا من وظائفنا، وحرمنا من أبسط حقوقنا، وبقينا مطلوبين ومطاردين من دون أي سبب يذكر.
كل هذه التصرفات وغيرها، دفعتنا إلى تشكيل حركة «حتم» في سنة 1996 للدفاع عن انفسنا وقضيتنا، وبقينا على هذا الحال لعقد من الزمن في ظل حصار وحرب حتى انطلاقة الحركة السلمية الجنوبية سنة 2007 التي حاولنا من خلالها عرض قضيتنا بطرق سلمية، وقد قوبلت هذه المطالب بالردع واستخدام القوة، واستمر الوضع حتى 2012.
بعد ذلك، بدأنا تشكيل كتائب صغيرة مسلحة بدعم ذاتي ومحلي، تولى تدريبهم ضباط جنوبيون من الذين تم تهميشهم وإقصاؤهم بعد حرب 1994، وكنا نتوقع حدوث حرب، ومداً عسكرياً جديداً تجاهنا، ولكن هذه المرة بصبغة إيرانية، وهذا ما حدث بالفعل.
وبعد سيطرة الحوثيين وقوات المخلوع على مدينة صنعاء، بدأت قواتهم تتحرك جنوباً في ظل سقوط سريع ومريع للمحافظات الشمالية دون مقاومة واضحة، عندها قررنا بدء الحرب، وأطلقنا أول رصاصة في محافظة الضالع لتمتد نار الكفاح والدفاع عن النفس إلى عموم مناطق الجنوب، وخاض الجميع حرباً ضروس، كانت الحرب في البداية على أشدها في الضالع ثم العاصمة عدن، وهكذا كافح الناس وقاتلوا بصمود مهيب حتى جاءت عاصفة الحزم المباركة.
عاصفة الحزم
وتابع الزبيدي، أن عاصفة الحزم كانت بالنسبة لنا كجنوبيين برداً وسلاماً، حيث استطعنا بها أن ننظم أنفسنا بشكل أكبر، وهي المنقذ الذي غير اتجاه عقارب الساعة في اليمن بشماله وجنوبه، وغيرت اتجاهها لصالح المشروع العربي على حساب المشروع الإيراني الذي أراد لنا الشرّ، وبالتالي كان النجاح سريعاً على الرغم من وجود عشرات المعسكرات والألوية العسكرية التابعة للمخلوع وحلفائه، مشيراً إلى أن عاصفة الحزم جاءت في وقتها المناسب، وفي ظروف نحن فيها بأمس الحاجة لوقفة الأشقاء ونصرتهم ضد عدو غاشم، وستبقى عاصفة الحزم نوراً في تاريخنا، وسيتذكرها كل من تسول له نفسه العودة مجدداً إلى مناطقنا.
وأضاف: بمجرد إعلان انطلاقها، تشجع الناس واستبسلوا في القتال وارتفعت معنوياتهم جميعاً، حيث بدأ الدعم المظلي بالأسلحة من قبل طائرات المملكة العربية السعودية، فقاتلنا بهذه الأسلحة في الضالع حتى أصبحت الضالع أول محافظة محررة بالكامل من قوات المخلوع وميليشيات الحوثي، وتابعنا القتال وتوجهنا إلى محافظة لحج والتحمت جبهتنا بجبهات إخواننا من رجال المقاومة الجنوبية في لحج وكان الهدف من ذلك تحرير قاعدة العند الجوية.
ويقول الزبيدي: في ذلك الوقت بدأت القوات المسلحة الإماراتية تتحرك باتجاه عدن حتى انطلقت عمليات السهم الذهبي الذي أدارته القوات المسلحة الإماراتية بكل احترافية، وأدت هذه العمليات إلى تحرير العاصمة عدن، الأمر الذي احتفل به العرب في كل مكان، وكان نصراً تمردت فيه أول عاصمة عربية على إيران لتطعن إيران في خاصرتها، وبذلك قُطعت ذراع إيران في اليمن بسيف إماراتي حاد وبجهود المقاومة الجنوبية في العاصمة عدن.
وتابع«استمر التنسيق والعمل العسكري، وفي غضون ساعات استمر تحرك القوات باتجاه قاعدة العند الجوية التي طالما شكلت رمزاً عسكرياً قوياً، فمن يسيطر عليها يسيطر على المحافظات المجاورة، حيث استسلمت قاعدة العند لأهلها وعادت إلى أحضان العرب بعد سنين طويلة من الاحتلال، وبذلك اصبح لدينا ثلاث محافظات محررة، العاصمة عدن، محافظة لحج، بالإضافة إلى محافظة الضالع.
ومرت هذه المعارك في ظل معارك أخرى لا تقل ضراوة، وذلك في أبين وبيحان وعموم محافظة شبوة، وكان الناس ينتصرون لأنفسهم ويدافعون عن قضيتهم وكرامتهم وأرواحهم وحقهم في العيش الكريم. هذا التحرير والنصر الكبير لم يأت من دون تضحية، فقدنا رجالاً قادوا وشاركوا في هذه الحرب، منهم رجال الجيش الإماراتي الذين استشهد بعضهم في عدن وأطراف أبين والمئات من أفراد المقاومة الجنوبية والقادة، مثل الشهيد علي ناصر هادي وغيره.
ويجب ألا ننسى أن التخطيط العسكري الإماراتي المحكم هو ركن أساسي في نجاح المعارك، وبعد هذا الإنجاز تحركنا إلى العاصمة عدن، حيث كلفت بإدارة العاصمة عدن بعد استشهاد البطل جعفر محمـد سعد محافظ العاصمة عدن من قبل الجماعات الإرهابية التي يستخدمها المخلوع، والتي تم أدلجتها من قبل الجماعات الدينية المتطرفة في اليمن في ديسمبر 2015.
وأضاف: خرجت عدن من حرب لم تشهدها من قبل ومن الطبيعي أن تكون الأوضاع فيها مخيفة ومشوهة، وما زاد هذه الصورة تعقيداً انه بعد انتهاء هذه الحرب بقيت الأطراف السياسية تحتفظ بخلاياها النائمة وبالجماعات الإرهابية المنظمة التي كانت تستخدم من قبل المخلوع وبعض الأطراف الأخرى، حيث وجدنا العاصمة عدن آنذاك مدينة تتقاطبها الجماعات الإرهابية المسلحة، ومن يراها يعتقد أنه لا خلاص، والمهم أننا أدركنا أن العمل الأمني سيكون مكلف جداً ويحتاج إلى خبرة وقوة لا نملكها، وفي ذلك الوقت كانت دولة الإمارات هي الناصر والمعين، وفعلياً اعتمد الجميع عليها وعلى خبرتها في مكافحة الإرهاب والعمل المؤسسي المنظم.
الإنجازات الأمنية
بين الزبيدي أنه يجب علينا أن ندرك أولاً أن الإنجازات الأمنية أمر ضروري بل وأساسي، ولن تكون هناك تنمية واستقرار كامل من دون إنجاز هذا الملف، نحن وبدعم الأشقاء في الإمارات انجزنا شوطاً كبيراً جداً، ونتطلع أن تقوم الحكومة الشرعية بدورها على أكمل وجه، فلا يمكن ترك المناطق المحررة وأولها عدن من دون ميزانيات تشغيلية كاملة، ونتطلع إلى خطط مدروسة تقوم بها الحكومة ليتسنى للمؤسسات المدنية العمل بجانب المؤسسات الأمنية، لأن الجماعات الإرهابية والجماعات المسلحة تجد في المناطق التي تخلو من المؤسسات والعمل المؤسسي مكان مناسب لأنشطتها وأجندتها الإرهابية.
وبجانب ذلك الأمر، نحن بحاجة إلى مزيد من التنسيق الأمني مع الأشقاء في دول التحالف خاصة على مستوى المعلومات، وبحاجة إلى جهاز استخباراتي قوي وغير مخترق، كل هذه الأمور رهن تعاون الجميع، فالعاصمة عدن بحاجة إلى مزيد من التحرك، كما أن الدعم الذي يصل عدن جيد ولكن من غير المعقول أن نستمر في استهلاك هذا الدعم دون إحداث نقلة نوعية مؤسساتية لتعتمد المؤسسات على نفسها، وهذه الأمور تعتبر من اختصاص الحكومة ولكن وبشكل عام عدن تعيش في ظروف تعتبر أفضل من الظروف السابقة خاصة على المستوى الأمني.
دعم الخيارات الشعبية
أشار محافظ عدن إلى أن القضية الجنوبية هي القضية السياسية الأولى في اليمن، وقال «هذه القضية ليست قضية حقوقية ليتم حلها بتعويض المتضررين مثل باقي القضايا الأخرى. ونحن كجنوبيين نقول ونكرر إن دورنا في المحافظات الشمالية هو واجب أخلاقي تحتمه قيمنا النضالية كمقاومة جنوبية استقام بنيانها وخطابها واستراتيجيتها على أساس مقاومة التسلط ودعم الخيارات الشعبية والدفاع عن الأمن القومي العربي، وفيه تأكيد عملي أن تلمسنا للمصلحة الجنوبية لا ينطلق من نظرة انعزالية محدودة، وإنما يتسع ليشمل كامل محيطه الجغرافي واشتراطات الردع الاستباقي، كما أن واجبنا الأخلاقي يحتم علينا الانحياز الدائم إلى جوار إخوتنا وحلفائنا في دول التحالف العربي. وقال«مصالحنا السياسية كجنوبيين تمثل جزءًا أصيلاً من منظومة الأمن القومي العربي، وهذا الموقف يدعم خياراتنا ومطالبنا السياسية، كما أن قضيتنا السياسية ثابتة ولا يستطيع أحد إلغاءها من على المسرح السياسي، وحق تقرير المصير الذي نطالب به كجنوبيين لا يلغي ضرورة القضاء على أذرع إيران في الشمال أو في أي منطقة عربية، وسنكون جزءاً من أي تحرك خليجي أو عربي. لذلك فمن حق الجنوبيين المطالبة بحقهم السياسي بكل وضوح، وأقل ما يمكن منحه الجنوبيين هو استفتاء شعبي ليقرر هذا الشعب مصيره، وليكن ما يختاره الجنوبيون ويقرروه محل اختيار كونه إرادة شعبية مكفولة بالقانون الدولي وفي نظر الشعوب والأنظمة التي تحترم إرادات الشعوب. وقد يكون في ذلك &ndash كما نعتقد &ndash حلاً أساسياً للأزمة في اليمن، وبشكل عام، لا زلنا في حالة حرب وحتما ستنتهي هذه الحرب بحلول سياسية سيكون للجنوبيين فيها خياراتهم.
ميادين الشرف والبطولة
ثمن اللواء عيدروس المواقف والأدوار البطولية لقوات التحالف، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة وجهودهما في إنقاذ بلاده من دوامة العنف والتمزق والضياع، وقال «نترحم علی شهداء التحالف وعلى رأسها دولة الإمارات الذين قضوا في ميادين الشرف والبطولة، وهم يرفعون وسام النصر والشجاعة دفاعاً عن شرف الأمة». وأضاف : «التضحيات التي قدمها أبناء وطني من أجل الحرية ومن أجل مستقبل آمن للأجيال القادمة، وبالتالي، فنحن نتطلع إلى حلول سياسية توازي حجم هذه التضحيات، وهنا نترحم على كل شهدائنا الأبطال، وسنبقى أوفياء لدمائهم وأهدافهم