وعاد الجنوب (رياضياً)!
فشلت المكونات والقوى السياسية الجنوبية في توحيد الصف والخروج برؤية توافقية لمسار العمل الثوري والسياسي للحراك الجنوبي المتطلع لاستعادة دولته وفك ارتباطه بأكبر غلطة في التاريخ الجنوبي بدخوله في وحدة (الضم والإلحاق) مع (هبل) العصر الرئيس (الشمالي) السابق علي عبدالله صالح الذي سعى لطمس الهوية الجنوبية وتاريخها منذ الوهلة الأولى للتوحد (المزعوم)، كنتاج للحقد والغل في نفسه وأنفس كثير من القوى التقليدية والقبلية على دولة النظام والقانون في الجنوب.
فشل المكونات الجنوبية في توحيد الصف كان ماثلاً- على ما يبدو- أمام جمعية أحرار رياضيي الجنوب التي استلهمت التاريخ الرياضي التليد في الوطن المنكوب وأعادت رسمه ولو بصورة أخرى من حيث الدعوة وتبنيها لإقامة دوري كروي لأندية النخبة – آنذاك- بمشاركة منتخب محافظة حضرموت لتعلن عن ميلاد أول دوري (تشطيري) خارج إطار (العفن) الكروي المصّدر من صنعاء، وهي الفكرة التي نالت استحسان وإعجاب كل الأطر الرياضية في الجنوب، وتداعت الفرق الرياضية للحضور والمشاركة في دوري (الاستقلال) بعناصرها الكروية التي يقف أمامها التاريخ الرياضي بإعجاب واقتدار.
وما إن أعلنت صافرة البداية حتى هرولت الجماهير الرياضية العاشقة للفن الكروي والهندسة صوب ملعب سالم علي بالمعلا لمشاهدة ذلك الجيل الذهبي الذي لن يعوض أبداً، ويكفي القول –واجري على الله- إن أسوأ لاعب في ذلك الزمن الجميل (زمن الرياضة والفن) بمثابة منتخب وطني بمقياس أهل الرياضة والدخلاء عليها اليوم، يقول النجم الكروي السابق عزيز الكميم إن الدوري في الجنوب سابقاً (دوري انجليزي) لقوة التنافس، وتقارب المستويات، وما يحمله من إثارة ومتابعة جماهيرية.
قد يقول قائل إن المنتخبات الجنوبية لم تحقق انجازات تضاهي هذا التغني بالماضي الجميل، ونقول- قد يكون ذلك صحيحا- لكن تلك المنتخبات والفرق لا تخرج من الميدان إلا وبصمتها واضحة، فهي تقارع كبار المنتخبات والفرق، ولا ترفع الراية البيضاء من البداية، ويمتزج العرق والدم (إذا لزم الأمر) بأرضية الملعب وهذا نابع من حب الانتماء للوطن والغيرة على فانلته والحرص على سمعته، بعكس ما نراه خلال سنوات القحط الرياضي الحالية، فلا انجازات، ولا بصمات، ولا روح، ولا فن، والأقسى من هذا كله لم يعد الانتماء موجوداً!.
جميل ما فعلته جمعية أحرار رياضيي الجنوب بلم الشمل وهزيمة أهل السياسة هزيمة مدوية، من خلال تبنيها لهذا (الفعل الثوري) الذي أعاد المتعة الكروية المفقودة منذ (اختطاف الجنوب) وجميل الحضور الجماهيري الذي تكتظ به المدرجات والأجمل الحضور الطاغي لعندليب التشجيع الرياضي (خالد حداد) والأهازيج الممتعة التي يشدو بها إلى جانب رابطة المشجعين لتضفي على الحدث رونق رائع من التفاعل واكتمال بدر النجاح، ما يجعل جسمك يقشعر وتطلق زفرة (آه) للتعبير عن أوجاعنا مما أصابنا من (وحدة الفيد والضم والإلحاق)!!.