أحداث أخيرة ودروس متأخرة..
يمكننا القول أنه بعد الأحداث الأخيرة لم يسلَم الإنسان العربي من مرض جديد قديم، هو مرض الخوف من أخيه المواطن. فالأحزاب تخاف من بعضها، والجماعات تخاف من بعضها، وكل فريق يَعد العدة لمواجهة الآخر، إما طمعاً في تحصيل منفعة ضيقة، وإما خوفاً من فوات مصلحة موجودة.
والثمرة النهائية لكل هذا الصراع هي خسارة الجميع بالطبع، ليس فقط أطراف النزاع، بل خسارة ركاب السفينة جميعاً، أفراداً وجماعات. وهي نتيجة عرفتَها أمم من قبلنا،بجوارنا في الجهة الشمالية من الكرة الأرضية. وخلصت منها إلى دروس وعبر، منها: أن الفرز والتحشيد على أسس نفعية ضيقة كالطائفية والمذهبية والعرقية والحزبية، لا تؤدي إلى خير. وأن السلامة والخير هما في الفرز على أسس موضوعية كبرامج تحسين الصحة والتعليم والطرقات والخدمات العامة.
ليس مهماً– في عُرف العقلاء– أن تكون ليبرالياً أو إسلامياً، إصلاحياً أو حوثياً، بل المهم هو ما تقدمه هذه العناوين للإنسان في دنياه قبل آخرته.. ولا معنى لهذه العناوين إن لم يكن هدفها الإنسان وترقيته وإسعاده .. بل ينبغي ألا يكون لها وجود أصلاً ، إذا كان هدفها أو ثمرتها هي المزيد من الشقاء والعناء والشقاق والصراع الاجتماعي.
ويبدو أن من طبع الإنسان ألا يتعظ بغيره، وألا يفهم الدرس إلا بعد قارعة تصيبه .. قارعة تهدر عليه فرصاً وأوقاتاً وجهوداً عزيزة ، كان ينبغي أن يقطع فيها أشواطاً في تحسين وضعه ، الذي من قوانينه أن يتأخر إذا لم يتقدم .. ولعل هذا هو معنى "الكبَد" الذي تحدث القرآن عن علاقة الإنسان به: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ)_البلد4.