لحج في مصيدة الفوضى
لاول مرة اقضي في محافظة لحج سبع ساعات متتالية رغم انها محافظتي التي انتمي اليها , والتي كانت كافية لمشاهدة الوضع القاتم الذي يعيشة سكان هذه المدينة المنكوبة "سياسيا واقتصاديا ومعيشيا" بعد عقود من الزمن عاشت فيه رائدة بالامن والاستقرار والتنمية , وكل ابناءها يتفاخرون بعطاءها الجميل والمتنوع . كانت اليوم زيارتي لها كافية لقراءة الصورة التي تعيشها , فحيمنا دلفت قدمي مدخل محافظة لحج عند الساعة الثالثة عصرا كان ابرز المشهد هو عسكرة للحياه فغادرت الشارع متجها الى مكتب احد الزملاء لكي يبارح عقلي هذا الخيال الخبيث , غير ان الوضع يزداد قتامه لاشي هناك سوا الخوف والقلق ,فقررت ان اخرج من موقعي عند الساعة التاسعه مساء وانا اتمنى ان تتغير الصورة من ذهني , لكنها ارتسمت اكثر وانا اشاهد الشارع وهو مظلم وازقة وشوارع رئيسية تملؤها اكياس القمامة والقاذورات , حاولت أطمن نفسي من خلال التوغل الى قلب السوق فلم اراء سوى اناس قليلون واغلبيتهم ملثمون وكأنهم في حلبة صراع , وضجيج المواطير هو الانيس الذي يواسي عدد من اصحاب المحلات التجارية بينما الاغلبية كما يبدوا لي غادروا محلاتهم لغياب الامن والامان. الظلام وغياب الامن هناك هو سيد الموقف , المشهد يوحي وكأننا في قرية نائية مظلمة لم تصلها خدمة الكهرباء والبنية التحتية وليس في قلب الحوطة عاصمة محافظة لحج , فتسددت امامي كل ابواب الأمل التي تجعلني اجد شيئ أطمئن بالامان , فقد تصتاد حياتك رصاصة من جوارك لن يستطيع احد يحدد مصدرها حتى وان تحركت سرية من الجنود لتتبع الجاني , فحالات القتل تشهدها المحافظة بشكل شبة يومي , وقضايا تقيد ضد مجهول - مدينة اكتملت ملامحها ان تكون أشبة بالاشباح والخوف يحاصرك من كل جانب. عندما قررت ان اعود الى عدن تجاوزت الخط الذي يمر من امام مستشفى ابن خلدون ,واذ بالخط مقطوع بالحجارة من قبل افراد الامن المركزي الذين كانوا يلوحون لي بايديهم التي تحمل "الاتاريك اليدوية" في اشارة ان اعود من حيث اتيت لكون الطريق مغلقة ,خوفا على انفسهم من اي استهداف - فاذ كان رجال الامن يخافون من خفافيش الظلام فمن الذي سيحمي المواطن المغلوب على أمره؟ - المشاهد لم تنتهي في شارع واحد وعلى بعد امتار , فعندما استجبت لطلب افراد الامن المركزي لم امضي سوا بضع دقائق حينما كنت ابحث عن طريق اخر توصلني للخط العام لفت انتباهي نفر من الجنود عند بوابة ادارة امن المحافظة يحتمون بخوف خلف عبواة مملؤاه بالرمال ولسان حالهم مغصوبين في مهمتهم , وجاهزية امنية ضعيفة ربما لم تستطيع ردع شلة من الخارجين عن القانون – فالوضع يبرهن بوضوح ان محافظة لحج في " مصيدة الفوضى مع سبق الاصرار والترصد" فهل يفهمها ابناء المحافظة ويحافظون على ماتبقى لهذه المدينة.