سينتصر رهان بناء اليمن الجديد
ماعاشه اليمن من خلافات وصراعات وحروب وأزمات طوال مايزيد عن نصف قرن من تاريخنا المعاصر بلغت تراكماته ذروتها بأحداث الحراك الشبابي الشعبي السلمي عام 2011م - الذي هو التجسيد اليمني لما يسمى الربيع العربي وبمعنى معين امتداد للحراك الجنوبي – لتفرز مسارات تداعيات تلك الأحداث تحديات وأخطار وضعته وطنًا وشعبًا على حافة كارثة الانهيار والسقوط في أتون نار حرب أهلية وفوضى تهدد بتشظيته إلى كيانات متصارعة.. ولتجنب هذا المآل المدمر كان لابد من مخرج سياسي سارع أشقاء اليمن في مجلس التعاون الخليجي وأصدقائه من المجتمع الدولي إلى المساعدة والإسهام في بلورته لتكون المبادرة الخليجية التي هدفت إلى تحقيق انتقال سَّلس وبصورة سلمية للسلطة ليستوجب ذلك قبول شخصية وطنية قادرة على تحمُّل قيادة البلاد في تلك الظروف والأوضاع الخطرة بالغة الصعوبة والدقة والحساسية تجمع عليه ليس فقط أطراف الأزمة من القوى السياسية وإنما الشعب اليمني كله وهو الأخ الرئيس المناضل عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية الذي منحه اليمنيون جميعًا ثقتهم في 21 فبراير 2012م، ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم اثبت أنه في مستوى المهمة الوطنية الإنقاذية لبلد ودولة وشعب أوشك الانزلاق في كارثة ماحقة متصديًا لتحدياتها وأخطارها على الصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري والأمني بحكمة وصبر الواعي المستوعب لتشابكات وتعقيدات تداخلات الأزمة في أسبابها وعواملها الذاتية والموضوعية ممسكًا بخيوط حساسية التعاطي معها لاسيما إذا عرفنا حجم الانقسامات الرأسية والعمودية التي شملت الوضع السياسي والمجتمعي والأخطر امتدادها إلى المؤسسة العسكرية الدفاعية والأمنية والأسوأ في كل هذا التركة المهولة من القضايا والمشاكل الموروثة من فترات وعقود سابقة.. لكن ورغم هذا كله تمكن بحنكة وشجاعة وكفاءة واقتدار من العبور باليمن في دروب ومسالك وعرة رغم تفخيخها بألغام وأشراك المعيقات والعراقيل التي اعترضت مسارات تنفيذ المبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار الوطني وهي لم تنتهي بعد ويتصدرها الإرهاب والتخريب والعنف والصراعات المسلحة والاغتيالات والتقطعات والقائمة تطول.. ومع ذلك نجح في الوصول بالتسوية السياسية إلى مرحلتها النهائية وهي الأصعب لأن القوى والأطراف - التي تعتقد خطأً أن حفظ وحدة اليمن واستقراره وإعادة بناء نظامه السياسي على أسس دستورية جديدة يتعارض مع مصالحها- أكثر شراسة وتدميرية من أي وقت مضى من مراحل التسوية السياسية.. وقد عبرت عن ذلك في خطابها الإعلامي والسياسي غير المسبوق المصاحب لما افتعلته من الأحداث التي شهدها الوطن في الآونة الأخيرة ومازالت تتصاعد أشكالها الإرهابية والعنفية المسلحة وتعزيزها باختلاق أزمات لعل أبرزها أزمة المشتقات النفطية والتي أراد البعض توظيفها لغايات ومرامي تعيد اليمن إلى المربع الأول وما تحت الصفر.. رهاناتهم سقطت.. يبقى رهان بناء اليمن الجديد هو المنتصر.
*رئيس اتحاد منظمات المجتمع المدني -عدن