حينما ينالك الأذى
تمر اللحظات ثقيلة .. رتيبة .. ويغادرك الفرح في سفر قد يطول .. وتنتهي بك الممكنات إلى تبني خيارات لا تألفها من قبل .. هي لحظات معجونة بحرقة القهر وألم الروح المنسدل كغيوم الشتاء وهي تجوب سمائك وتسوق إلى باحتك الهادئة ضجيجا من نشاز القرابة .. في برهة مترهلة تثاقلت وتمددت طولاً وعرضا لتشغل كل فراغ كان شاغراً للبراءة وهمس الحنين .. لتكشف فجأة من تحت عباءتها عن قبح المشاعر الحيوانية وغزارة الحقد يتدفق بسفه بليد وسلوك حيواني منفلت .. هي لحظات قد تمر عليك بلا سابق إنذار .. تَسْقُطْ على وجودك الإنساني كقطع الليل البهيم .. وتترك على زوايا روحك جروح غائرة قد لاتندمل أبداً .. تتساءل بحسرة ووجع لماذا يجمع بعض من تضن أنهم سندك .. قوتك .. ظهرك الذي تحتمي به كل هذا الكم الهائل من العداء المتصادم نحوك ..تحترق بصمت حتى ينالك منهم الأذى في النفس والجسد.. وما زلت حائراً تتساءل ولا تجد في نفسك المحبطة أي تفسير !!
تترقب بقلق وتتحسس حرارة الدم المتدفق في أوردتك بتسارع مخيف .. كل شيء صار مصبوغ بلون الدم .. شيء ما لا تفهمه قد تشكل هناك خلف الجدران الميتة حيث لا كبير يردع ولا عاقل يتفهم .
تتساءل كم من الوقت قد مر لتتشكل تلك اللحظات المشحونة بالعنف والجهل ونزق الغباء .. وكيف تمكنت حبائل المكر لتفجر تلك الطاقات الكامنة بالحقد الأعمى صراخاً سوقياً مقززاً وثقافة ساقطة منحطة في وجهك .. رشقات من الانحلال الخلقي كالرصاص طالت الاحياء والأموات.. كل هذا وأنت لا تدري كيف يحدث هذا و لماذا ؟ .. حينها لا تسعفك قدراتك على الصمود .. تنهار قواك .. يتحول لسانك إلى قطعة ميتة من اللحم بين فكيك .. وشيئا فشيئا يعصف بك الحدث كالإعصار وتبرز أمامك حقيقة صادمة تبكيك بمرارة ..
يمر الوقت بطيئاً .. رتيباً .. مملاً .. وعيناك شاخصتان مذهولتان بما يدور حولك .. لا يقوى تفكيرك في تحديد اتجاه الخطر الذي سوف يداهمك فبعض من حولك وجوههم تنضح بالشر المكبوت وكأنك فريسة حان تمزيقها .. يداهمك تيار جارف من الأحاسيس المبهمة .. يوشك أن يقتلع جذور اتزانك فتتمسك بحبال الصبر لتقمع تجمهر المشاعر المحتدمة في ذاتك .. لتهدي من روعك .. وتنسف مشاريع المواجهة بخيار الهروب .. ويصبح المتاح تبني الخسارة طلبا للنجاة من براثن فتنة نائمة يحاول الحمقى استدعائها من العدم .. فتتناسى بان كرامتك قد أهينت !! وتذهب بجسدك بعيدا تتعسف الألم وقهر الرجال وتحمل انكسار الروح لتنعم بقليل من الأمان حتى لا ينفرط العقد وتتطاير حباته في طريق الغواية والخطيئة المشحونة بالوهم المميت .. فتجنح للسلم وتقهر كبريائك تجنبا للسقوط في هاوية الاضطراب وحتى لا تتحرك غرائز التدافع البشري في الذات وتتحرر أنظمة الحماية التلقائية وتفقد السيطرة .. كل ذلك قد يحدث في زمن مكثف بغيض يتوارى فيه العقل وينتصب الجنون خنجراً مسموم يمزق جدار روحك ويمتزج الأسى بحرقة القهر وتتسربل الأحزان كسفا كستائر الليل المظلمة .. فينتفض في صدرك باعث الغضب .. وتنهار القواعد .. حينها ستبدأ جوارحك المكلومة فعلاً متسلسلا للتدمير قد لا يتوقف أبدا ..
يمر الوقت وتتكثف غيوم الكآبة وتتحر المشاعر من القيود فتبكي .. وتبكي وتبكي .. ثم تهيم على وجهك في ألم قد يطووووول