مروان الغفوري
نقطة نظام من قرية لوط
الأربعاء 11 يونيو 2014 12:26 صباحاً
صديقي شوقي القاضي، صباح الفل.
التقيتك أول مرة في العام 99. سألتني عن اسمي. وانت تقلب أوراقك علقت: اسم موسيقي. حاولت، وكنت في ال 17، أن أجرك خطوة للأمام. قلت لك: كعادة الموسيقى. بلؤم علقت: ليست كل الموسيقى جميلة.
سأدافع عن حزب الإصلاح بعد ذلك. إنهم جماعة تحب الموسيقى، أي الجمال. لم أجد في أدبيات الإسلاميين ما يسند دفاعي سوى اعترافك قبل سنين بأن اسمي جميل، لأن به رنة موسيقية. في أفضل المواقف كان الإسلاميون يقولون إن الموسيقى ليست شراً. لكنهم نادراً ما قالوا إنها رائعة. أنت لا تتذكر هذا الموقف، بكل تأكيد.
علي أن أذكرك بأمرين اثنين: أحدث الدراسات العلمية، إنجليزية وصينية مشتركة، قالت قبل أسبوعين إن ثمة أصلاً بيولوجياً للمثلية الجنسية. وأن المرء لا يختار أن يكون مثلياً.
كانت دراسة أكبر قد توصلت قبل عام إلى استنتاج يقول إن المثلية الجنسية هي "شكل آخر من أشكال التعبير الجنسي، أو متغير طبيعي". البابا فرانسيسكو، الأكثر حداثة، قال لوسائل الإعلام وهو عائد من البرازيل قبل أشهر: من أنا لأحكم على الناس، الرب وحده يملك المغفرة، ويملك أن يحكم.
هذه الملاحظات أضعها أمامك بوصفك تنشط في مجال حقوق الإنسان. هل ستقتل اليافع، أو اليافعة، الذي يعاني من ميول مثلية قاهرة بسبب وقوعه تحت تأثير بيولوجي جواني قاهر، كما يقول العلم؟
هل لدى حزبك من تقدير آخر للظواهر الطبيعية غير الحكم عليها بالإعدام؟
إذا سجل كاتب ما اعتراضاً ضد تصرفات حزبك فهذا لا يعني أنه يشيطنه. كما أن نقد أداء حركة الإخوان، بما فيها ذلك النقد الذي يصفها بالإرهاب، لا يمكن أن يكون صادراً عن مثلية جنسية.
فالهوموسيكشواليتي، أو المثلية، لا تعرف علمياً بوصفها الكتابة ضد حزب الإصلاح. بل الميل الجنسي "الغريزي" تجاه نفس النوع. عندما يقول كاتب شاب "إن الإصلاح سيساعد على الدخول في حرب طائفية" فليس لهذه الجملة من معنى جنسي. هي تعبير لغوي وليست استمناء يستهدف الحزب. علمياً قد تحتوي هذه الجملة على نسبة من الدقة، تزيد أو تقل. وقد تكون دقتها مساوية لدرجة الصفر.
هذه ملاحظة هامشية.
الملاحظة الثانية، حول مجهولي النسب. أي أبناء الزنا. قلت في مقالتك إنهم الذين يتطاولون على حركة الإخوان. ثم عدت بتوضيح قلت فيه إن الأطهار لم يتحسسوا من جملتك هذه. فقط الذين أصابتهم ومست حقيقتهم . معادلتك الحاسمة: الشعور بالاشمئزاز من عباراتك هو معادل مادي لكون المرء ابن زنا.
كنت متأكداً من جودة معادلتك وأخلاقيتها. حتى إنك لست مستعداً، طبقاً لتوضيحك، لتعديل كلمة واحدة فيها.
بصرف النظر عن اشمئزاز المرء من كلماتك فهي صادرة عن شخص ينتمي إلى أطهر جماعة عرفها التاريخ!
ومهما ستصدر من كلمات عن هذه الجماعة فلا ينبغي أن تنال من هذه الحقيقة الإلهية.
أنت تعمل في مجال حقوق الإنسان وتعلم جيداً أن هذه العبارة قذرة ونازية، ومسجلة خطراً. وأن الإنسان المتحضر لا يحتقر الإنسان الآخر مهما كان "الشكل الاجتماعي أو الجنسي" الذي جاء من خلاله. ثلث الأمهات الألمانيات، بحسب تقارير رسمية، مربيات وحيدات لأبنائهن. أي لديهن أبناء وفي الغالب بلا زواج. وأن أولئك الأمهات، وكذلك الأبناء، هم الذين منحوا اليمن أكثر من 80 مليون يورو لتبني بها جوامع وجامعة إسلامية، وتطعم الفقراء الصائمين في رمضان.
تتحدث عن الإخوان المسلمين الجماعة الأكثر طهراً في التاريخ. حسناً، تعتقد كل فئة من الناس إنها طاهرة حتى أن الملائكة تحسدها على ذلك.
الجماعة التي حشدت ألوفاً في الاستاد قبل 30 يونيو،وعبر قناة 25 يناير تنشد الألوف بطريقة جهورية: لبيك واجعل من جماجمنا لعزك سلماً.
لم تكن هناك من حرب. كان هناك خلاف حول رئيس الوزراء، وكانت الجماعة ترد بهذا النشيد.
طهارة، أليس كذلك؟
لماذا تحول خصومها إلى نازيين؟
الإجابة: استخدم هؤلاء كلمة جماجم في خطابهم السياسي السابق لثلاثين يونيو: محمود عزت، محمد بديع، البلتاجي، حجازي، العريان، .. ومنصة رابعة.
هل من الطهارة تفخيخ اللغة السياسية بمصطلحات من قبيل: الجماجم، الرؤوس، الشهادة، الموت، الجثث؟
هل توجد أي جماعة سياسية عاقلة مهما بلغت حدة المعارك السياسية ضراوة تلجأ لهذا القاموس؟
حسناً،
الذين يشيطنون الإخوان هم أحفاد قرية لوط،كما بشرتنا.
قرأت في كلامك عبارات في مديح تحالفات الإخوان مع القوى العلمانية. لم ينظف الإخوان دفاترهم القديمة بعد. في تلك الدفاتر يعيش اليسار الماركسي واليسار القومي والليبرالية الحديثة، حتى قصيدة النثر، في رتبة أعلى من درجة الشيطان.
لا يزال أعضاء حزبك في اليمن يدرسون كتب سعيد حوى. في كتب حوى يعيش الشياطين الذين هم أيضاً حلفاؤك سياسياً..
خارج الإخوان توجد قرية لوط.
داخل الإخوان يوجد "اليوم الموعود"..
خلال نصف قرن كان تنظيم الإخوان ينظر إلى الخريطة ولا يرى اليمن. لا يوجد مثقف إخواني واحد خارج الحدود أفرد لليمن خمسة أسطر طيلة حياته. إخوان مصر لا يعرفون أين تقع اليمن. فقد كانوا يعلقون منشورات في طب عين شمس تستشهد ببعض المقولات عن الإعجاز العلمي لوزير الإعلام اليمني عبد المجيد الزنداني!
الإخوان أطهر جماعة عرفها التاريخ، يقول شوقي..
الإخوان سلالة من الشياطين، يقول بعض خصوم الإخوان.
النسبة الكبيرة من الناس تعتقد إن الإخوان ليسو طاهرين ولا شياطين.
وأنهم عندما يلقون خطاباً سياسياً يتحدث عن الجماجم فهم يستعيرون قاموس الشيطان، وعندما يمجدون الإنسان ففي هذه الحالة فقط يكونون أطهاراً، مثل الآخرين الممجدين للحياة ولقداسة الوجود..
صدمني إيمانك أن الإخوان أمل الأمة، وضميرها.
وبصرف النظر عن هذا اليقين الميتافيزيقي المذهل فلا يزال لدي سؤال:
كيف سيتعامل الإخوان مع مجهولي النسب وسلالة قرية لوط وعملاء الخارج وبقايا النظام والروافض والمأجورين؟
وما هو حجم الأمة بعد استثناء كل هؤلاء؟
وهل يعتبر مقالي هذا نزوعاً مثلياً، أم زلة فرويدية تكشف الستار عن نسبي المجهول؟
هذا الصباح تعرفت ساره، رفيقتي، على شابه إسرائيلية في مقهى بوسط أمستردام. بينما أنا منشغل بكتابة هذا المقال سمعتهما تتحدثان بالإنجليزية عن السلام والعيش المشترك. ربما استشهدتا بما حدث بين ألمانيا وفرنسا بعد حربين عالميتين.
قلت لساره، وهي فلسطينية: هذا حلم بعيد المنال. يوجد الكثير من المتدينين على الجانبين وهذا أمر يجعل من السلام موضوعاً بالغ الصعوبة.
ربنا كبير.
م. غ.
نقلاً عن صفحة الكاتب على فيسبوك