شركة عدن للأمن والسلامة

  

مقالات
عبدالرحمن شكري

مواجهة الارهاب .. والسكوت عن مصادره.

الأحد 18 مايو 2014 11:25 مساءً

 ادى السكوت على الارهاب او تشجيعه للانتصار على الآخر، كما حدث للجنوب عام ٩٤، وعدم المناصحة والمكاشفة بين العلماء والأحزاب والأجهزة المعنية، الى تغوله في مؤسسات الدولة وفي المجتمع والى زيادة الكلفة في مواجهته عسكريا. اصبحت المواجهة العسكرية ضرورية ولكن ينبغي في نفس الوقت من العمل على تجفيف مصادره الفكرية والمالية والبشرية كونه اصبح خطرا يهدد الجميع ويعيق التنمية والأمن والسلم المحلي والدولي ويظيف المآسي على مستوى الأسرة والمجتمع. ولقد لفت نظري مأساة الأسرة من عدن التي رأت فلذة كبدها، وهو الصبي بعمر الزهور مقتولا، بعد مشاهدة صوره على الصحف الاخبارية او في شاشة التلفاز او في شبكة الانترنت وهو ملقيا على الأرض وكان في صف عصابة الارهاب التي تقاوم الدولة في معارك شبوة.. وقد شوهد محملا بالمواد المتفجرة وسلاح القتل، دون ان تعرف او يستأذنها ولدها او توافق على ذلك.. وواضح انه تعلم ان يكره اسرته ولم يخفض لوالدية جناح الذل من الرحمه، كما يعلمنا الاسلام. وكذا الأسر الأخرى التي يختفي اولادها دون علمها ثم يعلموها بقتله في العراق او سوريا او دماج او اي مكان آخر. ولم يكن نقطة ضعف هذه الأسر غير انها ركنت الى المساجد في حفظ اولادها من التأثر بأخلاقيات الشارع المتدهورة هذه الأيام.. انها اعتمدت على المسجد في ان ينهل اولادها من الأخلاق السمحة للاسلام في المحبة والتسامح وكذا التعلم من القرآن والسنة الصحيحه في صفاء الذهن وحسن اللغة واتباع روح الاسلام في تجاوز المعاصي واتباع السلوك الأفضل في التعامل مع الغير بأدب واحترام ومن اجل صلاح الاسرة والمجتمع. ركنت الى المسجد وهي تعلم ان للمسجد حرمة مقدسة وأنه يخضع لاشراف الأوقاف والدولة واجهزتها بشكل عام كدولة مسلمة .. فكيف يحدث هذا التحريف لعقلية الأطفال؟ وهي في اهم مرحلة من الاستيعاب والحماسة وتحويلهم الى ادوات جامدة لخدمة عصابات الموت بعد تجريدهم من اهداف الدين الحق وصلاح الأسرة والمجتمع، فتغسل ادمغتهم حتى يصبحوا مجرد قتله لإخوانهم المسلمين دون استيعاب الأسباب. وأين علماء المسلمين واطرهم؟ وأين عيون الدولة ووزاراتها واجهزهتها من هذه العملية المتكررة من عدة عقود؟. وفي نفس الوقت هل يمكننا ان نلوم الأسر التي ركنت الى المساجد في توعية اولادها دينيا؟ ربما انها تتحمل مسئولية ايضا، لأن الأمر يتكرر من عقود وكان على الأسر ان تتنبه لهذه المهلكات وتراقب اولادها. الا ان مسئولية علماء الدين الوزارات المعنية كالأوقاف والتربية والأجهزة الأمنية والتربوية تتحمل المسئولية الأهم. وهل الأحزاب تتحمل مسئولية ؟ اعتقد ان دور الأحزاب ليس فقط ان تصب جهدها من اجل السلطة ولكن مثل هذه الجرائم لاشك تجبر الأحزاب ان تستفيق لوضع حد لها عمليا.. وان السكوت عنها هو مشاركة في خلق مصادر الارهاب والعنف في المجتمع .. لقد فقدت الأحزاب جديتها في التناصح بينها لوقف هذا الحال والسكوت عنه. وفي نفس الوقت وقوف المؤسسات التشريعية مثل مجلس النواب ومجلس الشورى متفرجة على نمو ثقافة هذا الجيل الذي لا يهمه الأمن والاستقرار ولكن القتل والاستمرار في القتل تحت دعاوي مختلفه.. ولا بد لي ان اشير ان المجالس المحلية وقيادات المحافظات اهملت هذه الجوانب وهي اللبنة الأولى في نشأة الأجيال. ان الجميع ساكت وصامت على وجود المعسكرات في كل محافظة لتدريب وتأهيل البشر في هذا الاتجاه .. وان المدارس بل والجامعات ربما تؤهل منظرين ومعلمين لهذا التوجه الذي يكفر المجتمع ويشجع على القتل والترهيب دون وجود مناصحة في اطار المجتمع او الأحزاب او الأعيان والوجاهات. ولأن الجميع سكت على هذه التصرفات فنتائجها على مجتمعنا مدمر .. والذي حدث في محافظة ابين من تدمير وطرد سكانها سوف يتكرر في محافظات أخرى . وان المجتمع يدفع ثمنا غاليا بالسكوت عن من يصنع هذه الجرائم تحت الشعارات الدينية المخالفة لسماحة الاسلام وسلميته. لقد تأثرت كثيرا بمأساة تلك الأسر التي تفقد اولادها في محرقة صراع لا ناقة لهم فيه ولا جمل. وفي نفس الوقت ان الجنود البواسل الذين يتصدون لهذه العصابات التي خرجت عن تعاليم الاسلام الحنيف وترتكب القتل وتدمير مؤسسات الدولة والمجتمع فإنهم يضحون بأرواحهم ضد الارهاب في سبيل خلق الاستقرار والأمن . ان الدولة تنفق كثيرا من مواردها في معارك ضد الارهاب مجبرة على تصفيته بينما كان يمكن ان تذهب تلك الموارد لما يحتاجه المجتمع. ان الارهاب آفة كبيرة وبدون تجفيف موارده ومصادره البشرية بكل شجاعة وبالاتفاق بين الدول العربية والمجتمع الدولي خارج المصالح المدمرة للغير، فسوف ينتشر في كل دولنا العربية وسوف تزداد كلفة اعادة السلم والأمن لمجتمعاتنا، وحتما سينتهي لأنه بلا هدف ولا افق له في المستقبل. والارهاب اليوم ينتشر في الدول العربية بثروتهم وفكرهم ودمائهم. فليستفيقوا لتجفيف هذا الفكر للحفاظ على ثروتهم وارواحهم وليندفعوا الى التنمية والتطور لتعويض شعوبهم والأجيال القادمة.